الوطن

المغرب يحرك موريتانيا لتحييد الدور الجزائري في الأزمتين الليبية والمالية

خلفيات الأزمة الدبلوماسية بين الجزائر وموريتانيا

 

بدأت ملامح أزمة دبلوماسية تظهر في الأفق بين الجزائر وموريتانيا برغم عدم ورود تصريحات من المسؤولين الرسميين لكلا البلدين، خاصة بعد رد الجزائر بالمثل على حادثة بدأتها موريتانيا بطرد دبلوماسي جزائري. ويرى مراقبون للشأن الدبلوماسي والإقليمي في المنطقة، أن الأزمة التي خلقتها موريتانيا هدفها الخفي هو ضرب الموقف الجزائري من مالي، وفتح الطريق أمام المغرب لإعادة المفاوضات المالية إلى نقطة الصفر، ويظهر أن تكون موريتانيا قد تحركت بإيعاز من قوى إقليمية وأجنبية منها فرنسا والإمارات ومصر اللتان تدعمان خيار التدخل العسكري في ليبيا، بعد وقوف الجزائر ضده، ومواقفها من الاخوان وتقاربها مع قطر. وتتوقع بعض الأوساط المتابعة لملف الدبلوماسية الجزائرية والشأن الأمني والإقليمي في الجزائر، أن يكون الرد الجزائري على الخطوة الموريتانية الأخيرة قويا وحكيما في نفس الوقت، ومعروف على الجزائر حنكتها في التعامل مع هكذا أزمات، وقال مراقبون إن ملامح الأزمة الدبلوماسية بين الجزائر ونواكشوط بدأت تأخذ منحى آخر، خاصة بعد طرد الجزائر لمسؤول دبلوماسي في نفس مستوى الدبلوماسي الجزائري المطرود منذ أسبوع من سفارة الجزائر بنواكشوط. وتزامن الموقف الجزائري الذي أعلنت عنه وزارة الخارجية أول أمس، مع انعقاد الاجتماع على مستوى وزراء داخلية المغرب العربي الذي ستحتضنه موريتانيا اليوم الأربعاء، وبغم عدم اعلان ذلك، إلا أن مصادر إعلامية جزائرية، قالت أمس إن وزير الداخلية الجزائري قد أغلى مشاركته في الاجتماع، حيث تقرر بدل ذلك، تخفيض مستوى التمثيل وارسال مسؤول بالوزارة أقل مستوى ليمثل الجزائر في هذا الاجتماع الذي يحضره كل من وزير الداخلية المغربي، التونسي، الليبي، والموريتاني، ولعل هذا الخفض في مستوى التمثيل هو بداية الرد الحقيقي للجزائر على الموقف الموريتاني، وقالت التقارير أن الرئاسة الجزائرية هي التي طلبت من الوزير الغاء مشاركته، أما عن خلفيات الأزمة التي اشعلتها موريتانيا، فإن الملاحظين يرجحون أن تكون نواكشوط قد تحرك بإيعاز بعض الأطراف التي ترفض المواقف الجزائرية وسياستها الخارجية إزاء بعض الازمات الإقليمية، أبرزها الأزمة في مالي وليبيا، أما عن المفاوضات التي جرت في الجزائر وجمعت الأطراف المالية المتصارعة على طاولة الحوار، وانتهت بتوقيع اتفاق مبدئي بالأحرف الأولى يقضي بسلام شامل في مالي، فإن ما يلاحظ على الخطوة الموريتانية، أنها جاءت في اعقاب تردد حركات أزوادية في التوقيع على وثيقة الاتفاق المقترحة من طرف فريق الوساطة بقيادة الجزائر، فهذا التردد مرده حسب متابعين، إلى محاولات المغرب المستمرة في تقويض الإنجازات الجزائرية لإحلال السلام في شمال مالي وانهاء الصراع. وقد حصل توافق موريتاني-مغربي، خاصة وأن نواكشوط تتخذ موقفا مخالفا للموقف الجزائري بشأن القضية الصحراوية، بينما تحاول موريتانيا أن تلعب نفس الدور الذي لعبته الجزائر في مالي، وما استقبالها للمبعوث الأممي المنجي الحامدي منذ يومين إلا خطوة في ا المسعى، لكن الهدف الموريتاني الخفي هو ضرب الموقف الجزائري في مالي، وبالتالي فتح الباب أمام المغرب للدخول من الباب الواسع وإعادة المفاوضات المالية إلى نقطة البداية، وسبق وأن صرح وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار تصريحات في هذا الشأن، والمعروف أيضا أن المغرب تحاول خلط الأوراق على الجزائر بتأليب حركات أزوادية موالية لها، ودعم جماعات مسلحة مثل حركة التوحيد والجهاد التي يقودها مقرب من النظام "المخزني" المغربي، وبسبب هذا الخلط، تحدث هذه الأيام مواجهات بين حركات أزوادية، وضربات إرهابية تستهدف في غالب الأحيان جنود بعثة السلام الأممية في مالي، وكل ذلك هدفه التأكيد على فشل المقاربة الجزائرية في حل الأزمة في مالي.

 

موريتانيا تفتح الباب للمغرب والإمارات ومصر لتحييد الجزائر عن مالي وليبيا 

كثيرا ما رغبت المغرب في لعب دور عراب المنقطة وافريقيا وخاصة الساحل، وهو ما ظهر من خلال الخرجات التي قام بها العاهل المغربي محمد السادس إلى دول الساحل، وحسب مصادر مطلعة، فإن هناك خط يقوده المغرب، وقد بدأ يتشكل، ويشمل كل من مالي، بوركينافاسو، موريتانيا، النيجر والتشاد، وهي دول الساحل، ولا يخفى حسب بعض التقارير أن الحرب الفرنسية على الجماعات المسلحة في أزواد والساحل مولتها الإمارات العربية، ويرى مراقبين أن المغرب هو عين الخليج في المنطقة خاصة للإماراتيين، معلوم أن الامارات ترفض الاتفاق الجزائري سواء في مالي أو في ليبيا، فهي من مول الحرب على شمال مالي، وما دور المغرب في المنطقة إلا دور بالوكالة عن الامارات، خاصة إذا علم أنها جزء من نظام ملكي لا ينبغي أن يسقط، يضاف إلى هذا، دعم الامارات لقائد عملية الكرامة خليفة حفتر الذي يقوم بالحرب على فجر ليبيا بحجة تحرير طرابلس من الإسلاميين، وتدعمه مصر في هذا المسعى، حيث تريد كل من مصر والامارات ابعاد الإخوان من أي مشاركة في الحياة السياسية في ليبيا والصاق تهمة الإرهاب بهم. وتفيد مصادر ليبية أن مصر تحضر بإيعاز من الامارات إلى ضربة في ليبيا وبمشاركة الطيران الاماراتي دعما لما يسمى الحكومة الشرعية والجيش الذي يقوده حفتر، ورغم عدم ظهورها للسطح، والجزائر ترفض بشدة هذا التوجه، لذلك حصل تقارب جزائري- قطري، خاصة وأن الجزائر وقفت على الحياد مع كافة الأطراف الليبية، واستقبلت شخصيات وأحزاب محسوبة على الاخوان، وهذا ما ازعج مصر والامارات، فيما بارك قطر ذلك وأشاد الاعلام القطري بالدور الجزائري لإدارة الحوار الليبي.


مصطفى حفيظ

من نفس القسم الوطن