دولي
100 مليون دولار فقط يا عرب
القلم الفلسطيني
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 05 أوت 2015
أيها العرب.. حسنة لله.. "حسنة قليلة تمنع بلاوي كثيرة".. سأستخدم "قاموس الشحادين" لأنني أريد أن "أدب الصوت" وبأعلى ما لدي من قوة لأطلب من العرب أن يقدموا لآخرتهم شيئاً، و"كله بثوابه"، وكل المطلوب هو 100 مليون دولار لإنقاذ الطلاب الفلسطينيين الذين سيجدون أنفسهم على قارعة الطريق مع بدء العام الدراسي. المسألة ليست مزحاً، ولا لعباً ولا "هرتكات إعلامية".. المسألة جد بل "جد الجد"، لأن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) حذرت لن تكون قادرة على ضمان عودة نصف مليون طالب فلسطيني إلى المدارس لنقص الأموال، وأنها قد تضطر إلى إغلاق 700 مدرسة في الأردن وسوريا ولبنان والضفة الغربية وغزة، لأن المنظمة الدولية تعاني من عجز بقيمة 101 مليون دولار لهذا العام. هذه الوكالة الدولية جأرت بصوتها منذ شهور حول وضعها المالي، بل أن المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف صرح الشهر الماضي أمام مجلس الأمن الدولي بأن الوكالة تعاني من أزمة مالية "غير مسبوقة". وما لم يتم حل هذه الأزمة فإن إغلاق المدارس وتأجيل العام الدراسي على الطاولة، وهذا الأمر متوقف على توفر الأموال اللازمة.
الأنظمة العربية تصرف على العسكر 100 مليار دولار سنوياً، وتشتري أسلحة بلا حساب، رغم أنها لا تحارب أحداً، وإذا دخلت في حروب هزمت فيهاـ وهي لم تسجل انتصاراً واحداً في القرن العشرين وعقدين من القرن الحادي والعشرين.. تصرف 10 أضعاف ما ينفقه الكيان الإسرائيلي الذي يخصص للنفقات العسكرية 10 مليارات دولار، ومع هذه فإن هذا الكيان اللقيط قادر على التفوق على الأنظمة العربية كلها بعشر ما تنفقه هذه الأنظمة؟ الشعب الفلسطيني يريد من هذه المائة مليار فقط 100 مليون، يعني واحد بالألف فقط، دولار واحد من كل ألف لإنقاذ مستقبل 500 ألف طالب فلسطيني، ومنع إغلاق 700 مدرسة، وهو مبلغ هزيل لا يذكر مقارنة مع مئات المليارات التي قدمت لمساعدة أمريكا "الفقيرة" في نيو أورليانز، أو إنقاذ حديقة الحيوانات في لندن، التي تم إنقاذها بأموال عربية أيضاً. الأنظمة العربية وأمريكا وأوروبا وروسيا شركاء بصناعة المأساة الفلسطينية، وهي مطالبة بأن لا تتنكر لما اقترفته بحق الشعب الفلسطيني، وأقل ما يجب أن تقدمه هو الحفاظ على مدارس الطلاب الفلسطينيين مفتوحة، فالعلم والتعليم هو السلاح الوحيد بيد الشعب الفلسطيني الذي صار ظهره إلى الحائط. في قطاع غزة وحده 225 ألف طفل في أكثر من مائتي مدرسة تابعة للأنروا، يعانون من صعوبات بسبب الحروب الإرهابية الثلاث التي شنها الكيان الإسرائيلي على القطاع الفقير في الأعوام السبعة الماضية. وفي سوريا ولبنان فإن الطلاب الفلسطينيين يعانون من أوضاع يرثى لها، بل وصلت نسبة الأمية بين الفلسطينيين في لبنان إلى 25 في المائة، والأخطر من ذلك أن 9% من الأطفال الفلسطينيين في لبنان لم يلتحقوا بالمدارس أصلاً. وهذا يدل على الكارثة التعليمية التي تحيق بالشعب الفلسطيني، لن أطالب سلطة عباس ميرزا في رام الله أن تتحرك، فهي مشغولة بالتنسيق الأمني ولا وقت لديها. إغلاق مدارس الأونروا التي يدرس فيها الطلاب الفلسطينيون، ورمي نصف مليون طفل فلسطيني في الشوارع، هو شكل من أشكال تصفية القضية الفلسطينية، وشكل من أشكال الإبادة الجماعية، التي يتحمل العالم مسؤوليتها خاصة الدول العربية.
سمير الحجاوي