دولي

للأقصى ربّ يحميه

القلم الفلسطيني

 

الانتهاكات والاعتداءات، وأشكال الاستفزاز الصهيوني لمشاعر العرب الفلسطينيين بدأت تأخذ أبعاداً خطيرة، منها مؤخراً ما قام به مستوطن برفع العلم الإسرائيلي في باحة مسجد قبة الصخرة المشرّفة، إلى جانب الاقتحامات اليومية وتحت حراسة جنود الاحتىلال، لساحات المسجد الأقصى المبارك، والاعتداء بالضرب والسباب والتفوه بألفاظ تمس الذات الإلهية ورسول البشرية عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم. 

مرتان متتاليتان اقتحم رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) يورام كوهين باحة المسجد الأقصى المبارك من جهة باب المغاربة، تحت حراسة مشددة من عناصر الوحدة الخاصة في شرطة الاحتلال ومعه نحو ثلاثين متطرفاً صهيونياً وقاموا بجولات استفزازية في ساحاته وقبالة صحن قبة الصخرة المشرفة، وتبعه مستوطنون برفع أعلام إسرائيلية عند أحد أبواب المسجد الأقصى، فيما حاول آخرون أجراء طقوس تلمودية، وهي محاولات يومية ومتكررة. 

المقدسيون يقاومون بأيديهم، وبصيحات التكبير، ويجأرون إلى الله تعالى، وبالاستنجاد بالخالق القادر لتخليصهم من كابوس الاحتلال، والعجز العربي والإسلامي بلغ مداه ولم يعودوا قادرين حتى على رفع أصواتهم دفاعاً عن بيت المقدس، ولم تعوزهم أدوات الضغط على الكيان الإسرائيلي للجم إرهاب المستوطنين ضد الفلسطينيين والمقدسيين منهم. 

جيوش العرب للاستعراض فقط، وسلاحهم يظهر في ساحات الاقتتال الداخلي، ولحراسة مواكب قادة النظام الرسمي وحمايته فقط، ولا يشرّع لمحاربة العدو الرئيسي لأمة العرب والمسلمين في فلسطين، فإرادة القتال مسلوبة، واستقلالية القرار ليست بيد هذه الأنظمة المرتهنة أو المقيدة بالتزامات دولية، أما إذا تحدثنا عن المسلمين فهم ما يزالون في حالة استرخاء تام وقد لا يستيقظون حتى وإن وجدوا أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين قد انتهى إلى غيرهم. 

ت المقدس يستنجد بكل صاحب قلب ينبض ولا يزال يؤمن بالإسلام دينا وبمحمد عليه الصلاة والسلام نبياً ورسولاً، ويستصرخ ضمير كل عربي بالعمل على تحرير الأراضي المقدسة، وإعادة الحرية لأولى القبلتين وثالث الحرمين، وتطهيره من دنس نازية العصر، وأي حديث أو ممارسة تسعى لتغيير الاتجاه يكون في خدمة عنصرية العصر، وتقوي إرهاب الدولة الذي تمارسه الصهيونية المقيتة. 

يا حكام عرب المشرق والمغرب، الأولوية هي لمحاربة أعداء الحق والدين الذين يحرقون الأرض والإنسان الفلسطيني، ويدمّرون ممتلكاته ومقدراته، فالجهاد الحقيقي هو على أرض فلسطين، حيث بساطير الهمجية اليهودية تدنس باحات الأقصى، الذي لا يزال يقف شاهداً على هزائم أمته، فلم يعد للمسجد الأقصى إلّا ربّه الذي يحميه وهو القادر على كل شيء، وشباب أعزل إلّا من الإيمان بقوة الحق، حملوا أرواحهم على أكفهم دفاعاً عن شرف أمتهم المهدور في باحات بيت المقدس، وفتيات ونساء مؤمنات، قابضات على جمر العقيدة وشرف القومية، في وقت غاب فيه الشرف عن كل الساحات في هذا الزمن الرديء. 

وللأسف فإن المواطنين العرب على المستوى الشعبي، طالهم ما طال الجانب الرسمي من تغييب لقضية فلسطين وبيت المقدس في كل شيء، حتى عن الأذهان، ففي الوقت الذي كانت تندفع فيه الجماهير العربية والإسلامية إلى الشوارع، بعد كل محاولة تدنيس للأقصى بحراك شعبي هائل، لم نعد نرى ذلك الحراك على مستوى الوطن الكبير إلا ما ندر، وعلى خجل، وقد جاء هذا الأمر نتيجة العمل الدؤوب لدوائر سياسية عربية وغير عربية، عملت على ذلك لعقود طويلة، فالمواطن في العالم العربي والإسلامي نتيجة الضغوط الهائلة التي تثقل نفسه وكاهله، لم تعد قضية الأقصى عنده ذات أولوية ولو إلى حين. 

ونستذكر هنا مقولة زعيم بني هاشم.. عبد المطلب جد الرسول عليه الصلاة والسلام، عندما أحاط أبرهة الأشرم بجيوشه الكعبة المشرفة لهدمها فخاطبه رداً على استغراب الأخير، قائلاً: "للبيت ربّ يحميه". 


جواد محمود مصطفى 

من نفس القسم دولي