دولي

استخلاص العبر من حرق الرضيع

القلم الفلسطيني



واقع الحال في الضفة الغربية هو انعكاس للمرحلة الحالية المتمثلة باستيطان مريح وغير مكلف، وأرخص احتلال عرفه التاريخ، وهو ما دفع المغالين من المستوطنين إلى التشرب بلوثات دينية، تجيز حرق الطفل الرضيع علي دوابشة من قرية دوما جنوب نابلس شمال الضفة الغربية.
حماقة ما بعدها حماقة، وغباء ليس له نظير سماح "نتنياهو" بحرق الأطفال الرضع؛ عبر سياساته الحمقاء بدعم لا متناهٍ للمستوطنين، وبناء آلاف الشقق الاستيطانية الجديدة في الضفة المكلومة والجريحة.
سياسات "نتنياهو" تسير عكس التيار، والسنن الكونية؛ فهو لا يرى لحل مشاكل كيانه المحتل إلا القوة، القوة فقط، المزيد من الاعتقالات والقتل والإرهاب والمصادرات وتهويد القدس المحتلة، وبدهيًّا أن كل شيء يزيد عن حده ينقلب ضده، وهو ما سيحصل بالضبط مع "نتنياهو" المتعجرف والمكابر والمخادع باستنكار جريمة وإرهاب قتل وحرق الرضيع.
القول: "إن تداعيات حرق الرضيع مجرد زوبعة في فنجان، وسرعان ما سيعود الفلسطينيون إلى تدبير شؤونهم الحياتية والروتينية" لا يصلح هنا؛ فما جرى هو نقطة تحول في تاريخ تداول الأيام بين الناس، سنة كونية، وجدلية تاريخية، وتراكم الأحداث يوجد الوعي المحرك للأحداث الساخنة لاحقًا.
القوة حين تكون مدعومة بالحق والعدل تسير بخطى ثابتة ويرضى عنها العباد والبلاد، ولكن عندما تكون القوة مدعومة بالإرهاب والإجرام وقتل الأبرياء من الأطفال الرضع تكون منبوذة ومكروهة، ومنطقها يبقى ضعيفًا ولا تصلح لسوى مزابل التاريخ.
المطلوب هو فضح الاحتلال؛ ومن هنا يجب التركيز على تطوير الإعلام الفلسطيني بمختلف أشكاله ليواكب التطور الإعلامي المتسارع في العالم، ويستخدم كسلاح فعال في تعرية الاحتلال بقتله الأطفال والنساء؛ حيث سبق وقتل قبل حرق الرضيع 570 طفلا في الحرب العدوانية قبل عام على غزة حرب "العصف المأكول".
دوام الحال من المحال، جريمة حرق الرضيع أفرزت معدن الذهب من الشوائب التي عليه أكثر فأكثر؛ فلا يوجد دولة إلا وأدلت بدلوها في هذا الحدث الذي لم يألفه العالم سابقًا؛ لأن حرق رضيع لا يفعله إلا من في عقله لوثة.
الحالة الفلسطينية المعيشة لا تسر صديق؛ فدم الرضيع علي قرب المسافة بين الأشقاء، ويصرخ دمه أن لا فرقة وانقسام بعد اليوم أمام احتلال مجرم يقوم بأعمال القتل على مرأى ومسمع من العالم.
القادر على الرد على جريمة حرق الرضيع هي المقاومة الواعية والمدروسة والمخطط لها جيدًا، التي تقوم على إيلام المستوطنين وفق برنامج وطني، موحد وليست العفوية أو التي تقوم على رد الفعل دون معرفة النتائج والتوابع مقدمًا.
الرد على الجريمة يتطلب الحراك؛ فصنع الأحداث لا يكون من نصيب المنهزمين نفسيًّا ومعنويًّا، ولا يكون من نصيب من لا يؤمنون بالقدرة على التغيير، أو المشتتين والمنقسمين على أنفسهم، لذلك وجب على مختلف ألوان الطيف الفلسطيني سرعة التوحد على أرضية المصلحة العليا للشعب الفلسطيني برفض الاحتلال والاستيطان والخلاص منه؛ لاستثمار حالة التعاطف العالمي مع القضية الفلسطينية بعد جريمة حرق الرضيع؛ فهل يا ترى سنجد هذه المرة آذانًا صاغية؟


 

خالد معالي

من نفس القسم دولي