دولي

انطلاقة حماس بعدسة المشهد

القلم الفلسطيني


حماس تحتفل بانطلاقتها (28)، ودولة العدو تهدد بحرب جديدة، ومعبر رفح يزيد من معاناة غزة المحاصرة، وانتفاضة القدس تدخل شهرها الثالث، وملادينوف ممثل الأمم المتحدة يقدم رجلًا ويؤخر أخرى في مقاربة حلول غزة. هذه ربما عناوين ملفات هي من العناوين الرئيسة لمشهد غزة، والأراضي المحتلة، في يوم احتفال حماس بذكرى انطلاقتها السنوية.
في هذا المشهد وبالذات احتفال الانطلاقة استمعنا لكلام متفائل بزوال دولة العدو في الفترة ما بين 2022م- 2027م، وقد أحال المتحدثون هذا التفاؤل إلى توقعات الشيخ أحمد ياسين رحمه الله، وإلى غيره ممن يحاولون قراءة المستقبل من منطلقات (إشارية إيمانية)، مثل دراسة الشيخ بسام جرار، وهذا تفاؤل وأمل نحبه، وندعو الله أن ييسر أمر تحققه. ولكن الغريب والمدهش خارج هذا السياق الإيماني، أن تجد دراسات سياسية أميركية منشورة، ومبنية على تحليل سيناريوهات مستقبل دولة العدو تتحدث أيضًا عن احتمالية كبيرة لزوال دولة العدو وانهيارها ذاتيًا من الداخل في التوقيت الزمني المذكور آنفًا، وتتحدث هذه الدراسات عن هجرة (2.5) مليون إسرائيلي عائدين إلى أميركا، وهجرة مليون روسي عائدين إلى روسيا، لشعورهم بأنه لا مستقبل للدولة العبرية التي يعيشون فيها. كلنا أمل ونحن نقارب المتغيرات (المحلية، والإقليمية، والدولية)، أن تكون في صالح شعبنا ومقاومته، وأن يتحقق هذا الزوال والانهيار في الزمن القريب. ومن ثمة يجدر بنا أن نقارب، نحن الفلسطينيين، انتفاضة القدس (انتفاضة السكاكين، والدهس، والمقاومة الفردية) بما تستحق في ضوء هذا الأمل، لأنها واحدة من أدوات الشعب الفلسطيني الإبداعية في ممارسة حقه في الدفاع عن نفسه، وهي انتفاضة ربما تنتهي بخروج المحتل من الضفة مكرهًا، كما خرج من غزة مكرهًا، إذا ما حظيت هذه الانتفاضة بدعم مكونات الشعب، وبرفع يد أجهزة أمن السلطة عن معارضتها. لقد انتظر الشعب الفلسطيني القادة العرب، وقادة المجتمع الدولي طويلًا، لكي يساعدوه على أخذ حقوقه المشروعة في حدها الأدنى، ولكنه عاد منهم ومن طول انتظارهم (بخفي حنين) كما يقولون، وأدرك منذ انتفاضة الحجارة قبل ما يقارب من ثلاثة عقود أنه كان مخطئًا في انتظار الآخرين، وأن عليه طلب حقه بنفسه، وفرض مطالبه على الآخرين بمقاومته وانتفاضته، وهو الآن ينظر للآخرين كعامل مساعد، وإلى مقاومته في الميدان كأصل. ما زالت الأمم المتحدة ممثلة في مؤسساتها، وفي ملادينوف ممثلها، تقارب حقوق الشعب الفلسطيني في غزة والضفة والقدس باستحياء، وبدون فاعلية، كفعل ساعي البريد تمامًا، أو كسيارة إطفاء عند الأزمات الحادة، وهذا هو ممثلها يتحدث لحماس ولغزة بلغة مكررة عن الموظفين والمعابر، وهو يعلم حجم فشل مقترحات سابقه روبرت سيري في هذه وتلك وفي معالجة كيس الإسمنت؟!. إذا كانت الأمم المتحدة فاشلة في معالجة كيس الإسمنت، فهي في غيره من الموضوعات أفشل، وإن الجواب على فشلها هي مقاومة من يمنع الإسمنت ويحاصر غزة، ويحتل الأرض، بكل الوسائل، وليس لدى غزة والضفة ما تخسره، بل العكس يمكن لغزة والضفة أن تتقدم بالمقاومة.

د. يوسف رزقة

من نفس القسم دولي