دولي

الأسرى في مرمى الانتقام الصهيوني

مشاريع قوانين فاشية يحضرها الكنيست تستهدفهم

 

  • التغذية القسرية للأسرى المضربين عن الطعام أبزها 

 

يضع الكنيست الصهيوني على طاولة نقاشه عدداً من القوانين المتعلقة بالمقاومين الفلسطينيين الأسرى. قوانين تبدأ بالتغذية القسرية للأسرى المضربين عن الطعام ولا تنتهي بقانون ينص على إعدامهم، حيث اجتمعت اللجنة الوزارية الخاصة بالقوانين في الكنيست، لتناقش وتبحث قانوناً يشرّع إعدام الأسرى الفلسطينيين. 

لكن رئيس حكومة الكيان الصهيوني، بنيامين نتنياهو، أعلن، عن معارضته لصيغة قانون يقترحه حزب "يسرائيل بيتينو" بقيادة وزير الخارجية السابق، أفيغدور ليبرمان، يدعو إلى تخويل المحاكم المدنية فرض عقوبة الإعدام على منفذي عمليات ضد إسرائيل، تسفر عن مقتل مواطنين إسرائيليين. وقرّر نتنياهو تأجيل عرض اقتراح القانون على لجنة التشريع الوزارية، خلافاً لما كان مقرراً سابقاً، وتحويل الأمر للجنة خاصة لمناقشته. واعتبرت مصادر حزبية في الليكود، أن "الخطوة تهدف أساساً إلى منع منح ليبرمان، الذي رفض المشاركة في ائتلاف نتنياهو، وينتقده كثيراً، من تسجيل مكاسب سياسية على حساب الليكود". من خلال القوانين، يكون رجل الأمن الصهاينة بمنأى عن أي محاسبة حين يقتل أو يعذّب أسيراً فلسطينياً خلال التحقيق وتجمع اللجنة الوزارية المختصة بالتشريعات في الكنيست الصهيوني، كلاً من وزير العدل الإسرائيلي وخبراء قانون وسياسة، تكمن مهمتهم في صياغة قوانين تسير على خطى الفاشية. فقد قطعت إسرائيل شوطاً كبيراً في قوانينها العنصرية، وبدأت تصمم قوانين للقتل البطيء والإعدام، ومحاكمة الأطفال من رامي الحجارة بعقوبة السجن تصل إلى 20 عاماً. يقلب هؤلاء الخبراء كل حجر بحثاً عن أي أمر عسكري في زمن الانتداب البريطاني البائد أو في مواد القانون الجنائي لمواءمة السياسة والإجراءات مع القوانين، حتى يكون رجل الأمن الإسرائيلي بمنأى عن أي محاسبة حين يقتل أو يعذّب أسيراً فلسطينياً خلال التحقيق، بل ويتم تقديم مظلّة قانونية فضفاضة له طالما أن الضحية فلسطيني. يعدّد وزير هيئة الأسرى والمحررين، عيسى قراقع، ما يذكره من هذه القوانين، التي يرعاها متطرفون مثل وزير الخارجية السابق، أفيغدور ليبرمان، ووزيرة العدل الإسرائيلية، إيليت شاكيد، وغيرهما من المتطرفين في حكومة الاحتلال، كقانون التغذية القسرية للأسرى المضربين عن الطعام، قانون رفع الأحكام بحق الأطفال رامي الحجارة لتصل إلى 20 عاماً، قانون حرمان الأسرى من الاتصال بعائلاتهم، قانون عدم توثيق مجريات التحقيق مع الأسرى بالصوت والصورة، قانون إعدام الأسرى، قانون إعادة اعتقال الأسرى المحررين، قانون تقييد صلاحية رئيس الدولة في الإفراج عن الأسرى في صفقات التبادل أو المفاوضات. ويقول قراقع، "نحن أمام جرائم منظّمة لدولة الاحتلال بمظلة قانونية"، مضيفاً: "كلها قوانين معروضة على طاولة النقاش والبحث في الكنيست الإسرائيلي، وبعضها تم تمريره من خلال القراءة الأولى وينتظر القراءة الثانية، واستكمال إجراءات إقراره حتى يصبح نافذاً وأمراً واقعاً، ليُعمَل به في المحاكم الإسرائيلية". المفارقة، أن الفلسطينيين لا يعلمون شيئاً عن هذه القوانين التي يسمعون عنها في الإعلام الإسرائيلي. يبدأ الأمر مثل بالون اختبار، عادة ما تقيس به إسرائيل ردة الفعل. فإذا كانت ردة الفعل واسعة، تضعه في الدرج إلى حين تسنح الفرصة التي عادة ما تتوفر عند أي فعل مقاوم. أمّا إذا لم يلق أي ردة فعل، وهذا الأمر الغالب، تبدأ بتمرير القانون ليصطدم به الأسير الفلسطيني في المحاكم العسكرية الإسرائيلية، بعد أن أصبح نافذاً بالفعل. وقد ناشدت هيئة شؤون الأسرى والمحررين كافة البرلمانات في العالم. وتحدث قراقع أمام البرلمان الأوروبي قبل أسابيع، ليشرح أمام مئات النواب الأوروبيين قوانين الاحتلال بحق الأسرى، ومضيّ إسرائيل قدماً في سن قانون يشرّع إعدام الأسرى، فضلاً عن طلب تدخل عاجل لمجلس حقوق الإنسان، قائلاً: "هذا ما نستطيع فعله على أمل الحصول على المساعدة". وبحسب قراقع، فإنّ لجنة حقوقية من البرلمان الأوروبي ستحضر إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة في 22 جويلية الحالي، وسيُطلب منها زيارة المعتقلات الإسرائيلية. ويعلم قراقع، كما كل فلسطيني، أن إسرائيل لن تسمح لأحد بزيارة معتقلاتها ومعاينتها عن قرب. فقد سبق ومنعت لجنة تحقيق أوروبية ودولية من دخول المعتقلات الإسرائيلية أكثر من مرة، لا سيما في العامين الماضيين، عندما استشهد أكثر من أسير بسبب التعذيب مثل عرفات جرادات أو الإهمال الطبي مثل ميسرة أبو حمدية وغيرهما الكثيرين. 

