الوطن

عودة التنافس على النفوذ والسلطة ورسم خريطة المستقبل

أمام انشغال القوى الدولية بأمنها الداخلي




انطلق التحضير لمبادرة الأفلان من خلال تخصيص مقر وتفريغ إدارة متكاملة لا تعطي الانطباع أنها مطالبة فقط من أجل مبادرة سياسية محدودة الأهداف والبرنامج، ويتضح من خلال الإجراءات التي تصاحب هذه المبادرة أنها ترتكز على الجوانب الإدارية أكثر من تركيزها على الجوانب السياسية، مما غلب رؤية أنها مبادرة لمضمون غير معلن أو بالأحرى استعداد لما يمكن أن يحدث في مستقبل الأيام بدءا بتعديل الدستور ووصولا إلى الاستحقاقات المحتملة.
ورغم حرص قيادات الأفلان على أن المبادرة مرنة ولا تتشبث بأي فقرة من محتواها بقدر حرصها على تجميع أكبر عدد ممكن من الأحزاب والجمعيات والشخصيات الوطنية، وواضح أن المطلوب أرقام تزيد من مشروعية ما هو مطلوب أكثر من نقاش حول مضمون يمكن أن يختلف فيه، وهو نفس الأسلوب المعتمد منذ فترة من السلطة القائمة في البلاد.
المجموعة الجديدة ستوافق على تعديل الدستور القادم بعد ضمان التمرير عبر البرلمان بغرفتيه نتيجة تركيبته ووجود أغلبية مريحة مهما كان عدد أصوات المعارضة، وفي الأرقام التي ستدعم المبادرة ستوجه رسالة للرأي العام الدولي بأن أغلبية المجتمع موافق على المسار القادم.
القراءات الموجودة حول الدستور القادم أنه سيتجاوب مع وضع البلاد المؤقت وخاصة الحالة الصحية للرئيس وتأمين مسار الانتقال "السلس" للسلطة وفق رغبة المتحكمين في القرار الآن، كما أن المشرع سيحاول الإجابة عن كل "التشكيك" أو آراء المعارضة في موضوع إثبات حالة الشغور التي يبدو أنها أصبحت مزعجة للجميع وأن استقبالات الرئيس للوفود الأجنبية أصبحت غير مقنعة، إضافة إلى التطورات الأمنية الكبيرة التي تعرفها مختلف نقاط الجغرافية. حالة التأهب التي تعرفها قوات الأمن بل حتى زيارة نائب وزير الدفاع الوطني للناحية العسكرية الأولى رغم أنها تدخل في سلسلة الزيارات التي قام بها قائد الأركان إلى مختلف النواحي العسكرية إلا أنها أشرت على وجود مخاوف أمنية وسياسية محتملة يصعب الحديث عنها علنا.
البعض يشير إلى حراك غير معلن في أروقة الساسة النظاميين عسكريين ومدنين، ونقاش حول بدائل محتملة بل أكثر من ذلك ربما إعلان على رئاسيات مسبقة تفسرها الاستعدادات الموجودة لكل طرف.
المعارضة ورغم استمرار تحضيرها لمؤتمر مزفران 2 إلا أنها بعيدة على أن ترجح طبيعة النظام القادم ورموزه وبعض العارفين بإشارات الرئيس في رسالة أول نوفمبر الأخيرة وخاصة فيما تعلق بموضوع رقابة الانتخابات وإمكانية أن تكون ضمن الدستور القادم إنها رسالة موجهة للجيش أكثر من توجهها إلى المعارضة وأن الرئيس القادم يتم اختياره وفق إرادة شعبية بعد ضمان دعم أغلب مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب دون التي انخرطت في مسار هيئة الحوار والتشاور.
الوضع السياسي الحالي وخاصة بعد انشغال فرنسا بقضاياها الداخلية ووجود تهديدات حقيقية لأمنها القومي ودخولها في متاهات إصلاحات دستورية وأمنية وقضائية عميقة سيقلل من ضغوطاتهم على الخريطة السياسية الجزائرية وستحرص كل الأطراف المتنافسة على الاستفادة من هذا الوضع بشكل يتناسب مع أجندتها ومقارباتها.
خاصة أن كثيرا من المراقبين يعطون للعامل الخارجي حجما كبيرا فيما حدث في الجزائر من إصلاحات سياسية وأمنية، ومن المتوقع أن تشهد الجزائر حراك واسع أساسه التكفل بمطالب القوى الدولية في الأمن والاستقرار في المنطقة والذي تحرص القوى الدولية على شراكتها مع القوى الأمنية والجيش أكثر من حرصها على السياسيين


سليمان شنين

من نفس القسم الوطن