دولي

"نتانياهو": فوْز وحُلفاء

القلم الفلسطيني:

 

جانبها الصواب كل الاستطلاعات التي اعتمدتها المؤسسات الإسرائيلية، وأخفقت جُل التكهنات والتوقعات أيضاً، والتي كانت تطفح بهزيمة حزب الليكود وزعيمه رئيس الوزراء "بنيامين نتانياهو"، وفارت باتجاه فوز المعسكر الصهيوني الناشئ عن اتحاد حزب العمل برئاسة "إسحق هيرتسوغ" وحزب الحركة بزعامة "تسيبي ليفني"، كما لم تنجح وسائل الإعلام الإسرائيلية، التي مالت غالبيتها إلى ذلك المعسكر لأجل إسقاط "نتانياهو"، كما لم تُجدِ نفعاً تظاهرة إسرائيل الكبرى، والتي شهدها ميدان "إسحق رابين" بتل أبيت، حيث احتشد الآلاف من المريدين للمعسكر الصهيوني والكارهين لحزب الليكود بحجة المطالبة بالتغيير، ولم تنجح حملات المعسكر الانتخابية، التي ركزت معظم جهودها، باتجاه إسقاط "نتانياهو" ونزع شرعيته، تحت شعار (نحن أو هُم)، وأيضاً لم تنجح مجموعة الشائعات والقضايا ضده، بشأن سوء الإدارة والفساد والإسراف بأموال الدولة، حسب تقارير مراقب الدولة الإسرائيلي، كما لم ينجح الحفر أسفل قدمي "سارة نتانياهو" بسبب سيرتها المتسلطة واللامبالية بالشعب اليهودي ولا بالتقاليد التوراتية وعلى الصعيد الخارجي، أيضاً لم ينجح تدخل الولايات المتحدة الخفي في شأن إسقاط "نتانياهو" حيث لمّح في إحدى رسائله التي أطلقها، بأن (كل العالم ضدنا)، وأحيانًا أشار بشكل واضح، عن مؤامرة تُحيكها إدارة الرئيس الأمريكي "باراك أوباما"، كما لم تنجح الضغوطات الأوروبية غير المباشرة والتي أشار إليها أيضاً، بشأن دأبها على إسقاطه، كذلك فشلت كما بدا كل الدعوات والابتهالات الفلسطينية والعربية في إسقاطه أيضاً، وهكذا صُدِم الكل لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل ازدادت الصدمة عندما بدأ "نتانياهو" يحصد أرباحاً وافرة، حتى قبل أوانها، وتجلّت بعضها، بمبادرة "هيرتسوغ" -اعترافاً بالهزيمة- بتقديم التهاني والتبريكات له، وسارعت بلا إرادة "تسيبي ليفني" إلى غرس رأسها بين يديها، غضباً وغضاضة، وفي أسف "يائير لبيد" زعيم حزب "هناك مستقبل"، بعد أن تجرّأ بقوله: سننسى "نتانياهو" فوراً بعد الانتخابات، وكربحٍ آخر تجلّى في قيام "زهافا غالئون" زعيمة حزب (ميرتس- حزب السلام) بالاستقالة، بعد خسارتها المزعجة، بتراجع عدد مقاعدها إلى أربعة مقاعد فقط، وجاء الربح الأكبر، من حيث تمكنه من تنفيذ أجندته السياسية والاقتصادية والاجتماعية براحةٍ ويُسر، أكثر من ذي قبل، في ضوء أن كل من الولايات المتحدة ومجموعة دول الاتحاد الأوروبي، أبدت أنها على استعداد للتعاون مع "نتانياهو" من جديد والآن بعد ما سبق، فإنه لن تنفع مقولات، إسرائيل تعزل نفسها، أو إسرائيل اختارت العنصرية والاحتلال والاستيطان، ولم تختر طريق المفاوضات، أو أن الحكومة اليمينية سوف تحِل بِعدة كوارث على المنطقة قريباً، أو أن "نتانياهو" يقود من الخلف، أو أنه يجب تغيير الشعب الإسرائيلي بعد أن تم وصفه بالشعب المريض.. إلخ، بعد أن فاز "نتانياهو" بجدارة وبشكلٍ قانوني وأخلاقي أيضاً -في نظر من انتدبوه على الأقل- كزعيم أوحد لإسرائيل، من خلال حصوله على 30 مقعداً، في هذه الانتخابات 2015 أولئك الذين صُدموا من هكذا نتيجة، وشملتهم الكآبة والحسرة معاً، تمنوا تغيير الشعب تارة، وعدم إجراء انتخابات بعد اليوم تارةً أخرى، بسبب أنهم لا يمكنهم حمل "نتانياهو" على أكتافهم أو على قلوبهم، لمدة رئاسية أخرى تبلع أربعة دهور لا أربعة أعوام، لاعتقادهم بأنه أدخلهم في الجحيم من أوسع أبوابها، وبأنه قد نقل إسرائيل بعد ست سنوات، من مكانة اتسمت بالامتياز مع المجتمع الدولي وخاصة الولايات المتحدة إلى علاقات متدهورة تباعاً، ومن مقربة التوصل إلى حلول بشأن القضية الفلسطينية إلى استبعاد أيّة حلول، وبدلاً من أن ينقل الدولة إلى حالة الأمن، قام بإدخالها إلى الخوف الأكبر، ومن أنها دولة ديمقراطية إلى دولة عنصرية ومتطرفة.


عادل الأسطل

من نفس القسم دولي