الوطن

الحكومة التي فشلت في تسيير قفة رمضان كيف ستسيّر ملف دعم 10 ملايين جزائري دون فضائح؟!

بعد أن رضخت الحكومة لمقترحات "الأفسييو" وقررت منح أجرة للمعوزين مقابل تحرير الدعم


•    رشيد بوجمعة: الحكومة لها تجارب سيئة فيما يخص الدعم المباشر للعائلات المعوزة

باتت نية الحكومة في التخلي عن دعم أسعار المواد الاستهلاكية واضحة وأمرا واقعا خاصة بعد تصريحات وزير المالية الأخيرة التي اقترح بموجبها توجيه الدعم المخصص للمواد واسعة الاستهلاك للعائلات المعوزة مباشرة بعد إحصائهم في بطاقية وطنية، لتكون هذه الخطوة معززة للمطالب التي سبق للأفسييو أن اقترحها منذ مدة عندما قال رئيسه حداد أن زمن السوسيال انتهى، لكن ما يجهله بوخالفة وقبله حداد أن تجارب الحكومة الجزائرية في قضية الدعم المباشر للعائلات المعوزة أغلبها فاشلة وخير مثال على ذلك قفة رمضان التي تعرف كل سنة فضائح بالجملة وبيروقراطية وفسادا في التسيير.
تحاول الحكومة ومنذ انهيار أسعار النفط إيجاد بدائل جبائية للخزينة العمومية من خلال فرض عدد من الضرائب على المواطنين ومراجعة سياستها الاقتصادية الاجتماعية خاصة فيما تعلق بدعم المواد الأساسية، ولعل ما حمله قانون المالية لسنة 2016 خير دليل على رغبة الحكومة في التخلي تدريجيا عن سياسة الدعم بل واسترجاع ما أنفقته السنوات الفارطة على هذه السياسة، وقد اقترح وزير المالية نور الدين بوخالفة في آخر نقاشات قانون المالية لسنة 2016 توجيه الدعم الاجتماعي إلى الفئات المحرومة دون سواها، وقال الوزير بأن الحكومة تفكر في منح أجرة ثانية لأكثر من 10 مليون جزائري في شكل دعم مباشر مقابل رفع الدعم وتحرير أسعار المواد الاستهلاكية تدريجيا، مشيرا بأن الحكومة بصدد وضع منظومة جديدة تسمح بكشف المتحايلين لاستبعادهم من قائمة المستفيدين من الدعم المباشر، وقال بأن الانتقال من نظام دعم الأسعار الذي يستفيد منه الجميع إلى دعم مباشر للعائلات المعوزة سيستغرق 3 سنوات. مؤكدا بأن الحكومة بصدد وضع قائمة للعائلات التي ستستفيد من هذا الدعم، الذي يشمل الموظفين والعمال الذين يتلقون أجورا تقل عن 40 ألف دينار، ولمح الوزير إلى إمكانية رفع أسعار بعض المنتجات واسعة الاستهلاك على غرار الزيت والسكر والحليب بنسبة 50 بالمائة خلال 3 سنوات، بوخالفة الذي عزز نظرية "الأفسيو" تحت عنوان "انتهى زمن السوسيال" لم يكشف عن قيمة الأجرة التي تريد الحكومة منحها لأزيد من 10 ملايين جزائري وفي ما إذا كانت ستكفي العائلات المعوزة لتغطية احتياجاتها وتضاهي حجم الدعم الذي كانت تقدمه الدولة للمواد الاستهلاكية، وهل ستتمكن الحكومة من تسيير محكم لهذه العملية خاصة وأن الوزراء المتعاقبين على الداخلية والتضامن فشلوا على مدار سنوات في تسيير ملف قفة رمضان التي توزع مرة في السنة لعدد لا يتجاوز الآلاف من المعوزين وليس 10 ملايين جزائري، كما أغفل الوزير أن البيروقراطية المنتشرة في إداراتنا والفساد والمعريفة والمحاباة يمكنها أن تحول عدد الـ 10 ملايين جزائري المعني بالدعم الذي يتحدث عنه بوخالفة على 20 مليون جزائري من معارف وأصحاب القائمين على العملية ومن المتحايلين والمزورين في كشوف الأجرة، ليقدم الدعم مرة أخرى لغير مستحقيه، وقد يحرم منه الآلاف من المعوزين الحقيقيين.

