دولي

39 قانوناُ عنصرياً في 5 أشهر

القلم الفلسطيني



أقل من خمسة أشهر لعمل البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) منذ انتخابات آذار (مارس) الماضي، كانت كافية لأن يُدرج على جدول أعماله 39 مشروع قانون عنصري، ومناهض لقيام دولة فلسطينية، منها سبعة قوانين بادرت لها الحكومة بذاتها. وحتى الآن، أقر الكنيست نهائياً ثلاثة قوانين، بينما أربعة قوانين أخرى في مراحل التشريع المتقدمة، وقد تُنجز في غضون أسابيع. وهذه ليست مجرد إحصاءات، بل هي ترسم الوجه الإسرائيلي الصهيوني العنصري المستشرس. في قراءة لمشاريع القوانين، نرى أن ما يطغى على قسم كبير منها هو الطابع التفصيلي الدقيق لعرقلة حياة الفلسطيني، أينما وجد في فلسطين التاريخية، وملاحقة حتى كل من نطق ضد الاحتلال. وهذا يدل على أن كتاب القوانين الإسرائيلي قد أنجز منذ سنوات القوانين العنصرية العامة كافة، ذات البعد الاستراتيجي، وأولها بعد النكبة، قوانين "تنظيم" سلب الأرض الفلسطينية (42 قانوناً)، وقانون منع عودة اللاجئين الفلسطينيين، ولاحقاً كل قوانين تضييق الخناق على فلسطينيي 48، وبعد العام 1967، ما يضيق الحياة على الشعب الفلسطيني في وطنه التاريخي. وكما قيل هنا أكثر من مرّة، فإن كتاب القوانين الإسرائيلي بات، بشكل خاص في السنوات العشر الأخيرة، مرشداً لأشد الأنظمة العنصرية. وكان من الممكن أن يكون مرشداً لأنظمة عنصرية بائدة في القرن الماضي، في أوروبا وأفريقيا، إذ أن قوانين السنوات الأخيرة، وهي تعد بالعشرات، باتت تتركز أكثر في الحياة التفصيلية للإنسان الفلسطيني. ومن أبرز القوانين الأخيرة، تلك القوانين السريعة التي تستهدف المقاومة الشعبية الفلسطينية، بمعنى تلك غير المسلحة. وقد بدأت بالإطعام القسري للأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، ثم سلسلة قوانين تجعل من إلقاء الحجر "جُرماً" يوازي السلاح الناري، بفرض أحكام بالسجن حدها الأقصى 20 سنة، وحدها الأدنى 3 سنوات. ما يعني أن كل من يُعتقل بـ"تهمة" إلقاء حجر، حتى من دون أن يصيب أحدا، فإن بانتظاره 3 سنوات في السجن كحد أدنى، لكن الأحكام ضد الفلسطينيين نادراً ما تكون في حدها الأدنى.
وحالياً، يجري تشريع قوانين تجيز محاكمة الأطفال الفلسطينيين تحديداً، دون سن 14 عاماً. وحتى الآن، دون تحديد عمر حد أدنى، سيكونون معرضين لأحكام بالسجن لسنوات طوال أيضاً على إلقاء حجر، بعد تعريفه "القانوني الجديد". ومثل هذا القانون سيكون ناجزاً على الأغلب في غضون أشهر قليلة. كذلك هناك سلسلة من مشاريع القوانين التي تحارب الكلمة والتعبير عن الرأي، ومشاريع قوانين تحارب المراكز الحقوقية، وتجعلها "عميلة لجهات أجنبية" وغيرها.
وقائمة القوانين المطروحة من الصعب أن يتصورها العقل الإنساني السليم. وهذه الحكومة ماضية بسن قوانين بتشجيع مباشر من رئيسها بنيامين نتنياهو، وهي تدعم سلسلة من القوانين العنصرية التي يبادر لها النواب، وأولهم نواب حزب "الليكود" الحاكم، الذين بادروا لأكثر من نصف هذه القوانين. ورغم هذا المشهد الماثل أمام العالم كله، إلا أن هناك جهات دولية تقبل بالبدعة الصهيونية التي تعتبر "إسرائيل" "دولة قانون" و"دولة ديمقراطية". ونرى "إسرائيل" وساستها يتحركون بحرية في العالم تحت هذه البدعة. تُعلّم تجارب التاريخ أن لا حدود لأي فكر وحركة قائمة أساساً على العنصرية، لأنها تبدأ بالجمهور العدو المستهدف، ولاحقاً تبدأ بضرب شرائح في الجمهور الذي يشكل قاعدة انطلاقها. وهذا ما نشهده في الحركة الصهيونية، التي تأسست على فكر عنصري إرهابي، قائم على اقتلاع شعب من وطنه. فمن ضمن مشاريع القوانين المطروحة منها ما يصيب فئات إسرائيلية ذات توجهات ليبرالية تقدمية، لا علاقة لها بالصهيونية. وأكثر من هذا، فحتى الأسبوع الماضي، بات مدرجا على جدول أعمال الكنيست أكثر من 60 قانوناً متعلقاً بعلاقة الدين بالدولة، قسم قليل منها يسعى إلى تحرير النظام من القيود الدينية المتشددة، لكن غالبيتها تريد تشديد قبضة الدين بشرائعه المتشددة على تفاصيل الحياة اليومية. وهذا انعكاس لما يجري في الشارع الإسرائيلي، من تطرف ديني صهيوني إرهابي، بات يضرب أيضاً الجمهور الإسرائيلي العام، وليس الفلسطينيين وحدهم.
كل الدلائل تشير إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد ذروات أقسى في الإرهاب الصهيوني، فكراً ونظاما حاكماً.
برهوم جرايسي

من نفس القسم دولي