دولي

الأقصى يحتضر

القلم الفلسطيني

 

ليس عبثاً أن يقدم الكيان الصهيوني على زيادة الضغط على المسجد الأقصى والمدافعين عنه. لطالما سعت حكومات «إسرائيل» المتعاقبة بيمينها ويسارها إلى استرضاء عتاة المتطرفين الصهاينة الذين يشكلون قوة مؤثرة في الشارع «الإسرائيلي». والطريقة المثلى لجذب المتطرفين وكسب رضاهم لا يكون إلا بتهويد الأقصى وبناء هيكل يهودي مزعوم مكانه، لتحقيق نبوءات تلمودية لا أساس لها.
مؤخراً طالب ما يسمى وزير الأمن الداخلي «الإسرائيلي»، غلعاد أردان، وزير حرب الكيان موشيه يعالون، إلى إعلان «المرابطين» في المسجد الأقصى «تنظيماً محظوراً»، مدعياً بأن «المرابطين يقومون بالإخلال بالنظام العام في المكان»، وهذا الطلب لم يصدر عبثاً، فقد أراد به هذا المتطرف وضع حد للمرابطين الذين يشكلون جدار حماية وعامل الصد للأيدي العابثة التي تحاول تهويد المسجد بكل الوسائل والسبل.
يقضي المخطط «الإسرائيلي» المكشوف إلى تقسيم المسجد الأقصى زمانياً ومكانياً، وهذه الرؤية الخبيثة لا تتحقق إلا عبر المس بالمرابطين وتفتيت عزائمهم، لذا ولمواجهة هذا الاستهداف الخطر لا بد من موقف جدي من العالم الإسلامي، يضع حداً لهجمة الكيان الشعواء على المقدسات.
خلال الأسبوع المنصرم أغلق الاحتلال معظم أبواب المسجد الأقصى في سابقة خطرة، وهدف بهذه الخطوة جس النبض العربي والإسلامي، تمهيداً لمخطط خطر رُسم منذ أمد للقضاء على هذا المقدس الإسلامي الأصيل، الذي يستحوذ على عواطف الشعوب، ويشكل ركيزة تجمع المسلمين عليه، لذلك تسعى «إسرائيل» جاهدة إلى إلغاء هذا الرمز، مستغلة انشغالات العرب والمسلمين في حروبهم الداخلية. من الملاحظ أن سلطات الكيان تخرج بين الفينة والأخرى بتصرفات وإجراءات غير منطقية وغير مبررة ضد المدينة المقدسة وضد الأقصى على وجه الخصوص، وهذا يؤكد أن الاحتلال يواصل عمليات التهويد على جرعات، حتى يصل إلى مرحلة الأمر الواقع، بفرض سيادته الكاملة على المسجد. تتسارع المساعي «الإسرائيلية» لتهويد الأقصى وتقسيمه، بالتزامن مع الذكرى الـ 46 لجريمة إحراقه عام 1969، حيث بلغ عدد الحفريات أسفل ومحيط المسجد نحو خمسين حفرية، إضافة إلى انتشار عشرات الكُنُس والمرافق اليهودية في محيطه سعياً من الكيان لتهويد المدينة برمتها، كما يتواصل في الوقت نفسه التنسيق بين منظمات متطرفة لتكثيف اقتحاماتها للمسجد الأقصى. إن ردود الفعل العربية والإسلامية المخيبة للآمال على اقتحامات الأقصى وانتهاكه، شجعت الحكومة «الإسرائيلية» على التجاوب مع ضغوط اليهود المتشددين لتقسيم الحرم القدسي، على غرار ما فعلت في الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل قبل سنوات، وهذا الأمر يتطلب من الفلسطينيين في القدس والضفة للانتفاض بكل قوة والوقوف في وجه اعتداءات الاحتلال وممارساته التهويدية، وأن تتكاتف كل الجهود لحماية الأقصى من خطر التقسيم والهدم. إن القضية الفلسطينية يتم تهميشها الآن، لذا لا بد من وقفة جادة من المجتمع الدولي تضع حداً لتصرفات الاحتلال الجائرة بحق الحقوق الفلسطينية الأصيلة والمقدسات. إن الاحتلال يجب أن يشعر بالخوف حتى يرتدع، ولا يخاف إلا إذا توحدت يد المسلمين لمجابهة هذا الكيان ومحاسبته على إجرامه.


علي قباجة

من نفس القسم دولي