الوطن

الدستور.. بالون تتقاذفه الأحزاب في غياب "حكم اللعبة"

التناقض يطال أحزاب الموالاة وتأجيله يؤكد وجود أزمة

 

خلفت الضبابية التي طبعت ملف التعديل الدستوري منذ قرابة الشهرين حالة من التناقض والتجاذب في أوساط الطبقة السياسية بشكل جعل هذا الخلاف يمتد إلى أحزاب السلطة، وظلت هذه الوثيقة بمثابة البالون الذي يتقاذفه زعماء الأحزاب الذين أكدوا للعلن أن حديثهملا يتعدى مجرد تخمينات وأنهم لا يملكون "الرسمي"،في ظل غياب واضح من صاحب القرار الذي لم يكشف جميع أوراقه بعد لا لمقربيه ولا للشعب الجزائري، خاصة وأن الأطراف المقربة منه عملت في الفترات السابقة إلى الاستثمار في فرصة اطلاعها على محتوى القرارات التي تصدر عنه وسربتها بطريقتها الخاصة لحلفائها الآخرين، غير أن الغموض الذي يطبع ملف الدستور هذه المرّة لا يرتبط فقط بالتكتم حول ما ستحتويه وثيقة البلاد الأولى ولكن غياب المشاركة النوعية خاصة من أحزاب المعارضة التي تحوز على رصيد معتبر في المشهد السياسي الوطني خاصة تلك الأحزاب ذات التوجه الإسلامي دفع بالرئيس في كل مرّة يتطلق فيها لمشاورات الدستور أو لدستور البلاد المقبل إلى توجيه دعوة للقوى التي عارضت مشاورات أويحيى بكون أبواب الرئاسة ستبقى مفتوحة في وجوههم طالما أرادوا تقديم مقترحاتهم.

بين من يقول إن موعد التعديل الدستوري لا تفصل عنه سوى أيام وبين من يفند الأمرلا يزال الجزائريون ينتظرون موعد الإفراج عن هذه الوثيقة التي طال أمدها بشكل يوضح وجود أزمة عميقة ليس بسبب ما قاله الأمين العام لجبهة التحرير الوطني عمار سعداني الذي أرجع سبب تعطل المسودة راجع إلى رفض المعارضة تقديم مقترحاتها، وأن الرئيس يريد للمعارضة أن تتقدم وأن الوقت لايزال أمامها فالمتتبع للشأن السياسي يدرك تمام الإدراك أن هذه المعارضة لم ولن تقدم على تقديم مقترحاتها وأن الرئيس يعي الأمر تماما،فالأمر يبدو أعمق من ذلك ويتضح ذلك جليا في حالة التناقض التي لا تزال تطبع الساحة السياسية بشكل انتقل إلى أحزاب الموالاة ففي حين يقول سعيداني المثير للجدل بخرجاتهبأنه لا أحد يملكمشروع التعديل الدستوري رغم أن الرجل الثالث في الدولة العربي ولد خليفةأكد ذلك وكشف الخطوط العريضة للمسودة، وفي وقتذهب سعداني أبعد من ذلك حيث أكد أن موعد التعديل الدستوري قد يتأخر بسبب المعارضة التي لم تقدم مقترحاتها، راح الرجل الثاني في الدولة والأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي عبد القادر بن صالح الذي يعرف عنه بأنه لا يتحدث من فراغ أو بعيدا عن الإطار الرسمي المسموح له به يسارع لتفنيد الأمر ويؤكد قربه، وقبله كان رئيس الجبهة الشعبية الجزائرية عمارة بن يونس قد خالف زعيمي الأرندي والأفلان وطالب بمرور الوثيقة على التعديل الدستوري رغم ولائهللرئيس ولأجندة عمله، غير أن بن يونس ونفس الأمر بالنسبة لحليف السلطة الآخر، عمار غول رئيس حزب تجمع أمل الجزائر رفضا المغامرة بالإعلان عن موعد إطلاق الدستور واكتفى الرجلان طوال الفترة الماضية في لعب دور المتابع والمؤيد لما يصدر عن رجال الدولة وليس أحزاب السلطة.

ويعتقد مراقبون أن هذا الصمت مدروس من قبل الرجلين ولكنه أيضا تأكيد على غياب مصدر حقيقي من شأنه أن يمنح لهم تفاصيل حول الوثيقة وهامش المناورة بها في المشهد السياسي ولهذا عجل الطرفان بالردّ على الأصوات التي قالت بأن الدستور سيمر عن طريق البرلمان بتوجيه دعوة صريحة للسلطة وبالتحديد رئيس الجمهورية وصاحب الصلاحيات من أجل تمرير الوثيقة على الاستفتاء الشعبي، وهو المطلب الذي اصطف فيه تاج والأمبيا مع أحزاب المعارضة وبعض الأحزاب المقربة من الرئيس كحزب العمال الذي أكد على لسان زعيمته لويزة حنون بأن الاستفتاء الشعبي سيكون الخيار الأمثل لدستور البلاد المقبل.في ظل كل هذه التجاذبات بين أحزاب الموالاة التي أكدت عمق الأزمة وأثبتت للعلن أنها لا تملك أي معلومة رسمية وأن قادتها لا يملكون " الرسمي " فيما يدور في دواليب السلطة, يبقى صاحب القرار الذي وعد قبل سنة بأن المشروع سيرى النور في غضون السنة الجارية, يترقب من بعيد لتبقى الأزمة مستمرة ولتبقى الساحة السياسية أيضا منشغلة موضوع واحد قالت المعارضةبأنه يبقى مجرد إلهاء للجزائريين الذين طلقوا السياسة منذ زمن.


آمال. ط

من نفس القسم الوطن