دولي

قراءة في تزايد المتسللين من غزة للداخل المحتل

القلم الفلسطيني


تتزايد في الآونة الأخيرة أعداد الفلسطينيين المتسللين من قطاع غزة إلى داخل الأراضي المحتلة عام 48 عبر الحدود الشرقية للقطاع، وهي ظاهرة آخذة بالانتشار بصورة تقلق العديد من الفلسطينيين، في ضوء أن أهداف المتسللين تتراوح بين: البحث عن العمل، أو الهروب من الواقع الصعب في غزة، أو الارتباط بالمخابرات الإسرائيلية.
فقد تواصل إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي في الأسابيع الأخيرة اعتقال فلسطينيين تسللوا عبر السياج الحدودي شرق قطاع غزة، فيما بلغ عدد من تسللوا من غزة 45 شاباً منذ بداية الشهر الحالي.
الاعتقال الإسرائيلي لهذه الأعداد من الفلسطينيين يسلط الضوء على ظاهرة تسلل بعض الشبان الفلسطينيين من غزة لداخل الأراضي المحتلة عام 48 للبحث عن فرصة عمل مع معدلات البطالة جراء الحصار المتواصل على غزة منذ 8 أعوام، وبلوغ نسبتها في غزة في أبريل 44%، وقد قام كاتب السطور بزيارة الحدود الشرقية لقطاع غزة، حيث تتركز مناطق تسلل الفلسطينيين، وتحديداً مناطق: "كيسوفيم والعين الثالثة ووادي الباشور". تجدر الإشارة إلى أن موضوع التسلل لم يرتق لظاهرة، لأن القوات الأمنية في غزة تتابع هذه الحالات، وتمنع تسرب أعداد منهم، ونجاح بعضهم في التسلل يعود لأن قوات الأمن الفلسطينية ليس باستطاعتها بسط سيطرتها على المناطق المستهدفة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي يستخدم المتسللين لأغراض التجسس على غزة، ويحاول إسقاط الشباب الفلسطيني لخدمة أساليبه الاستخبارية. كما أن أعمار المتسللين من غزة تتراوح بين 17-24 عاماً، دافعهم الأساسي للتسلل الوضع الاقتصادي السيئ، والأجهزة الأمنية في غزة تتعامل مع كل حالة على حدة بإخضاعهم للتحقيق للوقوف على دوافع التسلل، وتفعل كل إجراءاتها لمنع التسلل لما فيه من خطورة أمنية على أهالي القطاع والمقاومة، كحملات توعوية في المناطق الحدودية لمحاربة فكرة التسلل، وتعزيز قواتها الأمنية في مناطق يسلكها المتسللون.
ليس هناك من أعداد دقيقة للمتسللين الفلسطينيين من غزة إلى الداخل المحتل، لكن الحديث يدور عن العشرات في العام الواحد، وأغراضهم من التسلل قد تتمحور في 3 أهداف وهي: الهروب من حكم قضائي ضدهم في قضايا جنائية، أو العمالة لصالح المخابرات الإسرائيلية، وخشيتهم من وقوعهم بأيدي فصائل المقاومة الفلسطينية، بجانب تردي الأوضاع المعيشية في غزة.
الأسابيع الأخيرة، وتحديداً منذ أوائل أوت وحتى كتابة هذه السطور، شهدت تزايد محاولات المتسللين من غزة إلى الداخل المحتل، نجح بعضهم وأخفق البعض الآخر في اجتياز الحدود الفلسطينية، لأن جيش الاحتلال الإسرائيلي يحظر على الفلسطينيين دخول المنطقة المحاذية للشريط الحدودي لمسافة 300 متر، المسماة "المنطقة العازلة"، وتطلق النار، أو تعتقل مَن يتواجد فيها بسبب حساسيّتها الأمنية، فيما هددت وزارة الداخلية والأمن الوطني باتخاذ إجراءات عقابية لم تحددها ضد من يتسلل عبر السياج الحدودي إلى الكيبوتسات الإسرائيلية في غلاف غزة. إحصائيات المتسللين آخذة بالزيادة، ورصدت الأجهزة الأمنية بغزة أكثر من 230 حالة خلال 2014، وهذه أعداد تنذر بخطورة كبيرة تضر المجتمع الفلسطيني، وتشير لزيادة مضطردة خلال 2015، خاصة بعد الحرب الأخيرة على غزة صيف 2014، فيما أكد بيان لمراكز حقوقية أن جيش الاحتلال اعتقل 42 فلسطينياً حاولوا التسلل منذ بداية 2015.
تزايد أعداد المتسللين من غزة يحمل مخاطر عدة على المجتمع الفلسطيني، خاصة من النواحي الأمنية، لأنها تكمن في إمكانية استغلال جهاز الشاباك الأمني الإسرائيلي لبعض المتسللين لضرب غزة أمنياً، رغم أن جزءاً كبيراً منهم يرى في التسلل للجانب الإسرائيلي مخرجاً من واقع الفقر والبطالة الذي تحياه غزة.
الأكيد أن جهاز الشاباك الإسرائيلي يخضع المتسللين لأسئلة أمنية بحتة حول نقاط المقاومة، وتحديد إحداثيات تواجد عناصرها على خرائط معدة مسبقاً، ومرابض الصواريخ، والأنفاق الدفاعية والهجومية، مما يجعل هؤلاء المتسللين هدفاً مرشحاً للتجنيد لأجهزة المخابرات الإسرائيلية، كما تبدو الإشارة مهمة إلى أن تزايد أعداد المتسللين الفلسطينيين من غزة للداخل المحتل يتزامن مع تفاقم معاناة سكان القطاع من أزمة معيشية خانقة. فلا توجد سيولة مالية كافية لشراء المواد الغذائية في الأسواق، ومصادر الدخل آخذة بالتناقص يوماً بعد يوم، والكثير من أصحاب المنازل المدمرة في الحرب يعيش سكانها في الخيام ومراكز الإيواء، مما يدفع الفلسطينيين المتسللين للبحث في الداخل المحتل عما يعتبرونه "الفردوس المنشود"، لكنهم من حيث لا يشعرون يقفزون إلى المجهول



د. عدنان أبو عامر

من نفس القسم دولي