دولي
استهداف أطفال القدس.. استراتيجية صهيونية ممنهجة لتفريغ المدينة
الاحتلال يعتقل في سجونه 230 طفل فلسطيني 52 منهم مقدسيا
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 17 ماي 2015
صعَد الاحتلال الصهيوني خلال العام الماضي من عمليات اعتقال الأطفال الفلسطينيين في مدينة القدس المحتلة. وقال مركز أسرى فلسطين للدراسات في تقرير له أمس الأحد "إن الاحتلال يعتقل في سجونه (230) طفل فلسطيني، من بينهم (52) طفلا من الأطفال المقدسيين ويشكلون نسبة 22% من عدد الأسرى الأطفال في سجون الاحتلال، بينما كان عددهم في عام 2013 (23) طفلاً فقط". وأوضح الناطق الإعلامي للمركز رياض الأشقر، أن اعتقال الأطفال في مدينة القدس لا يتوقف، ويوميا هناك ما بين 4-6 حالات اعتقال لأطفال مقدسيين، يتم التحقيق معهم لساعات أو أيام، ومن ثم يطلق سراح معظمهم. وأشار إلى أن هناك تصاعدا كبيرا في عمليات اللجوء لاعتقال الأطفال المقدسيين، وقد وصلت حالات الاعتقال في مدينة القدس في عام 2013 إلى (380) حالة، بينما ارتفعت بشكل كبير جداً خلال العام 2014، ووصلت حالات الاعتقال بين الأطفال ما دون الـ18 إلى أكثر من (600) حالة.
اعتداء وعنف
وبين الأشقر أن قوات الاحتلال تستخدم العنف المفرط خلال عمليات اعتقال الأطفال المقدسيين، حيث كثيرا ما تنفذها القوات الخاصة المدججين بالسلاح والملثمين. كما تتعمد اقتحام البيت بصورة همجية واختطاف الطفل من أحضان والديه لجعله يشعر بعدم الأمان وضربه ووضعه في سيارة عسكرية بقسوة. وغالبية الأطفال المعتقلين من مدينة القدس يقوم الاحتلال بنقلهم مباشرة إلى معتقل المسكوبية في القدس، وهناك تجرى عمليات التحقيق مع الأطفال في ظروف قاسية، دون السماح لذوي الطفل بالحضور أو حتى محاميه حتى تستفرد سلطات الاحتلال بالطفل الصغير وتقوم بتهديده واستخدام كل أشكال الضغط عليه، لكي يعترف على التهمة التي اعتقل من أجلها وغالبيتها إلقاء حجارة على سيارات المستوطنين والجيش.
معاملة عنصرية
وبحسب البيان؛ فإن حكومة الاحتلال تنتهج سياسة عنصريّةً ضد الأطفال، فهي "تعتبر أنّ الطفل "الإسرائيلي" هو كل شخص لم يتجاوز سن 18عاماً، بينما تعتبر الطفل الفلسطيني بأنه كل شخص لم يتجاوز سن 16 عاماً وخلافاً لالتزاماتها بتوفير ضمانات قضائية مناسبة لاعتقال الأطفال ومحاكمتهم بموجب اتفاقية حقوق الطفل والقانون الدولي الإنساني". وأضاف: "كما تتعامل مع الأطفال الفلسطينيين بشكل مختلف عن تعاملها مع الأطفال الإسرائيليين الذين يحاكمون ويعاملون وفق نظام قضائي خاص بالأحداث، تتوافر فيه ضمانات المحاكمة العادلة، بينما تتعامل مع الأطفال الفلسطينيين من خلال محاكم عسكرية تفتقر للحد الأدنى من معايير المحاكمات العادلة، خصوصاً الأمر العسكري 132 الذي يسمح لسلطات الاحتلال باعتقال الأطفال في سن 12عاماً، وهناك العديد من الأسرى الأطفال الذين صدرت بحقهم أحكام عالية تصل