دولي

اقتحامات الأقصى وباحاته… لماذا؟

القلم الفلسطيني


 
لم يكتف المستعمرون الصهاينة بمساعدة جيشهم وأجهزتهم الأمنية بالاقتحام اليومي المتكرر لباحات المسجد الأقصى في القدس منذ فترة طويلة، وأصبحت عادة يومية أن يقتحم المتعصبون الصهاينة المكان في أوقات مختلفة وفي مجموعات متعددة. وقد كان لافتاً في الفترة الأخيرة، ومنذ أيام قليلة اقتحام باحات المسجد الأقصى من قبل وزير الحرب موشيه يعلون مع حراسه، كما وكان لافتاً اقتحام المكان من قبل مسؤول (الشاباك) وحراسه أيضاً منذ أيام قليلة. فما هي الاملاءات والاجراءات والمخططات التي يراد فرضها من قبل حكومة المستوطنين الحالية. يلاحظ أن هناك تقسيماً زمنياً ومكانياً مرحلياً، حيث يطالب المستوطنون بتقسيم زمني ومكاني لباحات الأقصى، كونهم يعتبرون المكان يعود إليهم، وكونهم يعتقدون بأن المسجد الأقصى، قد أقيم على أنقاض هيكلهم المهدوم. كما أن المتطرفين من بينهم، يريدون في نهاية المطاف؛ هدم الأقصى كاملا لإعادة بناء (جبل الهيكل) مكانه، وتحويله إلى قدس أقداس ديانتهم. كما وأن القضم ما زال مستمراً لأماكن ومساكن ومقابر وأراض تعود للفلسطينيين، بهدف تضييق المساحة التي تعود لهم والتي تحيط بالمسجد الأقصى، خصوصاً وأن هناك مشروعا لبناء كنيس في منطقة البراق «حائط المبكى» حيث يحتل 20٪ من مساحة البراق، وهذا يعني تداخلاً كبيراً بين مساحات المسجد الأقصى وباحاته ومشروع الكنيس الجديد. أما من ناحية التعامل مع مرابطي الأقصى من الرجال والنساء، فإن القبضات العارية والأصوات الهاتفة باسم الله، أصبحت تزعج السلطات الإسرائيلية التي دأبت على اقتحامات المكان ومنع المصلين من الوصول إليه بين الحين والآخر، واعتقال من تريد ومصادرة حرياتهم، واتهامهم بالإزعاج، وتعطيل عمل الجهات الرسمية، والهدف الأساس من هذا الأمر؛ منع وصول المرابطون لحماية المكان. المعنى المستخلص من اقتحامات مسؤولين كبار في الجيش والأمن الإسرائيليين، يعني أن هناك خطراً ما، يمثله المرابطون والمرابطات في الأقصى، تستدعي دراسة ومعالجة على أرض الواقع، من قبل السلطات العليا، وتقديم تقارير عن وقائع ما هو متوافر من معطيات. وربما كان في مخططات بعض السلطات الصهيونية الشروع في بناء جبل الهيكل على أنقاض بناء المسجد الأقصى، إذا ما ارتأى الطاقم السياسي في السلطة الصهيونية أن الوقت مناسب لتنفيذ هذا المخطط، الذي يمكن أن يؤلب العالمين العربي والإسلامي عليها. لذلك فإن المحاولات والاختبارات ومحاولات استخلاص الدروس تتوالى من قبل هذه السلطات، علها تجد الوقت المناسب لتنفيذ مخططاتها التي تمتحن ردود أفعال العالمين العربي والإسلامي؛ علماً أن محاولات البحث والتقصي وحفر الأنفاق لم تترك مكاناً إلا وبحثت فيه حتى تحت المسجد الأقصى، فلم تجد من الآثار إلا آثاراً إسلامية أو رومانية أو كنعانية، وذلك بشهادة الآثاريين العلميين الأجانب، بمن فيهم من يهود وإسرائيليون. ويمكن الإشارة إلى أن الهدم والبناء على أنقاض الآثار الفلسطينية، مستمر ومعروف ومتداول منذ إنشاء المشروع الصهيوني، حيث ذكر يزهار سميلانسكي في روايته «خربة خزعة» الصادرة في العام 1949 «فلتحيا خربة العبرية، من ذا الذي سيطرأ على ذهنه ذات يوم، بأنها كانت ذات مرة خربة خزعة الفلسطينية التي طردنا أهلها وورثناها، وأننا جئنا، أطلقنا النار، حرقنا، نسفنا، ركلنا، دفعنا، وهجرنا».
كما أن موشيه دايان وزير الحرب في غير وزارة إسرائيلية، ذكر في محاضرة له في المعهد التقني في مدينة حيفا في العام 1969 ما يلي: «لقد جئنا إلى هذا البلد الذي كان العرب توطنوا فيه، ونحن نبني دولة يهودية.. لقد أقيمت القرى اليهودية مكان القرى العربية. أنتم لا تعرفون حتى أسماء هذه القرى العربية وأنا لا ألومكم، لأن كتب الجغرافيا لم تعد موجودة، وليست كتب الجغرافيا وحدها التي لم تعد موجودة، بل القرى العربية ذاتها زالت أيضاً، فقد قامت نهلال (مستعمرة دايان) في موضع معلول، وكيبوتز غفات في موضع جباتاً، وكيبوتز ساريد في موضع خنيفس، وكفار يهوشع في موضع تل الشوهان. وما من موضع بني في هذا البلد إلا وكان فيه أصلاً سكان عرب». إلا أن القدس والمسجد الأقصى ونظرا لقداستهما ومكانتهما، ليسا كمثل خربة خزعة أو معلول أو غيرهما، وهذا الأمر سيعتبر من تحديات الاستراتيجية التي يمكن أن تؤثر في مصير المنطقة كلها



سليمان الشيخ

من نفس القسم دولي