دولي

وماذا لو حظرتم الحركة الإسلامية؟! - 2 -

القلم الفلسطيني



... فإذا حظرتم الحركة الإسلامية، وآمل هنا أن تقرأوا بعين العقل لا بعين العجرفة والحماقة، فلا تظنوا أن هؤلاء الذين تربوا ونشأوا على هذا الفهم للإسلام عشرات السنين، وهم عشرات الألوف، بين عشية وضحاها وبجرة قلم من اليد اليسرى لـ"نتنياهو"، سيديرون الظهر لمشروع الحركة الإسلامية وأهدافها. إنكم واهمون.. بل إنني أزيد في الوضوح بأنّ تغييب قيادات الحركة الإسلامية داخل المعتقلات، كجزء من إجراءات الحظر، سيؤدي حتما إلى اجتهادات وبحث عن وسائل أخرى لنصرة الإسلام، تختلف عن الوسائل والآليات التي اعتمدتها الحركة الإسلامية وما تزال.. نعم! أن الماء خلال جريانه وتدفقه يفلق الصخر ويخترق الجبال، يبحث له عن مجرى يكمل من خلاله سيل جريانه وتدفقه واندفاعه.
- فإذا حظرتم الحركة الإسلامية هل سيكون هذا هو الجواب لما يجري حولكم في المنطقة، وأنتم ترون كيف أن صيحات التكبير التي نعلم مقدار وقعها على آذانكم، لم تعد في ساحات الأقصى فقط، بل على حدودكم وقريبًا من أبوابكم؟
ألا يخبركم قادة "الموساد" والمتخصصون في دراسة ما يجري في الدول العربية والباحثون في الحركات الإسلامية؛ بالمخاض الحاصل الآن في المنطقة، والذي رغم آلامه فإنه سيلد حكما إسلاميا؟ إنني أعلم أنكم تعلمون أنه لا مستقبل لعميلكم السيسي في مصر، ولا مستقبل لعميلكم بشار في سوريا، وإنني على يقين أنكم تدركون أن ممالك وإمارات ستتهاوى، ولن ترضى الشعوب بعد اليوم إلا أصحاب الأيدي المتوضئة والجباه الساجدة ليكونوا هم رجال وقادة المرحلة.
- فإذا حظرتم الحركة الإسلامية، وأخرجتم كل ما في جعبتكم من أفكار شيطانية وممارسات قمعية، فهل تكونون بذلك أنهيتم وحللتم مشكلتكم مع أهل الضفة والقدس وغزة؟
ألا تعلمون في قرارة أنفسكم أنكم قد ضربتم المسمار الأخير في نعش مشروع "أوسلو"، وأنّ شعبنا قد كفر بكل الوعود والأوهام، وأنّ بركانه يوشك أن ينفجر؟ لقد منعتم في القدس كل أشكال العمل التنظيمي الإسلامي والوطني، وغيّبتم وأبعدتم القيادات الإسلامية والوطنية، فهل منع ذلك من خروج هذا الجيل من الشبان، الذي لا يعرف التنظيمات ولا الأطر الحركية ولا الحزبية، ولكنه يعرف جيدا بالفطرة كيف يعشق الأٌقصى ويدافع عنه.. ؟ وما انتفاضة القدس إلا المثال الشاهد، حيث شبان القدس هم طليعتها.

- فإذا حظرتم الحركة الإسلامية، وبما أن مشكلتكم ليست حقيقة مع الحركة الإسلامية وإنما هي مع كل المسلمين، فماذا ستقولون للجان التحقيق ومحاكم التاريخ التي ستسألكم: لماذا لم تأخذوا برأي ولا بتوصيات المؤتمر الذي عقد هنا في الصيف الأخير، والذي أقامته أجهزة الأمن الإسرائيلية (الموساد والشاباك)، واستضاف قادة أجهزة استخبارات دولية وإقليمية، وكان تحت عنوان "في مواجهة المجهول"، حيث خلص إلى أن مستقبل المؤسسة الإسرائيلية والمنطقة غامض في ظل المتغيرات السريعة، بل وفي ظل ما سموه "تسونامي إسلامي" يجتاح المنطقة، فمن ستتهمون؟ وعلى شماعة من ستعلقون الكارثة التي ستنزل بكم؟
- فإذا حظرتم الحركة الإسلامية، وأصررتم على غبائكم باستهداف المسجد الأقصى وتدنيسه تحت لافتة "الزيارة وليس الصلاة"، كما تحاول خدعة "كيري – نتنياهو" أن تقول، فماذا سيكون جوابكم لقادة الشاباك والموساد السابقين: "شفتاي شفيط" و"كارمي غيلون" و"يوفال ديسكين" و"يعقوب بيري" و"مئير داجان"، الذين أجمعوا أن "نتنياهو" خطر شديد على مستقبل المؤسسة الإسرائيلية، وأن استمرار سياسته المتطرفة ضد المسجد الأقصى ستقود إلى كارثة جديدة تنزل بالشعب الإسرائيلي، بل إنها حرب يأجوج ومأجوج يشعل "نتنياهو" نارها بسياسته الهوجاء ضد المسجد الأقصى.
ومع علمي أنه رغم أن قائد سفينتكم نحو الغرق هو "نتنياهو"، إلا أن هناك عقلاء بينكم، وإن عقلانية هؤلاء لا بدّ أن تكون في الزمن المناسب والوقت المناسب، وليس بعد أن تغرق السفينة. إنكم تعلمون أن حظر الحركة الإسلامية هو "فشة غل" وليس هو الحل. واعلموا يا هؤلاء أن الحركة الإسلامية مثل العشب الأخضر، بل مثل الصبّار؛ تقطع أوراقه وسيقانه بالفأس وتلقيه، ثم ما يلبث أن ينبت في المكان الذي رميته فيه.
يا هؤلاء.. إننا نقول لكم ما قاله بلال بن رباح لجلّاديه: "إنك تملك السيف الذي تطيح فيه بعنقي، وتملك السوط الذي به تلهب ظهري، وتملك الرمح الذي تدق به صدري، وتملك القيد الذي به تقيّد يدي، لكنك أبدًا لن تملك إيماني وثقتي ويقيني بمحمد صلى الله عليه وسلم".
إنني لا أقول هذا الذي قلته وكأنني أملك أسطولا من السفن الحربية وأسرابا من الطائرات وجيشا عرمرما من الكتائب المقاتلة، لا وألف لا، بل إنني أملك يقينا وثقة بنصر الله للقدس وللمسجد الأقصى.
وقد يكون "نتنياهو" وقّع بيده اليسرى على قرار حظر الحركة الإسلامية، وسيجري علينا ما جرى ولا يزال يجري على أصحاب الدعوات من الامتحانات والابتلاءات، ولسنا أفضل منهم، بل إننا السائرون على دربهم، ولكنْ لا السجن ولا القتل ولا الحظر، التي هي جولة من جولات الباطل، يمكن أن تحول دون أن يكون للحق صولات وجولات فيها ينتصر ويمرّغ أنف الباطل وأهله في التراب.

وأخيرًا.. فإذا فعلتم الذي تريدون، فمن يضمن لكم أنه –وقريبًا- سيبعث الله ويهيء سبحانه من أبناء هذا الجيل من يخرجكم خارج التاريخ، بل وخارج الجغرافيا: (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا).. فماذا أنتم فاعلون ؟؟
الشيخ كمال الخطيب

من نفس القسم دولي