الوطن

الدستور القادم بين قوة تحميه وثقات يصنعونه

تشكيلة غابت عنها رسائل توافق وطمأنة



استوقف كثير من المتابعين للشأن السياسي تشكيلة الاجتماع المصغر الذي ترأسه رئيس الجمهورية لمدارسة تعديل الدستور وإبقاء اجتماعاتها مفتوحة إلى غاية استكمال المشروع الذي يعد الخطوة الأخيرة في الإصلاحات السياسية التي وعد بها الرئيس، وكان لافتا للانتباه حضور الفريق القايد صالح نائب وزير الدفاع الوطني وقائد الأركان، ورغم أن بعض التفسيرات جاءت لتؤكد أن حضور الفريق طبيعي بصفته مسؤولا عن الجيش المكلف دستوريا بحماية الجمهورية والتي يعد الدستور وثيقتها المرجعية.
التشكيلة ضمت أيضا مستشاري الرئيس المتخصصين في القانون مثل ما هو الحال بالنسبة لبلعيز الذي يعد من رجالات الرئيس وأحد الشخصيات المحورية التي كان لها دور في الإصلاحات المختلفة بدءا بالقضائية وانتهاء بالإدارة أثناء إشرافه على وزارة الداخلية، كما يدرك جيدا الاحتياجات القانونية والدستورية في المرحلة القادمة وهو نفس التشخيص لوزير العدل طيب لوح الذي حتى وإن لم يخف طموحاته السياسية لكنه لا يتجاوز الحدود المرسومة وهو أيضا ممن يستشارون في هندسة الخريطة السياسية المستقبلية بقبعتين الأولى حزبية والثانية إدارية قانونية ووجودهم في لقاء الرئيس مع كل من أويحيى الذي يحضر وهو يدرك أن حظوظه المستقبلية اندثرت مثله مثل عبد المالك سلال وأن وجودهم لاعتبارات لوجستية بحكم مناصبهم كما أنهم كانوا مكلفين من قبل بإنجاز مشروع التعديل والذي تأخر كثيرا عن موعده، يضاف إلى أن أويحيى هو من أشرف على حوارات الدستور مع مختلف القوى الوطنية.
أما السيد بوعلام بسايح فهو رئيس المجلس الدستوري سابقا ويعد من إطارات الدولة الذين ساهموا في الدساتير من قبل لإعطاء لمسة الاستمرارية وعدم وجود القطيعة.
الأسماء لا يمكنها أن تعطي رسالة للقوى السياسية لأن الرئيس اعتمد على الولاء والثقة ولم يوسع اللقاء إلى من يمكنهم المساهمة في تحقيق توافق أو حتى يحملون رسالة مطمئنة للمعارضة خاصة في هذه الفترة الحرجة، كما أن بيان الرئاسة جعل من اللقاء على أنه إنهاء للسوسبانس الموجود حول الدستور ولم يكن موجها للرأي العام الوطني بقدر توجهه إلى دوائر أخرى.
التشكيلة المعلن عنها أيضا جاءت لتبعث برسالة طمأنة للجيش في الوقت الذي يقال الكثير حول محاكمات الجنرالات والحملات المنظمة على بعض رموز الجيش حتى وإن اختلفوا مع القيادات الحالية وخاصة أن أغلب القادة الذين أصبحوا يعبرون عن امتعاضهم ورفضهم لما يحدث حتى من خلال وسائل الإعلام يقرأ مواقفهم عند البعض بأنها حالة من القلق والترقب تميز النخب في القطاعات المختلفة في البلاد.
 حضور الفريق القايد صالح ربما يساهم في أن الجيش لازال القوة التي تستشار ولا يمكن إقرار القضايا الكبرى دونه، ولكن مثل هذه الرسائل غير المكتملة هي التي جعلت بعض الشخصيات السياسية تطالب مرارا إلى أدوار أكثر تقدما من بعض الوجوه العسكرية بمن فيهم القايد صالح لاحتواء المشهد العام في البلد الذي يعد إخراج الدستور فيه لا يمكنه المساهمة في التهدئة بقدر ربما الزيادة في التوتر والقلق خاصة مع غياب الحد الأدنى من التوافق المجتمعي والحزبي وارتفاع التراشقات الإعلامية والاصطفافات الوهمية البعيدة عن رغبات الشعب ومطالب الرأي العام الوطني

خالد. ش.

من نفس القسم الوطن