دولي

لماذا لم يأتِ إلى غزة مع نظيره الألماني؟!

القلم الفلسطيني

 

 

لأنها دولة ألمانيا العظمى، فإن زيارة وزير خارجيتها لقطاع غزة لا تمثل نقله نوعية في الاعتراف الدولي بواقع غزة الجديد، الذي أضحى يختلف عن واقع الضفة الغربية، بل الزيارة تمثل اعترافًا أوروبيًّا بأن القيادة الفلسطينية التاريخية قد صارت عديمة التأثير فيما يخص قطاع غزة من قرارات سياسية وسيادية، وأن في غزة واقعًا سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا ونفسيًّا يختلف عن نظيره في الضفة الغربية، بالتالي فإن قيادة السلطة الفلسطينية في رام الله, لا تمثل الشعب الفلسطيني بكافة أطيافه وتنظيماته ومؤسساته.  تلك الحقيقة المؤلمة يجب ألا تغيب عن بال الشعب الفلسطيني، بعد أن غابت عن اهتمام القيادة الفلسطينية -بدراية أو دون قصد- كل سنوات الانقسام الموحشة، ففي الوقت الذي كان يجب على القيادة الفلسطينية أن تجتهد وتحاول وتسعى وتتوسل وتتقرب بكل السبل من كل الأطراف؛ كي تحافظ على وحدة حال القضية الفلسطينية، ولا سيما بين غزة والضفة الغربية، راهنت قيادة السلطة الفلسطينية على الزمن، وانتظرت أن تتساقط ثمرة غزة في حضنها طائعة بعد أن يجفَّ شجر المقاومة، وقد فشل هذا الرهان، ولم تنهَر غزة، وأصبح الانقسام واقعًا حياتيًّا، تتجلى مظاهرة بتوالي قدوم الوفود الأجنبية الزائرة لغزة، واعترافهم بأن التهدئة شرط لإعادة الإعمار، وأنهم ضد الاستمرار في هذا الوضع القابل في كل لحظة للانفجار. وسواء التقى وزير خارجية ألمانيا مع شخصيات من حركة حماس أم لم يلتقِ، فإن زيارته لغزة دون أن يرافقه وزير الخارجية الفلسطينية, تعد اعترافًا ضمنًا من ألمانيا بحركة حماس، وأنها صاحبة التأثير المباشر على قرار التهدئة أو الانفجار في غزة، ولما كانت التهدئة تصب في خزان مصالح أوروبا الاستراتيجية في المنطقة، فمعنى ذلك أن وزير خارجية ألمانيا "شتاينماير", سيخطب ود حماس بطريقة أو بأخرى، وسيحاورها على شروط التهدئة بشكل مباشر أو غير مباشر، فهو يعرف أنه لا تهدئة مجانية، وأن فك الحصار عن غزة شرط لضمان التهدئة. وزير خارجية ألمانيا لم يأتِ على رأس وفد من ستين مسؤولًا كي يسمع عن مآسي حياة السكان في غزة، فهو يعرفها، ولم يأتِ ليسمع كلامًا عن ضرورة فك الحصار عن غزة، فقد قال ذلك بنفسه، وكما أن زير الخارجية الألماني لم يأتِ للتوسط بين حركتي فتح وحماس، فهذا ليس من اختصاصه، وزير الخارجية الأهم في أوروبا, جاء إلى غزة ليدرس طرق وأساليب فك الحصار، وقد يتلمس سكان غزة ذلك سريعًا، ولا سيما أن الوزير الألماني قد أشار في كلمته إلى المعابر الإسرائيلية كإحدى وسائل فك الحصار، ولكن الأهم من فتح المعابر الإسرائيلية هو فتح معابر غزة على العالم الخارجي، وهذا لا يتحقق إلا من خلال إقامة الميناء والمطار، وهذا ما يحب أن يسمعه الوزير "شتاينماير" في زيارته، وهذا ما يجب أن يكون مركز الاهتمام والحوار والنقاش والترتيب بين الوزير الألماني وحركة حماس، ولا سيما بعد أن تنحت السلطة الفلسطينية جانبًا، وعزلت نفسها عن هموم قطاع غزة، وقصرت مهماتها في الضفة الغربية على توفير الراتب للموظفين، وتوفير الأمن للمستوطنين. ملاحظة: كان يجدر بمسؤولي السلطة الفلسطينية أن يرافقوا وزير الخارجية الألمانية أثناء زيارته لغزة، على افتراض أن غزة بعض الوطن الذي يمثلونه سياسيًّا، ولكنهم غابوا؛ لأنهم لا يقيمون علاقات دبلوماسية مع سكان قطاع غزة، لقد ضيق مسؤولو السلطة على أنفسهم متسعًا!

د.فايز أبو شمالة

من نفس القسم دولي