دولي

هنية يا "بيريز"

القلم الفلسطيني

 

يمتاز أهل البادية بالكرم العربي الأصيل، أما ما يتميز به "عرب الكامب" فكرمٌ بلا نخوة، رأيناه واضحا في استضافة رئيس دولة العدو السابق "شمعون بيريز"، الذي بعد أن كان يدخل الأردن مُتخفيا للقاء الملك حسين، صار يدخلها مدعوًا في وضح النهار، معززًا مُكرّما. واحدٌ يزعم تمثيل فلسطين، يُقرِّبه من الحضور لينزع الشعرة الأخيرة في رفض التطبيع بين العدو وبعض الشخصيات أو ممثلي الدول. وعبدٌ أردنيٌ مأمور يُضيِّفه شيء تبقى من عروبيتهم يسمى "قهوة"، صنعت بإتقان لتعجب الملك وضيوفه! اختفاء مشاعر العداء، وحب الخير لجميع الخلق غير ممكنة إلا في الجنة، وإن استطاعها الأفراد فإن الدول لن تُفلح فيها إلا بعد امتلاك القوة. ونظرًا لأن الأردن بلد على رصيف الداعمين يتقوقع، وفيه فيضان من الفساد والفقر والبطالة- نتاجٌ لحكوماته الأخيرة المعيّنة بأمر ملكي- ومع افتقاده نسبيا للموارد الطبيعية؛ فإنه من المحال أن يكون في قائمة الدول التي تفرض احترامها عالميا وتتعامل على أساس موازنة المصالح وعدم التدخل في الشؤون الخارجية.ما الذي كان يُحد الأردن من الغرب قبل سبعين عامًا؟ لم تكن حدودا لكنها لم تكن "إسرائيل" أيضا، أي أنَّ عُمر الدولة التي جاء " بيريز" ممثلاً عنها أصغر من عمره! وإن اعتبرت الأردن أن " عرَّاب أوسلو" ممثلا لفلسطين، فهل مَثّل فعل "الزرقاوي" المملكة حين خالف توجُّه غالبيتها وشذًّ عن طريق الأكثرية!؟ رئيس السلطة لا يختلف عن رئيس فصيل القاعدة المذكور، في شذوذه عن المجموع وتسويقه لمشروع ليس للشعب فيه ناقة ولا جمل.فبأي قانون سوى "البلطجة" يُفرض تمثيله علينا، ليس الفرق بيننا وبين "عباس" امتلاكه للملايين والعقارات في أرقى المناطق في الأردن وغيرها باسم فلسطين فحسب، لكننا أيضا إن اجتمعنا بصهيوني -للصدفة- فإن شفاهنا تأبى الانبساط في حين أنه يسعى لذلك وهو في غاية الانبساط! ليست قضية فلسطين تخص الفلسطينيين وحدهم، ولعل وصاية الأردن على المسجد الأقصى تعطي شيئا من هذا المعنى الذي تكون فيه فلسطين أرضَ وقف لكل المسلمين فيها نصيب وعليهم جميعا واجب نُصرتها.صنعت أمريكا وحلفاؤها شمّاعة "داعش"، واستفادوا منها في إيجاد فزاعة "العدو"، خاصة أن الجزء المخابراتي الكبير الذي يضمه تمثيلها مُهيء لارتكاب أفظع وأقسى الجرائم وحشية، وبدمٍ بارد؛ حتى ينسينا ذلك عدونا الحقيقي وهو الكيان الذي لم يكن موجودا قبل ميلاد رئيسه! والذي استطاع تهجير وقتل وأسر واستبعاد شعب بأكمله من أرضه ليحلَّ هو بشُذَّاذ الآفاق مكانه، لم يفعل ذلك بالورود والعِطر، بل بالحديد والنار، وهو إن حاصر نفسه بجدار الفصل العنصري؛ خوفًا من المقاومة التي جفف منابعها الاختيار الثاني؛ فإن حلمه العَقَدي دولة من النيل إلى الفرات. وقد ترى الأجيال القادمة بعد سبعين عاما، الأردن ومصر على الخارطة في قنوات العالم ومكتوب عليها "إسرائيل العُظمى"! 

كانت وظيفة العدو المصطنع -داعش- في توحشها إظهار أن إرهاب الصهاينة، "رحمة"! ولادعاء الإسلام من قبل الفصيل الاستخباري واحتكار تمثيله؛ ولصق اسمه بالدِّين في أول طلعاته ليجعل نفسه " دولة الإسلام" و"دولة الخلافة " هدف آخر يتمثل في جعل " الإسلام" هو المُتهم. وبهذا يمكن محاربة الإسلاميين -الذين يهددون مستقبل الكيان الصهيوني في أبجدياتهم -بأخذهم بجريرة " داعش".والغرب والعامة قد لا تميز الفرق بين "دولة إسلامية" و"إخوان مسلمون" و"حركة إسلامية". ومع أن الفروق واضحة لكن يُخيل هذا للمخابرات الدولية والعربية التي تريد محاربة الإخوان وحركات المقاومة الإسلامية الناهلة من نبعهم. إن استطعم "بيريز" بالقهوة العربية، فإن ميولنا بات نحو "التركية"، فأصلها عربي أصيل، نشربها بتلذذ ونحن نشاهد الرئيس التركي "أردوغان" يصف "بيريز" بالكذب، في أحد مؤتمرات "دافوس" ويرفض البقاء في حضرة كاذب وقاتل للأطفال. بينما يتلذذ اليوم السيسي في حضرة عبد الله الثاني في احتساء القهوة مع قاتل الأطفال ذاته!


بيان صادق

من نفس القسم دولي