دولي
سيناريوهات الهدنة والمواجهة في قطاع غزة
القلم الفلسطيني
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 23 جوان 2015
بعد معركة غزة الأخيرة والتي استمرت أكثر من خمسين يوما شن خلالها الاحتلال الإسرائيلي عدوانا واسعا سماه الجرف الصامد، وتصدت له المقاومة بعصف مأكول استطاعت من خلاله أن تظهر مدى تطور منظومتها العسكرية، حتى أضحت قادرة على تعزيز معادلات للردع يحسب الاحتلال لها ألف حساب، وبعد أن استمر الحصار على قطاع غزة أكثر من 8 سنوات وبعدما ظهرت حماس كقوة يصعب إزاحتها عن المشهد الفلسطيني بدأت قواعد اللعبة تتغير. ويبدو أن الاحتلال اقتنع أخيرا أن لا حل عسكريا مع غزة، وأن تكلفة احتوائها ومهادنتها أقل بكثير من تكلفة قتالها، هذه القناعة انتجت حراكا دوليا وإقليميا مغايرا حمل بعض التوجهات والمشاريع الإنسانية والسياسية في الوقت نفسه، مع العلم أن جميع الأطراف اتفقوا ضمنيا على تجنب تجدد القتال كل لأسبابه الخاصة، فحماس تريد ترميم قوتها ومنح فرصة لسكان غزة لالتقاط الأنفاس، والاحتلال لا يريد تجربة حرب طويلة ومرهقة دون جدوى، ولا يطمع باحتلال غزة ويخشى من توسع المواجهة لبقعة تضحي أكثر تعقيدا من هذا الواقع قد تهدد امنه واستقراره. كما أن نظام السيسي يفضل استمرار الهدوء. لارتباط غزة بأمن مصر القومي، ولمقدار الحساسية والتأثر كل بالآخر، ولإدراكه استحالة تغيير واقع غزة أو فرض طرف فلسطيني غير حماس، كما أن القوى الدولية والغربية تسعى لتشكيل المنطقة من جديد وترتيب أوراقها والتعامل مع قواها، ويخشى من خروج أي مواجهة بين غزة وإسرائيل عن السيطرة، حتى الرئيس عباس لا يرغب بحرب جديدة على حماس، خوفا من إحراجه وارباك الضفة وتأثرها، ولإدراكه استفادة حماس منها ومراكمة قوتها الجماهيرية. وفي ضوء هذه القناعات والإرادات المتبلورة هناك حراك جدي لإرساء تهدئة في قطاع غزة، ومحاولات من أطراف عديدة تنشط وتخبو منذ انتهاء المعركة الاخيرة، إلا أن تفاعلها زاد في الأشهر الأخيرة، وإن حتى اللحظة لم يتبلور مشروع يمكن نقاشه، كما أن الإعلام والتصريحات السياسية تبالغ قليلا برصدها للظاهرة، وهناك أخبار تخرج ترفع من هنا وهناك سقف التوقعات مما يؤثر على الجمهور، وعني أجد أننا أمام أربعة سيناريوهات. الاول التوصل لتهدئة إنسانية فيها الهدوء مقابل رفع جزئي للحصار، والسيناريو الثاني التوصل لهدنة طويلة الأمد ذات بعد سياسي خاص بقطاع غزة، والثالث البقاء على ما هو عليه مع ازدياد التسهيلات من الطرف المصري والإسرائيلي على السكان، والرابع تجدد المواجهة العسكرية في أقرب فرصة ممكنة حيث، فلا يتصور إبقاء قطاع غزة تحت الحصار والتضييق دون الانفجار المحتوم. وأستبعد خياري المواجهة العسكرية، والوصول لهدنة ذات ملامح سياسية، وأتوقع استمرار الحال على ما هو عليه مع ازدياد رقعة التسهيلات على سكان قطاع غزة، وهذا الخيار يضمن استمرار الهدوء من جهة واستمرار التسلح والبناء للمقاومة من جهة أخرى، فليس سهلا تمرير اتفاق على حكومة الاحتلال يتجاهل التسلح المتواصل في غزة، ومن المستحيل تمرير أي اتفاق يمس أو يقترب من سلاح المقاومة.
إبراهيم المده