•    رشيد بوجمعة: الحكومة لها تجارب سيئة فيما يخص الدعم المباشر للعائلات المعوزة

وفي هذا الصدد أكد المحلل الاقتصادي والمالي رشيد بوجمعة أن الحكومة ومنذ بداية الأزمة بسبب انهيار أسعار النفط كانت تفكر في رفع الدعم كونه يمثل إرهاقا للخزينة العمومية في ظل تراجع المداخيل، مضيفا أن مواصلة الحكومة السير في هذا الاتجاه خلال تعاملها مع الأزمة الاقتصادية الحالية سيؤدي إلى انهيار اجتماعي زيادة على الأزمة المالية والاقتصادية التي تشهدها الجزائر والتي تظهر تداعياتها حسب بوجمعة في الفوضى التي تعيشها المؤسسات، وتناقض خطاب المسؤولين. وقال بوجمعة أن إقرار الحكومة زيادات في أسعار الكهرباء والغاز وكذا الوقود وفرض مزيد من الضرائب على المواطنين لا تعدوا أن تكون مجرد إجراءات مسكنة لحل أزمة آنية، تهدف للحصول على موارد إضافية تعوض انهيار أسعار النفط حيث قال أن هذه الخطوة ستكون لها العديد من الإسقاطات السلبية على الاقتصاد الوطني والأوضاع الاجتماعية والتي تحاول الحكومة تجنبها منذ سنوات من خلال سياسة شراء السلم الاجتماعي التي تبنتها منذ سنوات، وأضاف بوجمعة أن قرار رفع أسعار الوقود والكهرباء والزيادة في الأسعار اتي تعرفها مختلف المواد الاستهلاكية يضر بالاقتصاد الوطني بقدر ما يخدمه، حيث أنها تعد بمثابة ضغوطات على القدرة الشرائية المتدنية للمواطن الجزائري في الوقت الحالي، في شكل ضرائب غير مباشرة ستؤدي إلى رفع أسعار خدمات أخرى ما سيترتب عنه مشكل التضخم، معتبرا القرار الذي اتخذته الحكومة في ظل الأزمة المالية يخدمها فقط. وحول نية الحكومة توجيه الدعم بشكل مباشر للعائلات المعوزة قال بوجمعة أن بوخالفة لم يعط تفاصيل دقيقة لتطبيق مثل هكذا مقترح خاصة فيما تعلق بشروط الاستفادة من دعم الدولة، وكذا سبل توزيع ومراقبة هذا الدعم خاصة وأن الجزائر لها تجارب سيئة فيما يخص الدعم المباشر للعائلات المعوزة وأعطى بوجمعة مثالا بقفة رمضان التي تشهد كل سنة فضائح في التسيير وبيروقراطية واختلاسات وتبذير للمال العام.
•    مسلم للجزائريين: قانون المالية 2016 لا يهدف إلى تفقيركم!!

من جهتها أكدت وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة، مونية مسلم سي عامر، أن قانون المالية 2016، لم يتخل عن الفئات المعوزة والهشة بل كرس مفهوم أن الدولة الجزائرية دولة اجتماعية بامتياز ولن تتخلى عن مواطنيها، مؤكدة أن الرئيس بوتفليقة لن يرهن مستقبل الجزائريين بأيادي ضيقة.
واعتبرت وزيرة التضامن الوطني خلال نزولها ضيفة على فوروم الإذاعة، الإثنين، أن الجدل الذي صاحب مناقشة قانون المالية ظاهرة سياسية صحية، داعية إلى عدم تخويف الجزائريين من هذا القانون مؤكدة أن الحكومة لن تتخلى عن سياسة الدعم الاجتماعي ومجانية العلاج وإلزامية التعليم ومساعدة الفئات الهشة والمعوزة، وقالت مونية مسلم أن قانون المالية 2016 ليس "قرآنا" منزلا وهو خاص بالسنة المقبلة فقط، مشيرة إلى أن بوتفليقة لن يرهن مستقبل الشعب الجزائري بين أيادي ضيقة وهو الذي يسعى من خلال البرنامج الذي سطره إلى توسيع الطبقة المتوسطة بعيدا عن الطبقية، مشددة على أن قانون المالية 2016 لا يهدف إلى تفقير الجزائريين كما تم الترويج له، بل يهدف إلى ترشيد النفقات العمومية وهو ما تسعى إلى تجسيده في قطاع التضامن الوطني من خلال إعداد البطاقية الوطنية للمعوزين والفئات المعوزة التي بحسبها ستجسد فعلا معنى التضامن الوطني من خلال تطهير هاته القوائم التي كشفت عملية تحيينها على مستوى بعض الولايات أن الكثير من المواطنين يتحايلون من أجل الاستفادة من منحة المعوزين.
وفي هذا الصدد، أشارت ضيفة فوروم للإذاعة إلى أن بطاقة التعريف الوطنية البيومترية التي تعكف وزارة الداخلية على إصدارها ستتضمن شريحتين الأولى تتضمن المعلومات الشخصية للمواطنين أما الشريحة الثانية فتتضمن المعلومات الأخرى منها درجة المستوى المعيشي، الصحة، ومستوى التعليم، مؤكدة أن عصرنة الإدارة ورقمنتها سيسمح بتطهير البطاقية للمعوزين سيما أن عملية تحيين هاته القوائم ببعض الولايات كشفت أن حوالي 20 بالمائة من المستفيدين من المنح لا يستحقونها، مشددة على ضرورة تعريف من هو "المعوز" الحقيقي بكل شجاعة لأن الفقر ليس عيبا كما أضافت.
وطمأنت وزيرة التضامن الوطني الفئات الهشة والمعوزين الحقيقيين بأن الدولة لن تتخلى عنهم وستستمر في سياسة الدعم الخاصة بهم.

من نفس القسم الوطن