 

لا يعلم الفلسطينيون شيئاً عن هذه القوانين التي يسمعون عنها في الإعلام الإسرائيلي

 

تواجه مؤسسة "الضمير" لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مثل غيرها من المؤسسات الحقوقية المهتمة بالأسرى، والقوانين الصهيونية بكل السبل القانونية. ويتم ذلك عبر التنسيق مع مؤسسات حقوقية دولية مختلفة. تدرك المحامية ومديرة المؤسسة، سحر فرنسيس، أن معركتها وغيرها من القانونيين الفلسطينيين والدوليين ضد القوانين الإسرائيلية معركة تنطلق من قواعد جوهرية مختلفة. وبحسب فرنسيس، فإنّ "دولة الاحتلال لا تتعامل في قوانينها مع الأسرى على اعتبار أنهم بشر ولهم حقوق، بل أن النقمة والشعور بضرورة الانتقام المحرك الأساسي لابتداع كل هذه القوانين من البرلمان الإسرائيلي الذي ترتفع وتيرة الفاشية فيه يوماً بعد آخر". وتثبت إسرائيل بشكل دائم أن المعايير العالمية لحقوق الإنسان ليست على قائمتها بالتعامل مع الفلسطينيين، لذلك قطعت بعض قوانينها الفاشية شوطاً متقدماً نحو تطبيقها ضد الأسرى، لتكون بذلك مسألة وقت لا أكثر. وتقول فرنسيس، أن "قانون التغذية القسرية مرّ من خلال القراءة الأولى، وتم التوجه إلى المؤسسات الدولية والأمم المتحدة، وتقديم شكوى إلى المقرر الخاص بموضوع التعذيب من قبل مؤسسة الضمير، وأطباء لحقوق الإنسان، العام الماضي". وتابعت فرنسيس: "لقد بعثنا رسالة ثانية هذا العام، بعد موافقة الكنيست على إعادة استخدام النص ذاته الذي قدم العام الماضي، وطرحه للتصويت عليه حالياً من خلال القراءة الثانية والثالثة تمهيداً لتطبيقه بعد ذلك". قانون آخر يهدّد آلاف الأطفال الفلسطينيين، الذين بات رشق أي منهم لحجر على مركبة عسكرية إسرائيلية أو للمستوطنين، يجعله مهدداً بالسجن لمدة عشرين عاماً. يجد هذا القانون تشجيعاً من أعضاء الكنيست الذين وضعوه على طاولة البحث والنقاش، لعلّهم يفلحون في اجتثاث أبسط أنواع المقاومة الفلسطينية، التي تكمن في إلقاء حجر نحو آلة عسكرية مدججة. وعادة ما يكون إطلاق النار المباشر من قبل الجنود والمستوطنين هو الرد المباشر على هذه المقاومة، لكن في حال أخطأ الرصاص جسد رامي الحجارة، فإنّ السجن 20 عاماً سيكون في انتظاره. وتعلّق فرنسيس على هذا القانون بالقول أن "عقوبة رامي الحجارة على مركبة عسكرية بالسجن 20 عاماً موجودة في الأوامر العسكرية. وما قامت به إسرائيل أخيراً، هو مواءمة القانون المدني بالأوامر العسكرية المعمول بها في الأراضي المحتلة، لأن العقوبة بموجب القانون المدني أقل من 20 عاماً". 

ع. ع 

من نفس القسم دولي