دولي
عام على العدوان.. ألم يحِن الأوان لرفع الظلم؟!
القلم الفلسطيني
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 11 جولية 2015
في السابع من جويلية من العام الماضي (2014)، شرع جيش الاحتلال في عدوانه الثالث على قطاع غزة، وتردد حينها أن الحكومة الإسرائيلية هربت من انتفاضة قد تندلع في الضفة الغربية بسبب قتل مجموعة إسرائيلية متطرفة، الطفل المقدسي محمد أبو خضير، باتجاه عدوان "سريع" على غزة. دام العدوان الجديد واحدًا وخمسين يومًا، واستمر حتى 20 أغسطس/ آب، وارتكبت خلاله قوات الاحتلال العديد من المجازر، منها مجزرتا الشجاعية ورفح، كما دمرت أكثر من ثلاثين ألف منزل بشكل شبه كامل، وكانت حصيلة العدوان أكثر من 2200 شهيد وجرح الآلاف. في المقابل، تمكنت المقاومة من الصمود عسكريًّا على الرغم من كثافة النيران الإسرائيلية، وإنهاء الحرب في وقت تم التفاوض بشأنه، لا بالشكل الذي يريده الاحتلال، وكان أبرز إنجازاتها إطلاق مئات القذائف الصاروخية في اتجاه مدن ومناطق في عمق دولة الاحتلال، خصوصًا القدس المحتلة وتل أبيب.
بعد العدوان تباينت آراء الإسرائيليين حول جدوى "القبة الفولاذية" في حماية العمق من الصواريخ الفلسطينية، خصوصًا بعد عجزها عن التصدي لصواريخ G80 الفلسطينية على الرغم من تحذير المقاومة المسبق من عزمها قصف تل أبيب في 12 جويلية، كما برزت تساؤلات، وحتى اللحظة، حول حقيقة وقوع جنود إسرائيليين أسرى بيد حماس. في العاشر من جويلية عرض الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، على رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، المساعدة في التوصل إلى وقف لإطلاق النار. واعتبرت مفوضة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، نافي بيلاي، أن حصيلة القتلى والجرحى بين صفوف المدنيين الفلسطينيين في غزة "تثير شكوكًا" بشأن مدى التزام (إسرائيل) بالقانون الدولي.
أبرز الارتدادات الاقتصادية للعدوان، كان إعلان شركات الطيران الأميركية وبعض شركات الطيران الأوروبية إيقاف رحلاتها إلى (إسرائيل) بسبب مخاوف أمنية إثر سقوط صاروخ أطلق من غزة قرب مطار (بن غوريون) في تل أبيب. عرفت هذه الحرب بسياسة "تدمير منازل العائلات" من قوات الاحتلال، ودمرت منازل عوائل مثل عائلتي "كوارع" في خان يونس و"حمد" في بيت حانون. وانتهى العدوان بوساطة مصرية أميركية بين حماس ودولة الاحتلال، لتعلن حماس بعدها انتصارها، بينما سارع الاحتلال ووسائل الإعلام الإسرائيلية إلى الحديث عن تعزيز قدرة الردع الإسرائيلي في مواجهة المقاومة الفلسطينية عام كامل مر على بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في إطار عملية "الجرف الصامد" التي شنها جيش الاحتلال، وهي ثالث حرب يشنها الاحتلال الإسرائيلي على القطاع خلال ستة أعوام. تسبب العدوان في تأزيم أوضاع الغزاويين وأحوالهم، 1,8 مليون شخص يعيشون محاصرين داخل 365 كيلومتر، ما أدخلهم في حالة من الخناق الاقتصادي. وفقًا لإحصاءات البنك الدولي، يعد معدل البطالة في الأراضي الفلسطينية الأعلى في العالم، إذ يصل إلى 40 في المائة، وترتفع هذه النسبة لدى الشباب، والذين يشكلون الجزء الأكبر من السكان، إلى مستوى 60 في المائة. الأحياء التي استهدفتها بشكل أكبر نيران جيش الاحتلال والصواريخ، مثل حي الشجاعية، ما زالت تتعثر فيها جهود إعادة الإعمار. فالتمويلات التي وعد المانحون الدوليون بتقديمها خلال قمة القاهرة، أواخر عام 2014، تصل ببطء شديد إلى القطاع، الغزيون لا يملكون الوسائل المالية لشراء مواد البناء لإعادة تشييد مساكنهم التي دمرت، حتى بعد سماح سلطات الاحتلال بدخول تلك المواد.
حكومة التوافق لم تشرع في أداء مهامها بغزة، كما أن تصفية الحسابات لا تزال متواصلة، على الرغم من الدعوات عديمة الجدوى للوحدة الفلسطينية. منظمة Save the Children أكدت أن أغلب الأطفال الذين يعيشون في مناطق غزة التي تضررت نتيجة العدوان الإسرائيلي تظهر عليهم علامات الاضطراب العاطفي، بعد مضي عام على الحرب الإسرائيلية القاتلة. وأشارت المنظمة في تقريرها إلى أن أطفال مناطق غزة التي تضررت من العدوان لا تزال تظهر عليهم علامات الاضطراب العاطفي الشديد من خلال مستويات مرتفعة من التبول اللاإرادي والكوابيس خلال النوم. وبين مسح أجرته المنظمة أن ما معدله 75 في المائة من الأطفال الذين شملهم المسح يعانون من التبول اللاإرادي المنتظم. و89 في المائة من الآباء ذكروا أن أطفالهم يعانون من الخوف الدائم، في حين أشار 70 في المائة منهم إلى أن أطفالهم متخوفون من وقوع حرب ثانية. كما تبين أن 7 من كل 10 أطفال ممن شملهم المسح، يعانون الكوابيس. أطفال غزة خلال العدوان الإسرائيلي الذي استمر 51 يومًا حضروا وشاهدوا ما جرى من قتل ودمار، ورأوا منازلهم تتهدم ومدارسهم قد أصابتها القنابل. فقد حصد العدوان 551 طفلاً في غزة وأصيب 3436 طفلاً. في حين فقد 1500 طفل والديهم. عام كامل مضى على العدوان الثالث على غزة خلال 6 سنوات فحسب، فهل بات الدم الفلسطيني رخيصًا على العرب والمسلمين وشرفاء العالم إلى درجة أن يتجرأ الاحتلال على معاودة العدوان بهذا الشكل العدائي المتكرر من دون أن يجد رادعًا أو مواجهًا سوى صواريخ المقاومة وبنادق رجالها؟