دولي

(المال السايب بيعلم...)

القلم الفلسطيني

 

دحلان يتهم محمود عباس بإخفاء (600 مليون) دولار بعيد وفاة الرئيس عرفات. القصة كما جاءت في كلام دحلان فيها من الأطراف عباس ودحلان، والأهم منهما سلام فياض، حيث ذكر دحلان أن سلام فياض سلّم عباس مبلغ: (مليار وأربعمائة ألف دولار)، ولكن عباس اعترف لاحقا بـ(700 مليون) فقط، أي أن هناك فاقداً بقيمة (600) مليون بحسب دحلان. قصص سطو الرؤساء على المال العام كثيرة فعلي عبد الله صالح رئيس اليمن سابقا، واليمن دولة فقيرة تتلقى المساعدات كما تتلقاها السلطة الفلسطينية، اتهمته الأمم المتحدة باختلاس (70) مليار دولار، وكانت وسائل الاعلام قد نقلت اتهامات أكبر ضد مبارك والقذافي، وغيرهما. قصة سطو الرؤساء على المال العام لا يمكن إنكارها، فهي ثابتة ثبوتا يقينيا، لا يختلف فيه اثنان من حيث المبدأ، وجل الاختلافات الموجودة تتعلق بالقيمة، أعني بالرقم الإجمالي لعملية السطو والاختلاس، وفي جميع الأحوال فإن أدنى الأرقام تقديرا يؤكد وجود الجريمة، وحالة الفساد، التي تستدعي التحقيق والعقاب. الرئيس في البلاد العربية هو (مالك) الثروة الوطنية، وهو (المخول) الأول في التصرف بها، ومن يملك المال والتخويل لا يمكن محاسبته، إذ كيف لنا أن نحاسب مالك مال على ما يملك أو يتصرف؟!. في البلاد الغربية الأوروبية التي تقوم على الديمقراطية، وتخضع إدارتها للعمل المؤسسي، لا يملك رئيس الدولة المال العام، وهو غير مخول بالإنفاق منه بشكل مطلق، بل هو مقيد بالعمل المؤسسي وبالقانون، لذا لا تجد عند رؤساء أوروبا هذه الأرقام الفلكية من المال عند الاستقالة. الرئيس في أوروبا ينفق من المال المقرر له كراتب، أو من موازنة رئاسية بحسب أصول الصرف والإنفاق. بينما في اليمن مثلا فإن ثروة الرئيس اليمني أكثر بكثير من موازنة الدولة، فمن أين له هذا؟!. هذه المقدمة تعطي مصداقية ما في نظري لاتهامات دحلان لعباس، وإن لم يكن أحدهم بأنقى من الآخر، ولكن صمت عباس وعدم نفيه لأقوال دحلان، يعطي الاتهام مصداقية، لاسيما وأن دحلان يعد شخصية مطلعة بحكم منصبه السابق وبحكم قربه القديم من عرفات، ومن عباس أيضا. وحين يشير دحلان إلى ثروة أبناء محمود عباس وأنها تصل لأكثر من (300) مليون دولار؟! وهو رقم كبير في سلطة تعيش على المنح والصدقات، يستوجب هذا القول أيضا سؤال من أين لك هذا؟ هذا ويجدر (بسلام فياض) أن يتحدث في هذا الموضوع، لأنه هو الذي يملك المعلومة، بحسب تصريح دحلان، ولا يجوز له التنصل من مسئوليته بالصمت. فياض هو من يملك أن يصدق، أو يكذب، ما جاء على لسان دحلان. أما نحن فالرؤساء عندنا عادة وبالتجربة والتاريخ مهتمون بالاختلاس، وبالسطو على المال العام. وإن ما يقال عن ثروات الرؤساء العرب في البنوك لا يمكن أن تكون نتاج كسب حلال، أو تحويشة راتب، إذ يستحيل أن يمتلك رئيس هذه المليارات بطرق مشروعة. ومن ثمة يجدر بالمؤسسة الفلسطينية (التشريعية أو الوطنية) إحالة اتهام دحلان لعباس وأبنائه إلى التحقيق والقضاء، لإثبات التهمة أو نفيها، وإن غياب المؤسسة الفلسطينية عن العمل يجعلها شريكا في المسئولية وفي الجريمة. فهل نملك هذه المؤسسة ؟! وإذا كنا نملكها فكيف نجعلها فاعلة؟! لا حظ أننا نتحدث هنا عن رئيس وأولاد رئيس، ولا نتحدث عن مواطن فقير، أو موظف ضعيف ؟!


د. يوسف رزقة

من نفس القسم دولي