الوطن

مسلمو فرنسا يجددون تمسكهم بدينهم ورفضهم للإرهاب

رغم عودة الإسلاموفبيا بعد أحداث باريس الأخيرة


 


تنامى خطاب اليمين المتطرف في فرنسا بعد أحداث باريس الأخيرة، والأكثر من ذلك اعتبر المراقبون أن الإجراءات التي اتخذها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أكثر يمينية منها صلة باليسار، مما يقلل من إمكانية إيجاد سياسة فرنسية معتدلة في الفترة القادمة اتجاه المسلمين عموما، وبدى واضحا أن الإسلاموفوبيا أصبحت تأخذ أشكالا قانونية بعد أن كانت مجتمعية وكان أبرزها إعلان السلطات الفرنسية عن إغلاق ما يقارب 100 مسجد وإمكانية ترحيل أئمة لمجرد أفكار يحملونها يمكن أن تكون محل اختلاف ونقاش مجتمعي.
ويتخوف كثير من المسلمين من تنامي مظاهر الإسلاموفوبيا في البلاد وقد سجل المرصد الوطني لمناهضة الإسلاموفوبيا أن الاعتداءات والتهديدات التي تنال المسلمين في البلاد ازدادت أربعة أضعاف خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي مقارنة بالفترة نفسها من السنة، وأنه تم تسجيل أكثر من 32 مظهرا من مظاهر الإسلاموفوبيا في البلاد خلال الأسبوع الماضي، بما في ذلك مطالبة ثلاث بنات بخلعهن الحجاب.
ورغم أن الأرقام المسجلة بعد الأحداث الأخيرة أقل بكثير من تلك التي سجلت بعد شارلي إيبدو إلا أن المسار القانوني الذي سلكته السلطة الفرنسية أصبح أكثر تخوفا من بعض التصرفات الفردية التي تأتي من هنا وهناك.
ويحتج المسلمون الفرنسيون على عدم إعطائهم الفرصة الكافية لتبيين موقفهم وشرح الإسلام الصحيح من خلال الهيئات التي تملك المصداقية لدى عموم المسلمين.
وزادت حدة النقاش في وسائل الإعلام الفرنسي حول وجود دول تشرف على المساجد في فرنسا أمام تنصل السلطات الفرنسية من تمويل بناء المساجد أو التكفل بصيانتها أو بموظفيها بالنظر إلى الدستور الفرنسي الذي ينص على اللائكية رغم أن هذه المواقف ليست نفسها مع الكنائس وأماكن العبادة لليهود.
كما ارتفعت أصوات فرنسية في منابر إعلامية على ضرورة توقيف بعض المنظمات الإسلامية الفرنسية بما فيها المعتدلة في إشارة إلى اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا وحاول البعض اعتبار قرب الاتحاد من الإخوان فكريا كشبهة كافية للحل رغم أن الإخوان أكثر التنظيمات الإسلامية إدانة للعنف والإرهاب.
كما كان للجمعة الماضية دور محوري حيث حرص أغلب الأئمة على تأكيد موقفهم من الأحداث وإدانتهم لأعمال العنف والإرهاب وحرصهم على التعايش وقيم الجمهورية، كما عبر أغلب الأئمة على أن أغلب الإرهابيين ليس لهم صلة بالمساجد وأنهم يتلقون الفتاوى من الشبكات العنكبوتية وأن أغلبهم أيضا لم يكن لهم التزام مسبق في المساجد وأن المساجد يتخرج منها شباب متدين رافض للعنف والإرهاب وأن المفروض هو دعم المساجد وتمكينها من أداء رسالتها بدل التهجم عليها والتحامل عليها.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك مؤسسات إسلامية فرنسية تعمل على تكوين الأئمة وفق منهج وبرنامج يأخذ بعين الاعتبار الواقع الفرنسي والتحديات والمشاكل الحقيقية التي تواجه المسلمين في فرنسا.
وتطرح الإجراءات التي أعلن عنها الرئيس الفرنسي ورئيس حكومته عن مدى جدية التعامل مع مجلس الديانة الإسلامية الذي وجد نفسه خارج التشاور في هذه المرحلة الحساسة التي تمر به فرنسا، بل أن نداءات جرت من رئيسه تعبر عن رفض المسار الذي اتخذته السلطات الفرنسية دون أي استجابة وخاصة من الدول المغاربية التي تتعاون بشكل كبير مع باريس لدرجة أن أجهزة الاستخبارات الأوروبية لم تتعاون مع نظيرتها الفرنسية مثل التعاون الذي تبديه الدول المغاربية بشكل واضح، وكان لزيارة السبسي ثم محمد السادس رسالة واضحة في التضامن المغاربي مع فرنسا.
وتجدر الإشارة أن مسلمي فرنسا أصبح لهم حضور سياسي مجتمعي وخاصة في التضامن مع فلسطين مما أثار اللوبيات الصهيونية في فرنسا والقوى الداعمة لإسرائيل، ويفسر البعض أن الإجراءات المتخذة أخيرا هي محاولة استرضاء لهذه اللوبيات من الاشتراكيين أمام استحقاقات انتخابية قادمة، مستغلين بذلك أحداث الإرهاب وتقديم المسلمين كقربان مرة أخرى في صراع

النفوذ والاستمرار في السلطة


سليمان شنين

من نفس القسم الوطن