دولي

انتصار بطعم رمضان

القلم الفلسطيني:

 

 

تنسّم الأسير البطل خضر عدنان عبير الحرية بعد معركة الأمعاء الخاوية وإضرابه عن الطعام أكثر من خمسين يومًا احتجاجًا على اعتقاله التعسفي، وذقنا معه طعم انتصار الإرادة والصمود الأسطوري في وجه الاحتلال والسجان بعد أن أثبت بصموده ونضاله أن هذه الإرادة أقوى من جبروت الاحتلال، لتشكل بذلك رافعة لكل الأسرى ولشعبنا الذي يمتلك هذه الإرادة للتحرر من السجن الأكبر ونيل الحرية والاستقلال. 

اليوم تنتصر إرادة أسرانا الأبطال من أشبالنا وشبابنا وشاباتنا وشيبتنا وشيابنا، وهم يخوضون معركة "الأمعاء الخاوية"، والذين سطروا خلالها أروع ملاحم الصمود والتحدي في مواجهة السجان من خلال "سلاح الجوع" الذين لا يملكون سلاحًا غيره في الزنازين والخيم والمعتقلات والسجون، وأحبطوا كل محاولات القهر والإذلال وكل إجراءات القمع والتعذيب التي تمارسها سلطات الاحتلال ضدهم، الذي فشل أمام صمودهم بالنيل من هاماتهم وعزائمهم ووطنيتهم وعدالة قضيتهم، لقوة إيمانهم وبرِّهم واعتزازهم وفخرهم بنضالهم من أجل قضيتم التي دفعوا من أجلها الغالي والنفيس من أعمارهم ودمائهم، وإيمانهم ويقينهم أيضًا بالنصر والتمكين، ليُعيدوا لنا ولأمتهم المجد والكرامة والعزة، وليمسحوا عار النكبة والنكسة والانقسام عن الجبين. 

إن أسرانا الأبطال داخل سجون ومعتقلات الاحتلال استطاعوا تحقيق انتصار كبير بفعل إرادتهم القوية وصمودهم وثباتهم وإصرارهم على تحدي جبروت الاحتلال الظالم. 

فقد انتصر الأسرى في صفقة "وفاء الأحرار" وانتصروا في معركة "الكرامة" ولا يزالون يحققون الانتصارات، لطالما أنهم أصحاب الحق ويؤمنون بعدالة قضيتهم وأن الاحتلال المجرم هو الباطل، ولطالما أنهم يشعرون بالتضامن الشعبي والجماهيري من حولهم لنصرة قضيتهم على الصعيد المحلي والعربي والعالمي، وفضح ممارسات وقوانين الاحتلال وسجانيه وممارساتهم اللاإنسانية بحقهم أمام المؤسسات والمحافل الدولية الحقوقية وفي كل الميادين الرسمية وغير الرسمية طوال أيام إضرابهم عن الطعام، داعمين ومدافعين عن قضية أصحاب "الأمعاء الخاوية" التي وقف أمامها الاحتلال صاغرًا ذليلًا، لأن الحقوق لا تنتزع وتسترد إلا بالقوة وليس بالاستجداء. 

فما يقوم به الأسرى من إضرابات عن الطعام وهو السلاح الوحيد الذي يملكونه بسبب إجراءات التعذيب والتنكيل والانتهاكات المستمرة للكرامة الإنسانية المتنافية مع كل الاتفاقيات والأعراف والمواثيق الدولية، التي تجرم تلك الممارسات اللاإنسانية التي تقوم بها مصلحة السجون الإسرائيلية بحق أسرانا في سجونها ومعتقلاتها، حيث يمثل الاحتلال الإسرائيلي حالة فريدة من حيث ممارسة التعذيب بين دول العالم، بحيث لا يوجد دولة أخرى في العالم تشرِّع التعذيب للأسرى. 

إن ما يجب أن يقال هنا, أن معركة الأمعاء الخاوية التي خاضها الشيخ خضر عدنان والإضرابات المتوالية التي خاضها الأسرى ولا زالوا, تشكل صفحات مشرقة في تاريخ الحركة الأسيرة وتاريخ نضالنا الوطني نحو الحرية والاستقلال وتشكل درسًا وأنموذجًا لهذا الجيل والأجيال القادمة ولكل محبي الحرية والعدل لانتزاع حقوقهم والبناء على هذا الإنجاز المهم لتحقيق فريد من الإنجازات للحركة الأسيرة ولشعبنا، ولقد حان الوقت كي يسمع صناع القرار في مختلف عواصم العالم عمومًا وفي عواصمنا العربية والإسلامية والغربية صرخة الأسرى، وأن تتعامل هذه العواصم بشكل مختلف تمامًا مع الانتهاكات الإسرائيلية الفظة للقانون الدولي ولمواثيق الشرعية الدولية، كما وأننا في هذا اليوم نقف جميعًا كشعب فلسطيني وقفة رجل واحد مع أسرانا في إضرابهم عن الطعام تضامنًا مع الأسرى المضربين منذ شهور طويلة، على رأسهم الأسير البطل خضر عدنان الذي أجبر سلطات الاحتلال على توقيع اتفاق تحريره بعد أسبوعين, والذي رفض أي مساومة أو مقايضة أو ابتزاز أو تنازل عن حقه العادل بإنهاء اعتقاله الإداري، وقد تزامن هذا الانتصار بانتصار جديد لغزة التي شهدت عدوان العام الماضي في شهر رمضان. 

وأين هو موقف وزارة الأسرى والسلطة؟، لم نسمع منها إلا أقوال فقط، وهذا لا يكفي -بعدم تفعيل قضية الأسرى شعبيًا ودوليًا، وإننا نطالبها بالوفاء لقضية الأسرى ودعم حالة الالتفاف الوطني والدولي حول قضيتهم التي تعدُّ عنوانًا لوحدة الصف الفلسطيني من أجل إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة واستعادة الوحدة الوطنية. 

د. أيمن أبو ناهية

من نفس القسم دولي