الوطن

جلاب يتهرب من المسؤولية ولكساصي غائب.. ولا بديل في الأفق عند الحكومة

بعد غلق سوق السكوار واستمرار أزمة "الدوفيز"

 

 

جاء قرار السلطات العمومية محاربة سوق السكوار لصرف العملة الاجنبية مفاجئا وغير مدروس كون السوق الذي ينشط منذ سنوات بطريقة غير شرعية وأمام أعين رجال الأمن وأغلب زبائنه من المسؤولين ليس له بديل قانوني فقيمة المنحة السياحية التي يستفيد منها المواطن مرة في السنة غير كافية خاصة وأننا مقبلون على فترة يكثر الاقبال فيها على العملات الأجنبية، وينتظر أغلب الجزائريون في الفترة المقبلة أن تقدم الدولة حلولا سريعة وعاجلة حتى لا يؤثر القضاء على السوق في حركة التحويلات بينما أكتفت هذه الأخيرة بالصمت والتكتم في انتظار قرارات تسفر عنها المرحلة المقبلة.

أزمة "دوفيز " مع اقتراب فصل الصيف وشهر رمضان

بدأت تداعيات غلق سوق السكوار الموازي للعملة الصعبة تظهر سريعا بعد أيام من مداهمات أعوان الأمن له حيث عرفت عملة الاورو ندرة حادة في سوق العملة ما يطرح تساؤلات عدة عن أسباب ودوافع تحرك مصالح الأمن في هذا الوقت بالذات، ويضع فرضيتين تفسر قرار السلطات العليا غلق هذا السوق، أولها نية الحكومة إيجاد البديل بمراجعة هامش الربح المرتبط بالتجارة الرسمية للعملات وتمكين الخواص من فتح مكاتب رسمية للصرف من شأنها توفير البديل للسوق السوداء أو من خلال رفع منحة السفر التي يستفيد منها الجزائريون مرة واحدة في السنة، أما الفرضية الثانية والتي تكون الأقرب للحقيقة هو عشوائية هذه الخطوة وعدم دراسة الحكومة لهذا القرار أصلا وجهلها بتداعياته الاقتصادية كونها لم تتخذ إجراءات إستباقية تتماشى وقرارها المتعلق بمطاردة بائعي "الدوفيز" في السكوار وفي أسواق أخري، لتبقي المسألة قضية حرب بارونات وهو ما سيعيد السوق لنشاطه الذي لا يزال موجود أصلا لكن بطريقة جد سرية، وستخلق محاولات الحكومة القضاء على سوق السكوار في هذه الفترة أزمة حقيقة خاصة أننا مقبلون على شهر رمضان أين تكثر فيها الطلبات على العمرة وكذا فصل الصيف وفترة العطل والإجازات السياحية ما يؤكد أن الخطوة التي أقدمت عليها الحكومة لن تكون سهلة للقضاء النهائي على السوق، الذي تتداول فيه أكثر من 50 بالمائة من العملة الصعبة خارج البنوك.

جلاب يتهرب من المسؤولية ولكساصي غائب 

وبينما أثار غلق سوق السكوار ردود أفعال كبيرة في وسائل الاعلام وعلى مستوي خبراء الإقتصاد لم يبدي المسؤولون المباشرون عن هذا الملف أيه ردة فعل حيث قال وزير المالية محمد جلاب منذ يومين أنه لا علاقة له بما حدث لسوق "السكوار" وأنه لا يحق له التدخل في القضية لا من بعيد ولا من قريب، وأن القضية تخص بنك الجزائر المركزي الذي يدير شؤونه، محمد لكصاسي، من جهته لم يبدي لكساصي أي تعليق أو تصريح عن قرار غلق سوق السكوار كما لم يخرج المسؤول الأول على هذا الملف إلى غاية الان بأيه تدابير بدليلة لغلق السوق وهو الذي تحدث منذ سنة عن نية بنك الجزائر مراجعة أسقف منحة الصرف بهدف تعميق عملية الصرف الجارية للدينار لفائدة العائلات من اجل تقليل لجوئهم للسوق الموازية للعملة الصعبة مؤكدا أن المسالة بصدد الدراسة على مستوى بنك الجزائر دون إعطاء تفاصيل حول نسبة محتملة للزيادة ولا عن موعد تطبيق هذا الإجراء.

السكوار... من سوق موازية إلى سوق سوداء 

هذا وكانت عملية مطاردة تجار "الدوفيز" في أكبر الأسواق الموازية للعملة بالسكوار بمثابة إنذار لتجار الاسواق الاخري بمختلف ولايات الوطن فالسكوار ليس السوق الوحيد الذي تعرض للمداهمة، وقد دخل صرافو وتجار العملة بمختلف الولايات التي تعرف مزاولة هذا النشاط العمل في سرية تامة بعيدا عن الاضواء خوفا من توقيفهم بينما عاد صرافو العملة بسوق السكوار إلى النشاط، بمقاهي ساحة بور سعيد وبالعمارات والأقبية، وكل من يرغب في تصريف العملة سواء البيع أو الشراء، فإن العملية تتم في سرية تامة داخل العمارات المحيطة والمجاورة للساحة بعيدا عن الأنظار، وهو ما سيحول سوق السكوار وبقية أسواق العملة إن واصلت الحكومة حربها عليها إلى أسواق سوداء تغذي بارونا تهريب العملة الصعبة وغطاء لتبييض الأموال بعدما كانت هذه الأسواق منفذا للمواطنين من كل الطبقات. 

بعد غلق السكوار.. الدينار الجزائري في الحضيض

وقد انتقد عدد من الخبراء الاقتصاديون قرار غلق السوق من منطلق أنه جاء من فراغ دون توفير البديل مؤكدين أن المواطن يحتاج لهذه السوق التي سيخلق قرار غلقها تداعيات سلبية على قيمة الدينار الجزائري، بعد الارتفاع المحسوس الذي من المتوقع أن تسجله أسعار صرف العملات الأجنبية. كما ستكون هناك تداعيات خطيرة على سوق العملة بالجزائر اين سيجد المواطن نفسه امام ندرة شديدة لليورو والدولار وهو الذي اعتاد التصريف على مدار السنة دون قيود او قوانين، مقترحين على السلطات المعنية اعطاء التراخيص للراغبين في المتاجرة في العملة الصعبة تحت شروط ومعايير قانونية تكون بفتح مكاتب للصرف والترخيص لها، بينما أرجع خبراء آخرون قرار السلطات غلق السوق إلى انخفاض اسعار النفط، وسياسة التقشف التي تنتهجه الدولة الجزائرية حيث ان وجود هذه الاسواق وخاصة سوق السكوار يرجع بالسلب على الاقتصاد الجزائري، الذي يشتكي من نقص السيولة المالية المعتمدة قانونيا، وهو ما دفع بالحكومة للتفكير استعادة كل الأموال المتداولة خارج الأطر القانونية لأستغلالاها في الاقتصاد الرسمي.

س. زموش

من نفس القسم الوطن