دولي

"الصواريخ المجهولة" واستمرار الحصار... هل يفجّران عدواناً إسرائيلياً

الجيش الإسرائيلي يعيد تنصيب منصات منظومة "القبة الحديدية"



تعدى التصعيد الإسرائيلي تجاه غزة الأسبوع الماضي المستوى الذي ساد بعد انتهاء الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع، والذي لم يؤثر بشكل جذري على التزام كل من الجيش الإسرائيلي وحركة "حماس" باتفاق التهدئة، الذي تم التوصل إليه برعاية مصرية. وعلى الرغم من أن كل المؤشرات تدل على أن "حماس" وإسرائيل غير معنيتين بجولة جديدة من القتال، ففي حال حافظ التصعيد الأخير على وتيرته، فإنه قد يفتح المجال أمام اندلاع هذه الجولة.
للمرة الأولى منذ عام، يتم استهداف مستوطنة يهودية، وهي مدينة سديروت، بشكل مباشر بصاروخ أطلقته إحدى الجماعات التي تنتمي لـ"السلفية الجهادية"، في حين أن كل الصواريخ والقذائف التي أطلقت من غزة منذ انتهاء الحرب سقطت في مناطق خالية في محيط المستوطنات، وبعضها سقط في القطاع نفسه. وبسبب هذا الوضع، فقد أعاد الجيش الإسرائيلي نصب منصات منظومة "القبة الحديدية" المضادة للصواريخ، خشية أن يتم استهداف المدن الكبرى، لا سيما عسقلان وأسدود وبئر السبع. وقد أفضى هذا التطور إلى تعاظم الدعوات داخل إسرائيل للرد بشكل "مغاير" على عمليات إطلاق الصواريخ، وعدم الاكتفاء برد محدود، يتمثّل عادة في الإغارة على أهداف لحركة "حماس". يذكر أن استراتيجية الردع التي تعكف إسرائيل على اتباعها في قطاع غزة تتمثّل في ضرب مصالح "حماس" بعد كل عملية إطلاق صاروخ تقوم بها منظمة أخرى، بحجة أن "حماس" هي الطرف الذي يدير شؤون قطاع غزة، وعليه تحمّل تبعات التصعيد.
ومما زاد من مستوى الضغوط على أوساط اليمين الحاكم في إسرائيل، حقيقة أن معظم المستوطنين الذين يقطنون المدن الكبرى والبلدات التي تقع بالقرب من قطاع غزة، هم من قواعد اليمين الانتخابية، مما دفع كلاً من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير أمنه موشيه يعلون للتشديد على أنه سيتم رفع وتيرة الرد الإسرائيلي بشكل يردع مطلقي الصواريخ عن مواصلة عملياتهم. وقد حرص نتنياهو ويعلون على الاتصال برؤساء المجالس المحلية في المستوطنات المحيطة بالقطاع، ومعظمهم ينتمون لحزب الليكود، وشددا على التزامهما بضمان "الهدوء والأمن" في هذه المستوطنات. لكن من المستبعد أن يكون كل من نتنياهو ويعلون عازمين في الوقت الحالي على التصعيد ضد "حماس" تحديداً، إذ إنهما يدركان أن عمليات إطلاق الصواريخ التي تقوم بها جماعات "السلفية الجهادية" التي توجد في حالة صراع مرير مع "حماس"، تأتي في إطار المناكفة مع الحركة، ومن أجل إضعاف قدرتها على الحكم.
وعلى الرغم من حرص نتنياهو على استرضاء الإسرائيليين، فمن المتوقع أن يكتفي حالياً بمستوى الردود الحالي خشية اندلاع مواجهة شاملة قد تؤدي إلى حالة من الفوضى، تفضي بدورها إلى غياب عنوان السلطة الواحدة الذي تمثله "حماس" في قطاع غزة، والتي تمارس عليها إسرائيل الضغوط من خلال استهداف مصالحها ومؤسساتها.
لكن في حال تواصلت مظاهر الحصار وما يرافقها من تدهور للأوضاع الاقتصادية والإنسانية والاجتماعية في قطاع غزة على النحو الحاصل حالياً، فإن اندلاع مواجهة شاملة بين الطرفين ستكون مسألة وقت لا أكثر. فقد كشفت صحيفة "معاريف" يوم الأحد، أن فشل مبعوث اللجنة الرباعية الدولية السابق طوني بلير في التوصل لاتفاق تثبيت التهدئة بين "حماس" وإسرائيل على أساس رفع الحصار مقابل تهدئة طويلة الأمد، جاء بفعل رفض كل من السلطة الفلسطينية ومصر لمثل هذا الاتفاق، على اعتبار أنه يعزز مكانة "حماس" في القطاع. وأشارت الصحيفة إلى أن الكثير من الأوساط اليمينية في تل أبيب تبدي حساسية كبيرة تجاه أي اتفاق هدنة مع "حماس"، وتنظر إليه على أنه "مكافأة للإرهاب".
في الوقت ذاته، فإن مراكز التقدير الاستراتيجي في تل أبيب ترى أنه على الرغم من التزام "حماس" بالتهدئة، فإنها تواصل الإعداد للحرب المقبلة. ويقول قائد لواء الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان" الجنرال إيلي بن مئير، أن "حماس تواصل استعداداتها للحرب المقبلة وتحاول تعويض ما خسرته في الحرب الماضية". ويشدد بن مئير في مقابلة مع موقع "والاه"، على أن الجهود التي تبذلها مصر وإسرائيل تثقل على "حماس" وتقلّص من قدرتها على استعادة ما كان لديها من صواريخ وقذائف، مشدداً على أن الخطوات المصرية والإسرائيلية لم تؤثر على دافعية الحركة لتكون جاهزة للحرب.
أمال. ص

من نفس القسم دولي