دولي
السلطة الفلسطينية تعمل لاحتواء الانتفاضة ... للعودة إلى المفاوضات
الرئيس عباس يحاول الإمساك العصا من المنتصف
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 12 أكتوبر 2015
تفيد المؤشرات الحالية بأن الرئيس الفلسطيني محمود عباس يقود جهوداً حثيثة غير معلنة، لتهدئة الهبة الجماهيرية الفلسطينية الحالية، بأقل أضرار ممكنة لصورته أمام الرأي العام الفلسطيني، ومن دون أن تنقلب الأمور ضده عبر استخدام قواته الأمنية لقمع شعبه وحماية الاحتلال.
وتؤكد مصادر مطلعة أن أبو مازن يحاول الإمساك العصا من المنتصف، عبر استثمار الهبة الجماهيرية والمواجهات الغاضبة في الأراضي المحتلة، لإرغام حكومة الاحتلال على العودة للمفاوضات، فضلاً عن إعادة القضية الفلسطينية لتتصدر الأولويات العربية والأميركية، بعدما همش كلا الطرفين المطالب الفلسطينية وأخضعا أبو مازن لضغوط، هدفها تخليه عن إعلان أي قرارات جذرية خلال تواجده في الأمم المتحدة نهاية الشهر الماضي".
ورغم نفي المستوى الرسمي الفلسطيني أي لقاءات أمنية أو سياسية مع الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن مصادر رفيعة أكدت حصول اجتماع أمني رفيع المستوى يوم الأربعاء الماضي ضم الطرفين الفلسطيني الرسمي والإسرائيلي، تخللته رسائل لعباس من مستويات أمنية إسرائيلية بانعدام النية إزاء التصعيد من قبل تل أبيب، بينما نقل الوفد الفلسطيني طلب أبو مازن بأنه "يجب لجم المستوطنين لأنهم سبب التصعيد".
وتؤكد المصادر أن "أبو مازن قام بتحركين في الأيام الأخيرة لتهدئة الأوضاع: أولاً، اتصلت الرئاسة الفلسطينية بقيادات عربية ورؤساء سلطات محلية فلسطينية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، وتم الطلب منها بعدم زيارة المسجد الأقصى تجنباً للمزيد من التوتر، أما الأمر الثاني فقد أمرت الرئاسة الفلسطينية تلفزيون فلسطين الرسمي بتقليص بث المواجهات الفلسطينية، وعدم بث موجة مفتوحة من أماكن المواجهات تؤدي إلى زيادة وانتشار الغضب في الشارع الفلسطيني ضد الاحتلال".
ولفتت المصادر إلى أن الرئيس أبو مازن، من خلال حديثه مع وزيري خارجية الولايات المتحدة جون كيري وبريطانيا فيليب هاموند والأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أخبرهم أنه لا يستطيع عمل أي شيء بخصوص القدس لأنه لا يوجد لديه سيطرة عليها إطلاقاً، حتى إنه شخصيا لا يستطيع أن يصلي في المسجد الأقصى، فضلاً عن أن كل "المواجهات تجري على نقاط التماس المصنفة (ج) بموجب اتفاقيات أوسلو، وهي تحت السيطرة الإسرائيلة، وحتى المناطق (أ) التي من المفترض أن تكون تحت سيطرة السلطة الفلسطينية، فقد قوّضت إسرائيل كل سيادة للفلسطينيين عليها".
وتابعت المصادر أن "بعض الدول العربية والأوروبية والولايات المتحدة تحدثت عن التحريض الذي يقوم به تلفزيون فلسطين، وكان حديثهم مقنعا حول إمكانية قيام أبو مازن بالسيطرة على الأمر". وتفيد مصادر بأن الأوامر صدرت منذ مساء الأربعاء الماضي، بتقليص بث المواجهات المشتعلة وتحديداً قرب مستوطنة "بيت إيل" شمال رام الله، حيث تم إلغاء الموجة المفتوحة التي كانت تستمر في نقل المواجهات لساعات طويلة، واستعاضت إدارة التلفزيون بتقارير لمراسليها يتم بثها في نشرات الأخبار، أو على هامش حدث مهم لمدة محدودة، كما جرى يوم الجمعة خلال تشييع جنازة الشهيد مهند حلبي في رام الله.
ولعل الأوامر التي تبلورت مساء الأربعاء الماضي، وانعكست على تغطية التلفزيون الفلسطيني الرسمي، جاءت نتيجة طبيعية للاجتماع الأمني رفيع المستوى، الذي ضم قادة الأمن الفلسطينيين والإسرائيليين، وبقرار من الرئيس عباس. ورغم نفي السلطة الفلسطينية عقد مثل هذ الاجتماع، إلا أن مصدراً مطلعاً أكد أن "الاجتماع تم بالفعل، وضم قادة الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية، وقادة الأمن الإسرائيليين، وتم التوافق على تهدئة الأوضاع الحالية، والعمل على عدم تطويرها حتى لا تخرج الأمور من السيطرة".
وتابعت المصادر أن "الأمن في كلا الطرفين يقوم بجهود كبيرة لمنع تدهور الأوضاع لحالة انتفاضة شاملة، حيث يقوم الأمن الفلسطيني بالانتشار في أماكن التماس، لكنه لا يمنع المواطنين بالقوة من الوصول إليها، حتى لا يرتد الغضب الشعبي نحو الأمن الفلسطيني، وهذا أمر يتفهمه أمن الاحتلال الإسرائيلي، الذي أكد بدوره أنه لن يستخدم القوة المفرطة، وسيحرص على ألا يسقط شهداء بشكل يؤجج الوضع أكثر". وتؤكد المعطيات أنه لا مصلحة ولا نية للسلطة الفلسطينية بالتصعيد، لكن لديها مصلحة ببقاء حالة الاشتباك الميداني غير العسكري، المضبوط إلى حد كبير، لاستخدامه كأوراق قوة أمام الدول العربية والإدارة الأميركية التي أدارت الظهر للقيادة الفلسطينية، وطلبت من عباس العودة إلى المفاوضات من دون أي ضمانات، خلال زيارته إلى نيويورك نهاية الشهر الماضي. وأكدت مصادر متطابقة أن جون كيري نقل تهديداً من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى الرئيس أبو مازن، مفاده بأنه سيمنع وفد الرباعية الذي يزور رام الله وتل أبيب، في 15 من الشهر الحالي من الوصول إلى رام الله، إذا ما استمرت الأوضاع كما هي عليه من مواجهات.
وقال مستشار الرئيس والشخصية المقربة منه محمود الهباش،: لقد طلبت عدة أطراف (رفض تسميتها) من الرئيس العمل على تهدئة الأوضاع، وأكد لهم أنه غير معني بالتصعيد ولا يريده، لكن على العالم أن يعرف أن الذي بدأ بالتصعيد هو الجانب الإسرائيلي، وإذا كانت الحكومة الإسرائيلية غير معنية بالتصعيد، فعليها أن توقف انتهاكات المستوطنين والاعتداءات على الأقصى والفلسطينيين، على تعبير الهباش.
امال.ص