دولي

الطفل علي دوابشة يصيح لا أريد الموت

القلم الفلسطيني

 

 

هو مسلسل المستوطنين المتواصل في عملية التطهير العرقي التي اتبعتها العصابات الصهيونية منذ البداية وهم يرقصون على جثث أطفال ونساء دير ياسين 1947. ما يدعيه نتنياهو وحكومته من شجب لما يقوم قطيع المستوطنين به من جرائم متواصلة وبأساليب مختلفة هو ضحك على الذقون. فنتنياهو يسعى من هذا لتهدئة الغضب العارم الذي تزيد سخونته ارتفاع درجات الحرارة هذه الأيام. ولعل حرق عائلة كاملة في بيتهم/ عائلة الدوابشة في قرية دوما قضاء نابلس لهو جريمة جديدة تعزز النظرية التي تقول، إنهم ماضون في سياسة إبادة الفلسطينيين وقطع دابرهم كما يعتقدون. 

"إسرائيل" ونتنياهو بالذات الذي يعرف كيف يخدع الرأي العام العالمي يحاول التخلي عن المسؤولية. إلا أن هذا لن يقلل من الحقيقة بأن الأساليب الاجرامية للصهيونية قد أصبحت معروفة للعالم أجمع. فالاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، وتفريغ البيوت من أهلها بالهدم بالجرافات أو بأيدي أصحابها أمثلة. واليوم بالحرق بالجملة، بعد أن قاموا بالسابق بحرق محمد أبو خضير وغيره حتى الموت فرادى. ولعل هذا الأسلوب أحد الأساليب لتهجير من تبقى في الجوار، ولاستيلاء المستوطنين لبدء إقامة مستوطناتهم على أنقاض دور العائلات المتجذرة في الأرض. ومن يتابع سياسة نتنياهو يرَ قرارات الحكومة الإسرائيلية خلال الأسابيع الماضية بتكثيف بناء المستوطنات في كل مكان، من القدس إلى نابلس وضواحيها. وها هم يهاجمون بوحشية لتنفيذ الخطط المرسومة العلنية أو المبهمة. 

ولعل هذه التحركات والمسيرات التي عمت فلسطين بالإضافة لشوراع البلدان المناصرة للإنسان الفلسطيني وحقوقه تشير إلى الجريمة الوحشية بامتياز. فجريمة حرق الطفل (علي) وهو يحلم في مهده، هي جريمة إنسانية لا مثيل لها، وعلى أثرها فقد تنشطت الديبلوماسية العربية، التي عادة ما تنشط ثم تخبو. فها هي الجامعة العربية تطالب بتحقيق دولي بحرق الطفل علي وعائلته التي نجت نسبياً من الموت بدم بارد أو ساخن ترك حروقاً أليمة على أجساد أفراد العائلة. وهناك تحرك فلسطيني أردني في مجلس الأمن لطلب لجنة تحقيق دولية. وهناك أصوات شجبت الحادثة الإجرامية ومنها الولايات المتحدة، ألمانيا، وبريطانيا. وما يثير الانتباه هو "الطلب للجنة تحقيق دولية". والسؤال، ألم يقم بذلك الفلسطينيون والأردنيون وغيرهما من دول العالم في حوادث بشعة مماثلة في السابق؟ ألم تكتب لجان التحقيق الكثيرة التقارير وترفعها للأمم المتحدة، ألم يضطر بعض القضاة والمستشارين والمتخصصين من تغيير شهاداتهم أو إهمال ما توصلوا إليه من أعمال إسرائيل" أنها ترتقي إلى جرائم الحرب؟ كل ذلك حصل وأكثر منذ تاريخ النكبة الفلسطينية، ونذكر باغتيال الرئيس عرفات ولجان التحقيق والمتاهات التي وصلت اليها. 

العالم أصبح أصغر، وأدوات التحقيق والملاحظة أصبحت أوضح وأسرع، فقد نشرت النتيجة فوراً. فنتائج التحقيق الطبي بيّنت أن جثة الطفل البريء كانت متفحمة، وأطرافه مختفية من شدة الحرق، والرئة ذائبة، كما نشرت وسائل الاعلام. ولعل اللجنة المكلفة تأخذ بالحسبان كيف كان شعور الطفل الرضيع وآلامه وهو يحاول أن يفلت من كوفليته المشتعلة وهو يصرخ مستجيراً بأمه أو العالم أن يشفع له لكي يعيش. 

إن ما يستطيع العالم فعله اليوم هو ليس فقط التحقيق بالجريمة، فالدلائل واضحة وكافية، ولكن نعم، يستطيع مجلس الأمن في الأمم المتحدة أن يكون أكثر فاعلية ليس بالقول، بل باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، لمعاقبة "إسرائيل" على أعمالها المستمرة في التطهير العرقي الذي تقوم به إزاء الفلسطينيين. وعليها أن تكون أكثر صراحة بالقول: أن "إسرائيل" دولة إرهابية، وهي دولة غير شرعية، وقد أن الاوان لإعادة الحق للفلسطينيين وتخليصهم من هذا الاحتلال الوحشي. فهل يا ترى سنرى الجديد لإيقاف مثل هذه الجرائم من حرق وقتل الأطفال والكبار؟ أو سنظل نطلب لجان تحقيق تحقق بما هو واضح وفاضح؟! هذا هو السؤال دوماً. 

د. عايدة النجار 

من نفس القسم دولي