دولي

مستقبل غزة في ضوء نتائج الانتخابات الإسرائيلية

القلم الفلسطيني :

 

وأخيراً.. حققها "بنيامين نتنياهو" ليصبح رئيس الحكومة الإسرائيلية للمرة الرابعة في حياته، ليعيد نموذج "دافيد بن غوريون" أول رئيس حكومة في (إسرائيل)، ويستحق بجدارة اللقب الذي كان يتمناه "ملك ملوك (إسرائيل)"، وهو ما كان وقعه سلبياً على السياسة الفلسطينية التي لم تتوقع في أشد كوابيسها حلكة أن يعود "نتنياهو" مجدداً لمقعد رئيس الحكومة، وكأنه ذو "الأرواح السبعة" بعد أن تراجعت حظوظه في الفوز حتى الساعات الأخيرة للاقتراع لم يكن سراً أن الفلسطينيين بمختلف مشاربهم السياسية وتوزيعهم الجغرافي كانوا يعولون على تراجع اليمين الإسرائيلي عن المشهد السياسي، وهم يشتركون في هذه الأمنية مع أوساط إقليمية ودولية، وصلت ذروتها في البيت الأبيض، الذي سعى بقوة لا تخطئها العين لأن يشرب نخب فوز "المعسكر الصهيوني"، لكن رياح "نتنياهو" أتت بما لا تشتهي سفن "أوباما"، لاسيما مع المواجهة الأخيرة بينهما قبيل أيام قليلة من الذهاب إلى صناديق الاقتراع المفاجأة الأكبر في نتائج الانتخابات الإسرائيلية أن "نتنياهو" فاز، لكن معسكر اليمين خسر، وهنا معضلة جديدة قد تواجه الفلسطينيين تتمثل بوجود إسناد إسرائيلي لخطوات الرجل السياسية والعسكرية، رغم ما قيل عن إخفاقاته وأخطائه، لكن نظرة تقييمية أولية لمنافسيه، جعلت الناخب الإسرائيلي يختاره وهو صاحب الكاريزما المطلوبة إسرائيلياً، ويفضله على سواه، من المرشحين ذوي الحظوظ الضعيفة يجوز لنا التكهن بأن بيت عزاء أقيم في مقر الرئاسة الفلسطينية برام الله عقب إعلان فوز "نتنياهو"، لأن السلطة عولت كثيراً على عودة الوسط وما تبقى من اليسار الإسرائيلي، وهم رفاق التسوية وشركاء "أوسلو"، ولعل الأزمة القائمة مع الحكومة الإسرائيلية عقب ذهاب الفلسطينيين للمؤسسات الدولية كانت جزءًا من توجه فلسطيني رسمي لإحراج اليمين الحاكم في "تل أبيب"، لتمهيد الطريق أمام الناخب لاختيار المعسكر الصهيوني حماس في غزة ليست أفضل حالاً من السلطة في الضفة، صحيح أنها لا تعول كثيراً على معسكر سياسي بعينه في (إسرائيل)، وتتمسك بما تعلنه في كل انتخابات إسرائيلية بأنهم جميعاً أعداء للشعب الفلسطيني، الفرق بينهم أن أحدهم يقتلنا برصاصة، وآخر يذبحنا بسكين، لكنها أصيبت بخيبة أمل واضحة من الفوز المجدد لـ"نتنياهو".. لماذا؟ رغبت حماس بقوة أن تكون حرب غزة الأخيرة هي الوصفة السحرية لسقوط "نتنياهو" المدوي في الانتخابات الأخيرة، تأكيداً لما كانت تردده خلال يوميات الحرب بأن "غزة باقية ونتنياهو سيسقط"، لكن نجاح الرجل، قد يحرم حماس من المفاخرة بأدائها العسكري في تلك الحرب، والدليل أن الجمهور الإسرائيلي اختار المرشح الأقوى الذي يرى فيه كفاءة لمواجهة مخاطر حماس المتنامية في غزة وعلى حدود (إسرائيل) الجنوبية أما وأن الفوز قد تحقق لـ"نتنياهو" فإن حماس تبدو في حالة إعادة النظر في تقديراتها العسكرية، أو هكذا يجب أن يكون على الأقل، على اعتبار أن فوز عدوها اللدود يعني ضمنياً تفويضاً إسرائيلياً بتكرار الحرب مجدداً ضدها في غزة، رغم ما عاناه الإسرائيليون من تبعات تلك الحرب التي استمرت 51 يوماً خيار الحرب ليس بالضرورة سيكون السيناريو الوحيد الماثل أمام حماس عقب فوزه، وتشكيله الحكومة الجديدة، بل إن هناك بديلاً آخر يتمثل بتشديد الحصار، والإبقاء على السياسة الإسرائيلية القديمة الجديدة "غزة لا تحيا ولا تموت"، وهو يزيد من عمق الأزمة الإنسانية المعيشية في القطاع، خاصة بالتنسيق الإسرائيلي المصري، ولا يدفع ثمنها سوى مئات آلاف الفلسطينيين الذين أعادتهم ظروف الحصار عقوداً طويلة إلى الوراء منذ 8 سنوات دون تغيير إلا إلى الأسوأ هنا يفسح المجال لقراءة خيارات حماس التي تتراوح بين تفجير الموقف في غزة ضد (إسرائيل)، وما يعنيه من عودة حرب ستكون أكثر شراسة ودموية، ولن تضمن نتائج أفضل مما حققته الحرب السابقة، وبالتالي فهو خيار مكلف دون جدوى، أو ذهاب حماس لخيارات أقل كلفة تتمثل بالبحث عن صفقة ما بمشاركة فلسطينية إسرائيلية إقليمية دولية أخيراً... لم يتوقع الفلسطينيون من "هرتسوغ" الخصم اللدود لـ"نتنياهو" أن يفرش لهم الأرض وروداً، وهم ليسوا بوارد المفاضلة بين صهيوني وصهيوني، بين قاتل يطلق عليهم الرصاص وآخر يذبحهم بالسكين، لكن فوز الأخير شكل لهم صدمة حقيقية على اختلاف توجهاتهم، لأنه يعني تضييعاً لسنوات قادمة من أجيالهم إن استمر الوضع على حاله، وهو ما يفرض عليهم تحدياً كبيراً بالتوصل إلى سياسة موحدة تواجه "ملك ملوك (إسرائيل)

 

د.عدنان أبو عامر

من نفس القسم دولي