دولي
أمراض وطنية
القلم الفلسطيني:
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 14 أفريل 2015
ثمة حملة واسعة في وسائل الإعلام تقودها قيادات قريبة من محمود عباس, تتهم حماس بأنها تعمل لإقامة دولة أو إمارة في غزة، بالتعاون مع (إسرائيل)؛ (هكذا بالتعاون مع (إسرائيل) وليس مع إيران مثلًا؟!). ومن ثمة فإن حماس بهذا السعي تطعن السلطة والقضية الفلسطينية في الظهر، وهي بهذا تكرس الانقسام؛ (هكذا، وكأن حماس لم تتنازل عن الحكومة لإنهاء الانقسام، وكأن عباس هو الذي تنازل عن الحكومة) هذا الهجوم الشرس لا يقوم على منطق، ويكذب أوله آخره، ويخلو من شرف الخصومة السياسية. فحماس أولًا لا تدير مفاوضات مباشرة ولا غير مباشرة مع (إسرائيل)، وهذا ما تعلمه قيادة السلطة علم اليقين. وهنا نذكّر تلك القيادات التي تتعامل مع أوهام مريضة، أن مصر لم تدعُ أطراف التهدئة التي تلت الحرب الأخيرة إلى استكمال المفاوضات غير المباشرة بموجب نصوص المبادرة المصرية وهي مفاوضات يرأس وفدها الموحد عزام الأحمد من قادة فتح لقد حكمت حماس غزة منفردة طيلة سنوات الانقسام، وعانت الحصار المشدد مع سكان غزة، ولم تُقِم دولة، أو إمارة في غزة، وظلت تحافظ على وحدة الجغرافيا الفلسطينية، ووحدة النظام السياسي الفلسطيني، وتنازلت عن الحكومة في أبريل من العام الماضي من أجل ذلك، وكانت قد تحملت ثلاث حروب قاسية في ست سنوات من أجل فلسطين الموحدة، لا من أجل غزة؛ وتحملت وحدها أعباء مواجهة المعركة، بينما وقف عباس موقف المتفرج في أحسن الأحوال، وموقف المناكِف لحماس والمحرّض عليها في أثناء المعركة. فمتى كان الغزل بين (إسرائيل) وحماس على إقامة دولة في غزة؟! هل كان هذا قبل الحرب، أم بعدها؟! وهل من يغازل حماس في هذا الموضوع يقوم بحصار غزة حصارًا خانقًا مشددًا؟! إنه لأول مرة في التاريخ يكون الحصار وتكون الحرب الضروس أدوات إسرائيلية لإقامة دولة لحماس في غزة؟! (الحياء من الإيمان) حين تكون النفوس مريضة، يكون الخيال السياسي مريضًا بالضرورة. وحين تكون المفاهيم الوطنية سلعة تجارية، تجري الخصومة السياسية في صحراء خالية من الأخلاق ومن المعرفة، ومن المعايير الوطنية، وعندها يحسب كل ناطق إعلامي، وكل من يملك وسيلة إعلامية، أنه أبو (العُرّيف)، وأن ما يقذفه في وسائل الإعلام من أوهام وتدليسات هو الحقيقة بعينها، ويحسب أنه حقق نصرًا مؤزرًا على غيره، لأنه حبك كذبته جيدًا، وتناقلتها وسائل إعلام عديدة؟ لقد صرح قادة حماس، وبالذات خالد مشعل، وإسماعيل هنية، بأنه "لا دولة في غزة، ولا دولة فلسطينية بدون غزة"، وأن "المصالحة، ووحدة الجغرافيا، والنظام السياسي، قواعد استراتيجية تتمسك بها الحركة، ولا تتنازل عنها"، ومع هذه التصريحات الجلية الواضحة يتحدث أصحاب الخيال المريض، وتجار الأوهام، عن دولة مزعومة في غزة تقيمها (إسرائيل) وحماس؛ لضرب المشروع الوطني (هكذا والله في تصريحاتهم مؤخرًا) وينسون أن الوقائع تكذبهم، وتكشف أمراضهم، وتفضح تدليساتهم إن هذا الهجوم الشرس، وإن هذه الافتراءات الكاذبة، لن تتوقف بتصريح رسمي من هنية ومشعل، بل ستبقى تتجدد في ساحات البيع والشراء السياسي في الساحة الفلسطينية، ما دام عباس يستبد بالقرار السياسي بلا حسيب أو رقيب، وطالما حاولت حماس أن تبحث عن حلول للحصار ولمشاكل السكان المدنية بعيدًا عن عباس، وستزداد الهجمة كلما تحركت حماس في الإطار العربي والإقليمي والدولي بخطوات جادة للبحث عن حلول لمشاكل غزة المدنية بعد أن تخلى عباس عنها وأهمل مطالب سكانها وموظفيها.