دولي

جنون نتنياهو في مواجهة انتفاضة القدس

القلم الفلسطيني





أفقدت انتفاضة القدس صواب رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو، لعدم قدرته على السيطرة على الانتفاضة وضبط الميدان، وهي في تصاعد يومي، كما أثرت الانتفاضة على شعبية (نتنياهو)، حيث أظهرت آخر الاستطلاعات أن شعبية (نتنياهو) أخذة بالتراجع وحوالي 72% من الصهاينة غير راضين عن أدائه في مواجهة انتفاضة القدس.
إن ما يحدث في القدس جعلت (نتنياهو) يخرج عن وعيه، ويتحدث في دائرة أخرى، خاصة عندما ادعى زورا وبهتانا أن مفتي فلسطين - في الثلاثينات من القرن الماضي- الحاج أمين الحسيني حرض الزعيم الألماني (هتلر) على حرق اليهود؛ فهذه الخرافات تؤكد حالة الجنون والتخبط التي يعيشها نتنياهو، كما أن هذه الادعاءات والافتراءات على الحاج أمين الحسيني لم تعجب المؤرخين الصهاينة الذين أكدوا على كذب نتنياهو وتزيفه للتاريخ؛ وكما عادة الصهاينة في تزييف الكثير من الحقائق الكثيرة وعلى رأسها اختراع أساطير المحرقة النازية (الهولوكوست).
الحالة التي يعيشها (نتنياهو) من الهلوسات والجنون إنما هي بسبب مشاهدته جنوده المدججين بالسلاح وهم يهربون خوفا من طعنهم بالسكاكين من قبل الفلسطينيين، والحالة الأمنية السيئة التي تخيم على دولة الكيان بسبب انتفاضة السكاكين.
إن نتنياهو لم يستطع إقناع الصهاينة بجهوده وقدرته على ضبط الأمن في القدس ومدن الضفة، كما أنه لم يستطع توفير الحماية للصهاينة الذين يعيشون حالة هستيرية من الخوف والرعب من عمليات الطعن المتواصلة في القدس المحتلة، مما دفع وزير التعليم الصهيوني (نفتالي بينيت) التحرك وهو يحمل مسدسا خوفا من تعرضه لأية عملية فدائية أو الاعتداء عليه.
إن مواصلة انتفاضة القدس واشتداد لهيبها دفعت وزارة الخارجية الصهيونية بالتحرك العاجل مع كافة الأطراف الدولية وإجراء العديد من الاتصالات مع الاتصالات مع الأمم المتحدة والإدارة الأمريكية من أجل بذل المساعي الدولية لمحاصرة هذه الانتفاضة ووأدها، لذلك قام الأمين العام للأمم المتحدة بان كيمون بزيارة سريعة إلى المنطقة التقى خلالها بنتنياهو، ثم بعدها التقى في مقر المقاطعة رئيس السلطة محمود عباس، وكعادته أعرب كيمون عن قلقه للأحداث الجارية، وشدد على الرئيس عباس ضرورة العمل على وقف هذه الانتفاضة، مشيرا إلى أن الأحداث والوقائع على الأرض إذا استمرت ستفجر الأوضاع؛ لكن زيارة كيمون لم تجدِ نفعا ولم توقف سيل الانتفاضة الجارف، وتواصلت الأحداث وتصاعدت في القدس المحتلة والكثير من مدن الضفة؛ لقد فشلت مساعي الأمم المتحدة في وقف انتفاضة القدس، لأنها تكيل بمكيالين ولا تنصف المظلومين من الشعب الفلسطيني، ومنذ نشأتها قبل سبعين عاما لم تقف بجانب الفلسطيني بل وجاءت الاعتراف بدولة فلسطينية متأخرا جدا بالمقابل اعترفت الأمم المتحدة بالكيان الصهيوني منذ نشأته.
لقد فشلت مساعي الأمم المتحدة في وقف انتفاضة القدس، مما استعدى الخارجية الإسرائيلية التواصل مع الإدارة الأمريكية من أجل التدخل لوقف هذه الانتفاضة، وقد قام وزير الخارجية الأمريكي كيري بزيارة سريعة وعاجلة، والتقى رئيس السلطة محمود عباس في عمان، وجرت المباحثات بهدف الانتفاضة وتهدئة الأوضاع، والعمل على تهيئة الظروف لعودة المفاوضات بين عباس ونتنياهو، وأبلغ كيري عباس خلال اللقاء على تعهد (نتنياهو) بالسماح للمسلمين بالصلاة في المسجد الأقصى ولغيرهم بالزيارة، وأن هناك إجراءات جديدة في القدس تهدف لخفض حدة التوتر.
لقد خلقت انتفاضة القدس معادلة جديدة في الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، وبعثت رسالة قوية للصهاينة لوقف اعتداءاتهم على القدس والمسجد الأقصى، وأن تقسيم القدس والمساس به خط أخطر.
إن انتفاضة القدس أعطت نموذجا لكافة أحرار العالم ضد ظلم وجبروت الاحتلال، وبعثت رسالة ثورية للمحبطين والمتقاعسين من أبناء أمتنا العربية أن أفيقوا من غفلتكم ومن سباتكم العميق وأعلنوا عن غضبكم من أجل القدس والمسجد الأقصى.
يجب على الكل الفلسطيني الالتفاف حول انتفاضة القدس، ودعمها والوقوف في وجه محاولات وأد الانتفاضة وإطفاء لهيبها، والتصدي بحزم لمحاولات الإدارة الأمريكية في الضغط على السلطة الفلسطينية من أجل وقف هذه الانتفاضة، بل على العكس لابد أن تكون هذه الانتفاضة ورقة وقوة في يد السلطة الفلسطينية، خاصة أن هذه الانتفاضة أربكت حسابات العدو وأرهقته على مدار أربعة أسابيع وهو يحاول التصدي لانتفاضة القدس وإخمادها دون جدوى في ظل تواصل عمليات الطعن وملاحقة الصهاينة في كافة أماكن القدس؛ لذا علينا البحث في تطوير وسائل وأساليب هذه الانتفاضة وإبقائها حية لأنها تمثل ورقة قوية في يد شعبنا الفلسطيني.
لقد قدمت وسائل الإعلام الفلسطينية والإعلام الجديد دورا ثوريا مميزا في تغطيتهم لأحداث انتفاضة القدس المباركة، وهي على مدار الساعة تنقل أحداث القدس، وتنقل كافة المسيرات والمظاهرات التضامنية مع القدس من كافة أنحاء العالم، حتى أن فضائية الأقصى أطلقت على نفسها فضائية انتفاضة القدس، خرجت علينا بأساليب متنوعة في تغطيتها للانتفاضة، حيث زينت شعارات الانتفاضة استديوهات الفضائية بعباراته الشهيرة (الانتفاضة مستمرة) وصورة الملثم الذي ظهر على الفضائية وهو يكتب شعارات الانتفاضة ويرسم الصور الخاصة بها.
أمام شعبنا الفلسطيني التوحد خلف انتفاضة القدس، والمحافظة على استمرار ديمومة الانتفاضة التي أفشلت وأربكت حسابات الصهاينة، وعدم الالتفات لما يجري من مساع لوقف هذه الانتفاضة وتهدئة الأمور من أجل حماية الصهاينة من لهيب الانتفاضة وثورتها.
غسان مصطفى الشامي

من نفس القسم دولي