دولي

الرعاية الأميركية

القلم الفلسطيني


 
في يوم من أيام الهزيمة العربية على المستوى الداخلي قبل المستوى الخارجي زعم الرئيس الراحل أنور السادات أن 99٪ من أوراق الحلّ في يد الولايات المتحدة الأميركية. وانطلاقا من هذه القناعة أنجز السادات اتفاقية كامب ديفيد، وسار على نهجه من ثمة ياسر عرفات ومحمود عباس فأنجزا اتفاقية أوسلو برعاية أميركيا. كان الإنجاز على الجبهتين هزيلا في النظرة الوطنية والقومية، فلم تحلّ مصر قضاياها من خلال الاتفاقية، وظلت خاضعة ليقودها واستحقاقاتها حتى اللحظة، وكذا لم تحلّ أوسلوا قضايا الحق الفلسطيني رغم مفاوضات أكثر من (20) عاما، برعاية اميركا.
قبل يومين زار جون كيري المنطقة بعد انقطاع لعام كامل، والتقى الطرفان وبحث سبل وقف الانتفاضة الشعبية الفلسطينية، وانتهى إلى فشل، وعاد إلى وطنه وأدلى في بوسطن بتصريحات تعقيبا على الزيارة نقلتها الوكالات قائلة: " حذر وزير الخارجية الأميركي جون كيري، من تدهور النزاع بين "إسرائيل" والفلسطينيين بحيث إنه يمكن أن «يخرج عن السيطرة». وقال، «إننا قلقون للغاية حيال العنف وإمكانية خروج الوضع عن السيطرة». وأضاف كيري، «في الأشهر الماضية قمنا بتشجيع الطرفين على اتخاذ خطوات إيجابية لخفض حدة التوتر وإبداء التزام صادق بالعمل من اجل حل الدولتين». وقال، أن زعماء إسرائيل والفلسطينيين وصلوا إلى نقطة حاسمة وأن الأمر متروك لهم لاتخاذ قرارات مهمة تؤدي إلى سلام دائم. وتابع، أن الولايات المتحدة تشجع الجانبين على اتخاذ «خطوات إيجابية» للحد من التوترات وإبداء التزام فعلي تجاه حل الدولتين". إنك إذا تأملت جيدا تصريحات كيري هذه تجدها تنفي نفيا تاما أمرين: الأول - أنها تنفي مقولة (99٪) من أوراق الحل في يد أميركا، وتبث كذب وجهل من قال بها، أو اتخذها منطلقا سياسيا في حلّ أزمات بلادة، فأميركا في علاقاتها مع إسرائيل لا تملك قرارا يخالف القرارات الإسرائيلية، وإذا خالفت إدارة اوباما يوما ما تريده إسرائيل، قامت "إسرائيل" بإهمالها، وتحريض الكونجرس ضد سياستها. أميركا دولة عظمى وقوية، ولكنها لا تستخدم قوتها البتة ضد إسرائيل. والثاني- أن رعاية جون كيري لا تزيد عن رعاية (إطفائية)، وكيري يعمل عمل رجل الإطفاء فقط. ومن ثمة لا تتم المعالجة الجذرية للأسباب اشتعال النار. ويمكنك إذا كان لديك شك، أن تنظر في تصريحات جون كيري آنفة الذكر، فإنك ستجدها نيئة فاقدة القيمة، ولا تحرك مياه راكدة، وها هو يرجع القرار إلى طرفي النزاع، وهو حين يقول بهذا الإرجاع يحكي كلاما خاطئا أو مضللا ؟!  والصواب أنه يرجعه لإسرائيل فقط، لأنها هي الطرف الأقوى الذي يملك القرار. ومن ثمة يمكن القول: أن جون كيري يدعم بأقواله آنفة الذكر موقف حكومة نيتنياهو ويضغط على الطرف الفلسطيني للعودة إلى المفاوضات، بحسب رؤية نيتنياهو بغرض وقف الانتفاضة والهبة الشعبية. يجدر بنا أن نعتبر، وأن نغير مفاهيمنا الخاطئة، ونقول: أن (99٪) من أوراق الحلّ هي في أيدي الفلسطينيين أنفسهم.

أ. د. يوسف رزقة

من نفس القسم دولي