الوطن

خبراء يتحفظون على المبادرة ويتوقعون فشلها

السعودية تتمدد استراتيجيا عبر تحالف إسلامي لمحاربة الإرهاب

 

  • العقيد خلفاوي: نواجه حرب مفاهيم، والحرب العسكرية لوحدها غير مجدية !!
  • المختص التونسي مقني: "الرياض تورطت مع اليمن وتحاول توزيع المسؤوليات على حلفائها!!"


أعلنت السعودية عن تحالف إسلامي عسكري شاركت فيه 34 دولة إفريقية أوروبية وعربية لمحاربة ظاهرة الإرهاب في العالم العربي يكون تحت قيادتها بمساهمات مالية للدول المشاركة، في حين تخلفت الجزائر عن الانضمام إليه، حيث أرجع الخبراء الأمر إلى الغموض الذي يكتنف هذا التحالف الذي جاء في وقت تأكد فيه الجانب السعودي عجزه عن الخروج من الورطة اليمنية، وأوجسوا خيفة من توسط الجزائر لدول كلها أبدت موافقتها للمشاركة وعلى رأسها تونس، المغرب ومالي والنيجر وليبيا.
وكشف ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع، الأمير محمد بن سلمان، عن عزم أكثر من 10 دول أخرى الانضمام إلى تحالف إسلامي عسكري كانت الرياض قد أعلنت إطلاقه لمكافحة الإرهاب، يضم 17 دولة عربية إلى جانب 17 دولة إسلامية، في وقت أشارت فيه وكالة الأنباء السعودية قائلة " أن 34 دولة قررت، وانطلاقا من "تعاليم الشريعة الإسلامية السمحاء وأحكامها التي تحرّم الإرهاب تشكيل تحالف عسكري لمحاربة الإرهاب بقيادة المملكة العربية السعودية".
وسينسق التحالف "مع الدول المهمة في العالم والمنظمات الدولية" في محاربة الإرهاب، وفق ولي ولي العهد الذي أشار إلى محاربة "الإرهاب عسكريا وفكريا وإعلاميا بالإضافة إلى الجهد الأمني الرائع القائم حاليا".
وانضمت كل من الأردن والإمارات والبحرين وتونس والسودان والصومال وفلسطين وقطر والكويت ولبنان وليبيا ومصر والمغرب وموريتانيا واليمن وجمهورية القمر، أما الدول غير العربية، فهي باكستان وبنغلاديش وبنين وتركيا وتشاد وتوغو وجيبوتي والسنغال وسيراليون والغابون وغينيا وكوت دي فوار والمالديف ومالي وماليزيا والنيجر ونيجيريا.
وحسب الخبير الأمني أحمد ميزاب، فإن الجزائر تتحفظ على هذا المشروع العسكري لأنها ترى فيه غموضا في المضمون والأهداف مشددا على أن الأولى بالسعودية والمنتمين إلى تحالفها البحث عن السبل الحقيقية لحل الإشكالية الإرهابية في العالم الإسلامي وليس التوجه إلى عسكرة المنطقة بشكل ينعكس سلبا على الجزائر التي ترمي إلى إيجاد حلول سلمية كفيلة بنقل العالم العربي إلى بر الأمان، في ظل التجاذبات الحاصلة فيه واستغلال السلاح لمقاتلة الكيان الصهيوني بدل استغلاله في التقاتل البيني، مشيرا إلى أن التجربة السعودية في دحر الحوثيين كفيلة بإقناع السعوديين أن محاولتهم العسكرية في حل النزاع باءت بالفشل ولم تحقق أي نتائج، بل وزادت في تعقيد الأمور أكثر فأكثر، وتساءل عن جدوى هذا التحالف الذي تزامن وخلق تحالفين اثنين لمحاربة نفس العدو ممثلين في كل من التحالف الدولي وآخر روسي، معتبرا أن هذا المشروع سيربك المجتمع الدولي الذي لا يزال يشكو من إشكالية المصطلحات والتعريف الموحد للإرهاب.
