دولي

أهداف الأسماك المتذاكية؟!

القلم الفلسطيني:

 

ليس ثمة ما هو أقل غباء من السمك؟!. في ٢٦ أغسطس ٢٠١٤م توصلت مصر مع الطرف الفلسطيني والعدو الصهيوني إلى اتفاق وقف إطلاق النار، تليه مفاوضات غير مباشرة للاتفاق على شروط الطرفين التكميلية للتهدئة. ولكن شيئا من هذا لم يحدث بعد وقف إطلاق النار. كان عزام الأحمد رئيس الوفد الفلسطيني لهذه المفاوضات بحسب طلب مصر وعباس، ولم يتحدث أحد يومها على أن مفاوضات وقف إطلاق النار والتهدئة غير المباشرة هي (شرك) سياسي لفصل غزة عن الضفة، وتعزيز الانقسام، ولم يتحدث أحد عن (المؤامرة الدولية)، لتحقيق هذه الأهداف الخبيثة؟! مع أن حماس كانت تدرك الأخطار الكامنة في الطرح المصري الإسرائيلي لإجراء المفاوضات على مرحلتين: مرحلة وقف إطلاق النار، ومرحلة المفاوضات على شروط التهدئة. ويومها قبلت حماس بهذا مرغمة تحت وقع القتال، وما يمكن تسميته بالمؤامرة الإقليمية الدولية. بعد مرور أكثر من ستة أشهر على وقف إطلاق النار، وامتناع مصر عن دعوة الأطراف لاستكمال المفاوضات، مما ترتب عليه وقف الإعمار، وتشديد الحصار، تحدثت وسائل الإعلام وبالذات الصهيونية عن مفاوضات غير مباشرة بين حكومة العدو وحماس بوساطة قطرية، وتركية، وسويسرية، من أجل التوصل إلى هدنة طويلة الأمد، ونسجت المصادر الإسرائيلية قصة كاملة لهذه المفاوضات، التي دخلت بزعمهم مراحل نهائية، وألقت بكل هذا (الطعم ) في بحر السلطة، وفتح، واليسار الفلسطيني، وابتلعت الأسماك صغيرة العقل الطعم، وأخذت تهاجم حماس، وتدعي أن مفاوضاتها هذه من النوع (الحرام؟!)، لأنه يفصل الضفة عن غزة؟! ولأنه يجري بدون اتفاق مع عباس وفتح؟! وقالوا: إن حماس واقعة في شرك مؤامرة دولية؟! (يا سلام قلبهم على حماس؟!) وينسون أن فتح وعباس واقعون منذ عشرين سنة في شرك مؤامرة دولية، ويرفضون الخروج منها والتخلي عن هذه المفاوضات العقيمة الضارة بالمصالح الوطنية؟!. ما يجري في الساحة الفلسطينية من حديث عن الهدنة وحماس وتركيا وقطر، مسكون بالسذاجة والغفلة، وأسوأ ما فيه أن المتحدثين في هذه المسألة لا يحترمون وعي الشعب، ويقظة الرأي العام، حتى أن كبيرا من سحرتهم زعم أن الاتفاق بين حماس ونتنياهو على الهدنة قد تم إنجازه بوساطة قطرية وتركية، وأن التنفيذ سيكون فور تشكيل نتنياهو لحكومته؟! ونسي هذا الساحر أن الأيام التي كانت تفصله عن حكومة نتنياهو قليلة، وعندها سيكتشف الرأي العام كذبه، وباطل سحره. أنا لا أقول هذا رفضا لاستكمال مقتضيات التهدئة التي كانت في ٢٦/٨/٢٠١٤م، وهو ما وافقت عليه الفصائل الفلسطينية في أثناء الحرب، وتقبله الشعب بالقبول الحسن، ولكن أقول هذا لأمرين: الأول يقول إن ما كان عملا وطنيا في أثناء الحرب، لا يتحول نفسه إلى عمل غير وطني بعد الحرب بأشهر، وإن العمل الوطني ليس وكالة حصرية لفريق؟!. والثاني يقول إن ما زعمته المصادر الصهيونية، وتلقفته الأسماك الغبية المتذاكية بدون تمحيص، ليس جزءا من واقع حقيقي تقوم عليه شواهد وأدلة.

وإن ما يجري حول التهدئة في ساحة السلطة الآن هو لتحقيق ثلاثة أمور: الأول يهدف إلى المحافظة على الوكالة الحصرية للمفاوضات بيد عباس وجماعته. والثاني هو لتخويف حماس وإبقائها في داخل الصندوق الذي يريده عباس وغيره. والثالث يهدف لاستبقاء غزة تحت وطأة المعاناة المدنية المشددة للحصار، حتى ترفع الراية البيضاء، ويتم تمزيق الحاضنة الوطنية والشعبية للمقاومة. وبناء على ذلك يجدر بحماس ألّا تلتفت لكلام (الأسماك الغبية المتذاكية) على الشعب في الوقت نفسه، وأن تعمل ما في وسعها لتخفيف معاناة سكان غزة الذين احتضنوا المقاومة وكانوا شركاء حقيقيين لها في النضال.


د. يوسف رزقة

من نفس القسم دولي