دولي

انحطاط "نتنياهو" وأخلاق المقاومة

القلم الفلسطيني


 
ليس من باب تجميل صورة المقاومة الفلسطينية؛ الجميلة أصلا؛ فالمقاوم الفلسطيني يتمتع بقوة أخلاقية عالية جدا؛ ومقاومته في الميدان ذو بعد وحس إنساني مرهف؛ تحكمه قيم أخلاقية راقية؛ والدليل على ذلك ما شهد به شاهد من أهله؛ وما نطق بهم محللوا وكتاب دولة الاحتلال أنفسهم. فالمحلل العسكري بالقناة الثانية الصهيونية "روني دانييل" كتب يقول عن عملية نابلس: منفذي عملية "ايتمار" نزلوا إلى السيارة واقتربوا من الأطفال الأربعة ورفضوا قتلهم وتركوهم بسلام؛ وكأنهم يبعثون برسالة لنا: نحن لسنا حيوانات مثلكم؛ ونحن لا نقتل الأطفال مثلما فعلتم في دوما مع عائلة دوابشة. رسولنا الكريم؛ شكل نموذج إنساني رائع وراق ومدرسة متقدمة في الأخلاق؛ تعلم منه أتباعه عبر العصور ونقلوا الأمانة الأخلاقية لأبنائهم حتى وصلت المقاومة الفلسطينية؛ بألا يقتلوا طفلا ولا صغيرا ولا شيخا كبيرا؛ وحتى لا يقطعوا شجرة؛ ولا يقاتلوا إلا من قاتلهم ولا يعذبوا أسراهم؛ ولذلك أسروا حتى قلوب أعدائهم. أخلاق ومنظومة القيم ومفاهيم الاحتلال؛ أجازت وسمحت لهم بالسير في طريق الانحراف والانحطاط الأخلاقي؛ بحرق عائلة دوابشة وهم أحياء ومنهم الطفل الشهيد علي ووالديه؛ بينما أخلاق من قام بعملية نابلس؛ تجنب قتل الأربعة أطفال الذين كانوا يجلسون في الكرسي الخلفي لعائلة المستوطنين القتيلين.
الأمثلة لا تعد ولا تحصى حول أخلاقية المقاومة؛ فقبل 22عاما وخلال تنفيذ خلية للمقاومة عملية على شارع بلدة بروقين غرب سلفيت؛ أفاد أفرادها بقيادة زاهر جبارين لدى الاحتلال أنهم تعمدوا إطلاق النار على جيب للجيش دون الحافلة التي كان يحرسها؛ كونها مليئة بالأطفال. على الإطلاق؛ ما من فرد أو تجمع أنساني أو شعب أو أمة حققت إنجازات عظيمة وحصّنت نفسها أمنياً وعسكرياً واقتصادياً وثقافياً؛ إلا كانت صاحبة منظومة أخلاقية متماسكة وواضحة تدفع بها نحو الرقي والعطاء؛ وهو ما تجلى بأخلاق المقاومة في غزة بعدم ضرب الأسير السابق "شاليط" ولو كفا واحدا؛ وهو ما أقر به وقاله "شاليط" بنفسه؛ بينما أخلاق الاحتلال تسمح لهم بتعذيب نساء وأطفال وقرابة 7000 أسير في سجون الاحتلال المختلفة. المتدهور أخلاقياً – فردا أو جماعة- لا يمكن له أن ينهض حتى لو امتلك كل المقومات المادية الضرورية لنيل حريته؛ وشتان وفرق كبير بين مقاومة تأسر القلوب بدماثة أخلاقها ووعيها والتزامها؛ وبين أعمال قد تحسب على المقاومة لا تملك رؤية ولا تطلعاً نحو المستقبل، ورصاصها يطلق بالهواء؛ وهي فاقدة للتفكير العلمي، وتتمسك بقيم الافتراق التي تأبى العمل الجماعي والتعاون المتبادل والعلاقات الداخلية القائمة على الثقة المتبادلة. ليس شرط لمن يملك القوة العسكرية أن يملك معها قوة أخلاقية؛ فدولة الاحتلال لا تتمتع بمنظومة قيمية أخلاقية؛ وانحطاط أخلاق "نتنياهو" واضحة للعيان وضوح شمس حزيران؛ والدليل حرق عائلة دوابشة وتصفية الفتاة الشهيدة هديل الهشلمون بدم بارد قبل العيد؛ والسبب أيضا وجود وحمل لوثات ومفاهيم وعقائد دينية فاسدة وكاذبة وغير صحيحة؛ وغياب محددات أخلاقية للسلوك الميداني لجيش الاحتلال والمستوطنين. عندما تغيب المنظومة القيمية للفرد في دولة الاحتلال؛ سرعان ما تبرز الكراهية العنصرية والمزاجية الشخصية، ويفتح الفرد لنفسه حرية التصرف وتبرير جرائمه وسفالته وفق مزاجه الخاص؛ دون الأخذ بالاعتبار الميزان القيمي الإنساني العام بعدم جواز الظلم والاعتداء على إنسانية أخيه الإنسان. في المحصلة؛ يستطيع "نتنياهو" أن يواصل احتلاله للضفة الغربية لوقت ما؛ هو بالإجمال قصير؛ ولكن المقاومة على غرار نظيرتها في غزة ستجبره لاحقا بأخلاق رجالها المقاومين وحقها الطبيعي في المقاومة؛ أن يرحل كما رحل سلفه شارون من غزة مقهورا مذلولا؛ ليكون أتعس خلف لشر سلف.


خالد معالي

من نفس القسم دولي