دولي

الطريق إلى انتفاضة ثالثة

القلم الفلسطيني


بعد مرو نحو أربعة اسابيع على جريمة احراق عائلة الرضيع علي دوابشة في قرية دوما، ما زالت المستويات الامنية في كيان العدو تتوقع مزيدا من العمليات الفردية الفلسطينية الانتقامية، حيث اصيب ثمانية من جنود الاحتلال ومغتصبيه في موجة من العمليات الفردية في الضفة المحتلة منذ ارتكاب الجريمة بحق عائلة دوابشنة.
كانت الساعة الواحدة بعد الظهر على حاجز تفوح عندما تقدم أحد الشبان الفلسطينيين في مقتبل العشرينيات من العمر، باتجاه احد جنود شرطة الاحتلال، حيث قام بسحب سكين كان يخفيها في ملابسه وطعن بها الشرطي فأصابه بجراح وصفت بالمتوسطة، قبل أن تعاجله رصاصات جندي آخر فأرداه شهيدا. وبعد يومين من هذه العملية وعلى بعد عدة كيلومترات من حاجز تفوح أصيب جندي صهيوني آخر على حاجز بيتوت اثر تلقيه عددا من الطعنات في الظهر سددها له احد فدائي العمليات الفردية الذي ارتقى شهيدا في وقت لاحق اثر اصابته برصاص الجنود على الحاجز. كما قام فدائي آخر يوم السبت قبل الماضي بتسديد عدد من الطعنات لجندي صهيوني آخر على حاجز بيل بالقرب من بيت حورون فأصابه بجراح متوسطة، قبل أن تصيبه رصاصات جنود الحاجز واعتقاله. وقبل ذلك بساعات وقبل دخول يوم السبت قام عدد من فدائي العمليات الفردية بإحراق محطة وقود في مدخل مغتصبة عيليت، وغادروا المكان بعد أن تركوا شعارا للجبهة الشعبية، العملية التي لم تؤدّ إلى وقوع اصابات في صفوف الصهاينة استنفرت قوات العدو لتشن حملات اعتقال مسعورة في القرى الفلسطينية المجاورة. وفي التاسع من بداية هذا الشهر تعرض صهيوني 26 عاما للطعن بالسكين اثناء قيامه بتعبئة الوقود لسيارته في محطة الوقود في شارع 443 بالقرب من بيت حورون، ما اسفر عن اصابته بجراح متوسطة، قبل أن يصاب الفدائي برصاص جنود الاحتلال. وفي السادس من مطلع الشهر الجاري حاولت احدى المركبات التي تحمل لوحة تسجيل "اسرائيلية" تنفيذ عملية دهس لعدد من جنود التعزيز في شارع 60 فأصاب اثنين منهم بجراح خطيرة وثالث بجراح متوسطة قبل أن تنقلب السيارة من فرط السرعة ليتم اعتقاله الفدائي الذي اصيب بجراح وترك ينزف لساعات قبل أن يتم السماح بإسعافه. وفي الثالث من مطلع الشهر الجاري وبينما كانت ساعات المساء تمر بقلق شمال القدس بالقرب من تقاطع تسيون، القى فدائيو العمليات الفردية زجاجة حارقة على سيارة صهيونية ما أسفر عن إصابة سيدة صهيونية بجراح متوسطة جراء اندلاع النيران في السيارة التي هرب منها زوجها. هكذا بدت الاسابيع الثلاثة الأخيرة منذ جريمة احراق الطفل علي دوابشة وعائلته في قرية دوما، 7 عمليات فدائية فردية خلال 18 يوما فقط. وبينما الضفة المحتلة امام موجة ثورية تتصاعد وتتسع افقيا في مختلف قرى ومدن الضفة المحتلة، ورأسيا عبر تطوير اساليب مقاومة جديدة، نشهد غيابا شبه تام للسلطة وقواتها عن حماية الفلسطينيين من جرائم الصهاينة واستفزازاتهم والتي تتوج بحملات اعتقال مسعورة بحق النشطاء الفلسطينيين. ما يساهم في نجاح هذه العمليات الفدائية أنها فردية ولا توجد أية انذارات مسبقة قد تحبطها، كما لا توجد لها بنية تنظيمية هرمية عنقودية من ناحية التمويل والتخطيط والتنفيذ قد تنجح حملات الاعتقال المسعورة بكشف حلقاتها. الا أن هذه العمليات الفدائية الفردية تفرض على حركات وفصائل المقاومة ضرورة العمل على استخلاص العبر من عشرات التجارب الماضية، والعمل على اسناد ودعم وارفاد هذه العمليات الفدائية الفردية، عبر ايجاد بنية تنظيمية سائلة قوتها في تفرق حلقاتها، بحيث تسند العمليات الفدائية الفردية تمويلا وتخطيطا وتنفيذا، بحيث تعجز قوات العدو كما قوات التنسيق الامني الفلسطينية عن كشف خباياها.
عدم تقدم فصائل المقاومة لتحمل مسؤولياتها النضالية الثورة تجاه هذه الظاهرة الفريدة يفقدها جدواها، اذ يقع على عاتق حركات المقاومة تعزيز الشعور لدى الصهاينة بلهيب الانتفاضة المشتعل في الضفة التي تنفذ فيها ما بين 120-155 عملية مقاومة في الشهر، تتراوح بين عمليات رشق بالحجارة والطعن والدهس وزجاجات حارقة والاحراق. الاوضاع الاقتصادية والسياسية والميدانية في الضفة المحتلة تعزز العامل النفسي لدى الفلسطينيين للانخراط في انتفاضة ثالثة ذات تنظيم هرمي يبدع في التخطيط والتمويل والتنفيذ، ولم يتبقى سوى العمل على تأمين اجماع شعبي من مختلف القوى والفصائل يتجاوز عقدة التنسيق الامني والارتباط المصيري بالعدو الذي تمثله مقاطعة عباس وفريقه الآفل، لضمان نجاح اندلاع انتفاضة جديدة، على غرار الاجماع الشعبي على اندلاع الانتفاضتين السابقتين، ولكن هذه المرة انتفاضة تتعدى مرحلة رد العدوان إلى مرحلة تحرير الارض على غرار قطاع غزة.

من نفس القسم دولي