للمؤبد". وبين الأشقر أن الأسرى الأطفال المقدسيين يتعرضون إلى عقوبات خاصة إضافية، عما يتعرض له الأسرى الأطفال من مدن الضفة الغربية، ومنها عقوبة الحبس المنزلي تجعل من عائلة الطفل سجانًا عليه، وهي عقوبة مضاعفة على كافة أفراد العائلة". ويستهدف الاحتلال الأطفال المقدسيين بشكل خاص بالحبس المنزلي، حيث إن سنهم الصغير لا يسمح له دائما باعتقالهم في السجون، فيقوم باستبدال الاعتقال بالحبس الاختياري في المنزل. وأوضح البيان أن الاحتلال "لا يكتفي بالحبس المنزلي للأطفال المقدسيين بعد اعتقالهم، إنما كثيرا ما يقوم الاحتلال بجمع عقوبتين على الأطفال المقدسيين في وقت واحد، وهما الحبس المنزلي والإبعاد عن المنزل، أي قضاء فترة الحبس في منزل آخر بعيدا عن منزل العائلة، وهذا النوع من العقاب فيه مضاعفة لمعاناة الطفل وذويه، وتلزمه بقضاء المدة في منزل آخر خارج منطقة سكناه، وهذا يشكل عبئا كبيرا على أسرة الطفل".
تفريغ القدس
ولفت الأشقر إلى تهديد مستقبلي للأسرى المقدسيين الأطفال، وذلك من خلال اعتبار محكمة الاحتلال اعتقال الطفل نقطة سوداء في ملفه الأمني، وهو ما يشكل تهديدا على مستقبله العملي. كما أنه قد يحرمه من تجديد هويته بعد مرور (10) سنوات، حيث الداخلية الصهيونية تطلب من المتقدم إحضار حسن سلوك من شرطة الاحتلال "في حال وجود أي بند يتناقض مع مطالب الداخلية، قد يتم حرمانه من الحصول على الهوية، مؤكدين أن الاحتلال يؤسس لفكرة مستقبلية خبيثة من خلال استهدافه المتكرر للأطفال المقدسيين، وهي تفريغ القدس من أهلها. وقال البيان: "اعتقالات الأطفال المقدسيين المتزايدة تهدف إلى توجيه ضربة نفسية لهؤلاء الأطفال، لتحويل الطفل المناضل الذي يبحث ويدافع عن حقوقه ويتربى في حضن وطنه، إلى طفل بعيد عن حقوقه وواقعه الوطن، لذلك فإن الاحتلال يبالغ كثيرا في إيذاء الأطفال المقدسيين المعتقلين، ومعاناة الطفل المقدسي لا تتوقف عند الاعتقال، حيث يعاني بعد الاعتقال من النوبات النفسية وتساقط الشعر وصدمات نفسية تسببها ظروف اعتقاله، وعدم قدرة والديه على حمايته، كما يعاني من مشكلة التبول اللا إرادي، والعزلة والانطواء". كذلك، فإن وضع الأطفال مع "إسرائيليين" جنائيين سواء في سجن" أوفك" الجنائي، أو سجن هشارون، يهدف إلى تفريغهم من مضمونهم الوطني، والتعامل معهم بأنهم أسرى جنائيون يحصلون على محاضرات من مرشدين وأخصائيين نفسيين، كما المعتقلين "الإسرائيليين". وأكد أن "العديد من الأطفال المقدسيين بعد التحرر اختلفت اهتماماتهم ونفسياتهم وتوجهاتهم، فمنهم وللأسف من يصبح سارقا أو مدمنا على المخدرات، ومنهم من يعاني من أزمة نفسية شديدة". وطالب المركز بفضح سياسة الاحتلال بحق الأطفال المقدسيين وإظهار جرائمه بشكل مستمر، ودعم صمود المقدسيين في مواجهة إجراءات الاحتلال ومحاولاته لإفراغ المدينة من أهلها، وتوفير الدعم القانوني والنفسي والاجتماعي المكثف لأطفال القدس.