دولي

تحية في يوم الذكرى

القلم الفلسطيني

 

كان الثلاثاء، السابع من جويلية في التاريخ الميلادي، الذكرى السنوي لحرب (إسرائيل) العدوانية الثالثة ضد غزة، في ظل سيطرة حماس على القطاع. مرّ يوم الذكرى سريعا بين سكان قطاع غزة، ولم تلتفت له وسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية كثيرا. مرّ اليوم وكأنه يوم عادي من أيام السنة، وكأنه لم يكن في هذا اليوم ثمة حرب شرسة ذهب ضحيتها ما يزيد على ألفي شهيد، وأحد عشر ألف جريح، واثنين وعشرين ألف بيت مهدم ومتضرر. لم يكن يوم السابع من تموز 2014 م يوما عاديا، لأنه كان يوم حرب وقتال لم تعرف المنطقة حربا مثلها. حرب امتدت واحدا وخمسين يوما، وعرفت عند حماس باسم (العصف المأكول)، وعند العدو باسم (الجرف الصامد)، وكانت أطول حرب تخوضها قوات العدو مع المقاومة في غزة المحاصرة. كانت الحرب الأكثر نيرانا في حروب العدو، حيث استخدم فيها ما يملك من أنواع السلاح كافة عدا الذرة، وتفوقت القيمة التفجيرية لما استخدمه على القيمة التي تولدت عن القنبلة النووية التي ألقتها أميركا على هيروشيما. في هذا اليوم من العام الماضي وقفت المقاومة الفلسطينية بقيادة حماس وحيدة، نعم وحيدة، في مواجهة العدوان، ورد هجمات جيش الاحتلال عن غزة. كانت حماس وحيدة، وكانت المقاومة وحيدة، بلا سند أرضي من العرب أو من غيرهم، غير أنها تلقت وبحمد الله إسنادا إلهيا مكنها من الصمود، ومن النجاح في صد العدوان، وإيقاع خسائر ذات مغزى به. وحين نقول إسنادا إلهيا فنحن نعني ما نقول، إذ لا يصدق عقل ما حصل من صمود ونصر دون توفيق الله ولطفه. ما زالت قيادات العدو وجنوده يتحدثون عن المعارك الصعبة التي واجهوها في الشجاعية وبيت حانون وخان يونس، ورفح، والوسطى، وما زالت بطولات القسام وقصص تضحياته تثير فينا الإعجاب والدهشة، وتثير في قلوب العدو وجنوده الرعب والخوف. في هذا اليوم كتب الشعب الفلسطيني بقيادة المقاومة ملحمة البقاء، والصمود، والنصر، فقد تأكدت (إسرائيل) والعالم من خلفها أنه لا استقرار للمنطقة حتى تستقر فلسطين، وحتى يستعيد الفلسطيني حريته وكرامته ويحرر أرضه المحتلة. أن درس الحرب ونتائجها أكبر مما نتصورها حين ننظر من ثقب المادة، ولكن الشعب الفلسطيني يفتقر إلى القيادة الوطنية الفذة القادرة على استثمار الحرب وتوظيفها من أجل التحرير. في هذا اليوم كتبت الدماء اسم فلسطين حرة عربية، ونعت إلى الأمة مشروع التصفية وقادته، وكشفت حجم المؤامرة الدولية التي تحاك ضد فلسطين وحقها في الحياة دولة حرة ذات سيادة. وفي هذا اليوم رفع العرب والعالم القبعة احتراما وتقديرا لغزة ولمقاومتها الباسلة التي غدت مثلا يحتذيه الأحرار في العالم. قد لا يشعر بعضنا، وبعض من غيرنا، بقيمة هذا اليوم وهذه الحرب، لأن آثارها التدميرية ما زالت قائمة، ولأن قوة العدو وقدرته على استثمار نتائجها لصالحه أعلى من قدرة المقاومة، ولأن مشاعر الهزيمة النفسية ما تزال تسكن في مساحات واسعة من الأمة بسبب ما تعانيه من تمزقات وفتن وصراعات داخلية، غطت على معركة الصمود التي سطرتها المقاومة الفلسطينية في ذلك اليوم. 


د. يوسف رزقة


من نفس القسم دولي