الوطن

سعيد بوتفليقة الرافض للتوريث

تزامنا مع حديث حنون وسعداني عنه في ظرف أسبوع

 

تابع المراقبون بشكل فيه كثير من التساؤلات والاهتمام حملة العلاقات العامة التي قام بها كل من السيدة لويزة حنون وعمار سعداني على مستشار رئيس الجمهورية سعيد بوتفليقة، والتي تضمنت رغم الخلاف بين الشخصيين تأكيدا على أن الرجل لا ينوي الدخول في مشروع التوريث وأنه غير معني بمنصب رئيس الجمهورية، وأنه لا صلة له بما اصطلح عليه رجال المال الفاسد على حد تعبير السيدة حنون، في حين رافع سعداني على دور شقيق الرئيس معتبرا إياه أحد الذين يقومون بحماية الرئيس وتنفيذ قراراته وسياساته. 

الملفت للنظر هو تزامن الحملة في توقيت واحد مما اعتبره البعض أنه أمر مقصود وأن شقيق الرئيس هو من اختار حاملي الرسائل، فالأولى السيدة حنون بعد سلسة تصريحات حول محيط الرئيس والمال الفاسد والمافيا ومطالبتها سعيد بوتفليقة للتعبير عن رأيه جاءت تصريحاتها الأخيرة، كإجابات لتساؤلاتها والتي هي في حد ذاتها اهتمامات وليست مجرد تساؤلات من قطاع واسع من المجتمع، الذي ينسب لسعيد بوتفليقة أنه الرجل القوي في محيط الرئاسة، بل يذهب البعض إلى القول أنه الأقوى في هذه المرحلة وأنه يتمتع بصلاحيات واسعة دون تقنين، وأنه استطاع أن يقنع البعض بقدراته في التسيير وقدم له جل مؤيدي الرئيس الولاء والطاعة والتسليم بالتسيير عسكريين كانوا أو مدنين، وأنه لا يمكن اعتبار تصريحات حنون أو سعداني إلا محاولة للتخفيف من تداول اسم الرجل في الصالونات السياسية وخاصة الاطراف المعارضة، والتي حتى ان لم تتحدث به غالبا علنيا تسمية، فإنها تعبر عن استهجانها لتصدره المشهد عمليا، والكثير من المعارضين يستقون معلوماتهم هذه من المسيرين في البلاد وزراء كانوا أو مسؤولين آخرين، وبعضهم يعبر عن ذلك من خلال تجاربهم الشخصية التي عاشوها معه في فترة توافقهم مع الرئيس. ولا يستطع أحد أن يجزم بحقيقة أهداف هذه الحملة التي قد تكررها أسماء أخرى من الموالاة أو حتى من المستقلين المحايدين نظريا جزء منها بتطوع منه ومحاولة استرضاء الرجل وجزء آخر قد يعطى دور في الحملة. وفي كل الحالات فإن المشهد يعبر على أن الرجل من خلال تسريباته هذه التي لم ينفها لحد كتابة هذه السطور يرغب في التحرر من أي مسؤولية عملية في المرحلة، التي تمت تحت إشراف شقيقه، وقد تكون ضمن مسار تسوية قائم لمرحلة ما بعد بوتفليقة يستمر فيها النظام القائم دون أي مساس بالنظام الحالي باستثناء المتورطين في الفساد بشكل عملي وبأدلة حقيقية. 

الرسائل التي سوقها كل من حنون وسعداني قد تلقى قبولا عند المعارضة أمام تراجع مشروع تعديل الدستور والحديث عن البحث عن توافقات مع الأحزاب، حتى يتمكن الرئيس من تمريره من جديد. ولم يلاحظ أي تفاعل سلبي مع التصريحات في وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت تعبر بعمق عن النقاشات الحقيقية للمجتمع، كما لم تصدر أي تصريحات رسمية حزبية مثل لك التي صدرت على رسالة رئيس الجمهورية بمناسبة عيد النصر مما يعطي الانطباع بأن الرسائل ربما لم تحقق بعد مبتغاها أو أنها أصلا وضعت من أجل جس نبض الشارع والنخب في محتوى هذه الرسائل. 

كما يثار تساؤل كبير حول حقيقة ارتباط الشخصين بشقيق الرئيس، وخاصة أنهم قاموا بتصريحات سابقة كسبت لهم أعداء سواء من محيط الرئيس مثل ما هو الحال للسيدة حنون والتي استهدفت مقربين بل عناصر أساسية في محيط الرئيس، ويتعلق الأمر بكل من رجل الأعمال علي حداد وبن يونس وبوشوارب أو سعداني الذي جعل من المديرية الاستعلامات والأمن الخصم المستهدف الأول في مختلف تصريحاته وهو ما يعقد من المشهد الحالي والتصنيف الواقعي والحقيقي لهذه الحملة. 

رغم أن البعض يعرف بأن السيدة حنون لها علاقة متميزة سابقا أثناء النضال في الجامعة والعمل وقبل الاعتماد الحزبي، وأنها تتبادل مع شقيق الرئيس بعض القناعات النضالية مما سهل عليها الوصول إلى العائلة، وهي التي اختارت أيضا أسلوب تحالفها مع الرئيس بشكل تدعمه فيه ولكن بوظيفة معارضة. في حين أن عمار سعداني خصومه كما حلفاؤه داخل حزبه يقرون له بعلاقاته المتميزة مع شقيق الرئيس، وبها استطاع أن يصل إلى منصب الأمين العام للحزب العتيد، كل هذه العناصر وغيرها اربكت المحللين عن طبيعة المرحلة القادمة، والتي يبدو أنها ترتب على نار هادئة بعيدا عن الأعين القديمة بل حتى من ساهموا بشكل مباشر في ترتيب المراحل السابقة.

 

سليمان شنين

من نفس القسم الوطن