نفس الرأي ذهب إليه العقيد السابق في جهاز الاستعلامات والأمن الذي أوضح أن الجزائر تواجه حرب مصطلحات باعتبارها حددت مفهوم الإرهاب والذي لا تتوافق فيه مع الغرب ولا تتوافق مع الأسلوب السعودي في محاربته، والذي قال إنه يفتقر إلى الإجراءات المكملة له باعتبار أن المملكة تعتمد وحلفاءها على الجانب العسكري، في حين أن الظاهرة تستدعي جهودا أكثر من ذلك تمتد إلى الحرب الفكرية والديبلوماسية والاجتماعية، قائلا أن خبرة الجزائر في محاربة الإرهاب خلال العشرية السوداء جعلتها تتأكد أن ميادين كثيرة يجب الخوض فيها قبل اتخاذ خطوة القتال.
من جانبه لخص المختص في الشأن الأمني التونسي نزار مقني دواعي التحالف الإسلامي الجديد في الحربين التي وجدت السعودية نفسها محاصرة بينهما والذين تحس الرياض من خلالهما بخطرين هما المد الإيراني في سوريا واليمن وكذلك الخطر الإرهابي المتمثل أساسا في داعش، "ويأتي هذا الحلف في وقت نعرف فيه أن السعودية شكلت حلفا عربيا للحرب ضد الحوثيين في اليمن، لكن يبدو أنه لم يأت أكله فقررت التوسع فيه ليشمل دول منظمة التعاون الإسلامي ولتطلق عليه تسمية "الحلف الإسلامي" لمواجهة الإرهاب، وذهب الخبير أبعد من ذلك معتبرا أن السعودية اليوم بدأت تستشعر خطر الدواعش بعد الهجوم الإرهابي الذي ضرب الأسبوع الماضي مركزا للحدود مع العراق، حيث تخشى من دخول التنظيم وتمدده نحو أراضيها وأبرزها نحو المنطقة التي تضم أكبر حقول النفط السعودية، "من هنا يمكن أن نفهم أن السعودية بدأت تحس من القلق الذي بات قريبا منها وهي تدرك جيدا أن الحرب التي دخلتها في اليمن بدأت في استنزافها شيئا فشيئا، خاصة وأنه لا يوجد تقدم لقواتها على الأرض هناك لذلك فإنها تسعى من جهة لأن لا تتورط أكثر هناك بمفردها وبصفة أقل مع الإمارات العربية وتوزع المسؤوليات أكثر على بقية المنضوين إلى الحلف".
وقال أن الحلف يأتي في توقيت صعب من الحرب ضد الدواعش في العراق، حيث ما تزال الحرب ضدها تراوح مكانها بل أن التقدم الطفيف الذي أحرزه العراقيون في الرمادي قد يدفع الدواعش إلى زيادة توسيع رقعة الحرب والدخول إلى التراب السعودي، وكذلك إلى التراب الاردني، وذلك لزيادة رقعة المناورة والالتفاف على القوات التي تحاربها، ويأتي هذا التحالف كذلك في وقت رفضت فيه دول الحلف الغربي لمحاربة داعش مواجهة التنظيم بريا، بل قالت إنها تدعم قوات برية عربية تحارب بريا في وقت ستتكفل هي بالغطاء الجوي، مشيرا " في وقت تسعى السعودية للبروز في صورة الزعيمة على العالم الإسلامي وكذلك لتحسين صورتها المهتزة بأنها هي التي كانت أول من دعم هذه التيارات الجهادية القائمة على الفكر الوهابي، وهو المذهب الرسمي والديني الذي قامت عليه المملكة والذي بموجبه قامت بدعم الأفغان العرب في أفغانستان أيام الحرب ضد السوفيات في الثمانينات والذين تطوروا ليكونوا القاعدة وحركة طالبان في التسعينات والعشرية الأولى من القرن 21 ليصلوا فيما بعد إلى الجيل الثالث من الجهاديين المتمثلين أساسا في تنظيم "داعش" الذي استنبط تكتيكات حربية ليكونوا رقما صعبا في المعادلة الجيواستراتيجية الجديدة في المنطقة بعد أن كانوا منذ سنة 2011 من الأوتاد الذين استندت عليهم السعودية وقطر في الحرب ضد النظام السوري قبل الانشقاق عن الجيش الحر في سوريا

أميرة. أ.

من نفس القسم الوطن