دولي

المؤرّخ النوويّ أفنير كوهين: اتفاق الدول العظمى مع إيران حول النوويّ جيّد لتل أبيب

قال إن الاتفاق قد يكون سيئا جدًا لنتنياهو

  • إسرائيل سادس قوّة نوويّة في العالم بحسبه 

 

يُعتبر المؤرخ النوويّ الإسرائيليّ، أفنير كوهين، من أهّم الخبراء الإسرائيليين الذين يُعالجون الملّفات النوويّة، ولكن بسبب قيامه بنشر الكتب والمقالات التي تفضح سياسة إسرائيل الغامضة في هذا الشأن، فإنّه يعيش في الولايات المُتحدّة الأمريكيّة، كما أنّ الرقابة العسكريّة الإسرائيليّة رفضت السماح بنشر كتابه الأخير في إسرائيل والذي دعا من خلاله إسرائيل إلى التخلي عن سياسة الغموض النووي التي تتبعها حيال برنامجها النووي والإعلان عن نفسها بوصفها سادس قوة نووية في العالم لأن في ذلك مصلحة لإسرائيل نفسها على حدّ تعبيره. 

ونشر كوهين، الذي يُغرّد خارج سرب ما يُطلق عليه بالإجماع القوميّ الصهيونيّ، نشر مقالاً في صحيفة (هآرتس) قال فيه إنّ للاتفاق بين الدول العظمى وإيران فضائل مميزة لا يجري الحديث عنها كثيراً في إسرائيل. فهو يبعد إيران عن الحصول على القنبلة من بضعة أسابيع كما كان الوضع في سنة 2012، إلى نحو سنة، وتابع قائلاً إنّ الأهّم من ذلك أنّه ينشئ نظام رقابة وشفافية في إيران لفترة طويلة جداً تغطي سنوات جيل تقريبًا، ومن بعدها سيكون وضع إيران النووي مثل وضع أي دولة غير نووية تلتزم منع انتشار الأسلحة النووية، لافتًا إلى أنّه قد لا يكون هذا مثاليًا، لكن لكل حادث حديث وعلى الرغم من علله، تابع المؤرّخ النوويّ الإسرائيليّ، فإنّ الاتفاق المطروح ليس سيئًا بالنسبة إلى إسرائيل الدولة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط (استناداً إلى الإعلام الأجنبي)، لكنه سيئ جدًا بالنسبة لرئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو وخلُص إلى القول إنّ توقيع هذا الاتفاق سيمسح لسكان إسرائيل بالعيش خلال جيل أو أكثر من دون تهديد بخطر وجودي من جانب إيران، لكنّه سينزع من نتنياهو علة وجوده كزعيم، حسبما ذكر. يُشار إلى أنّه وفي كتابه الجديد الذي جاء تحت عنوان: "أسوأ سر" قال كوهين: إنّ الوقت حان بالنسبة لإسرائيل كي تعلن عن أسلحتها النووية وذكر أنّه في حين يُنظر إلى إسرائيل بوصفها سادس قوة نووية في العالم، بامتلاكها ما يرجح أنّه مئات من الرؤوس الذرية، فإنّها لم تعترف قط بامتلاكها أسلحة نووية. وهذا الغموض، أضاف، في ظلّ رفض إسرائيل تكذيب التقارير التي تتحدث عن ترسانتها النووية، سمح للدولة الصغيرة أنْ تمتلك القوة، وأنْ تردع أعداءها بدون ضغوط وتمحيص من المجتمع الدوليّ تأتي في ظلّ برنامج نوويّ أكثر شفافية عمّا عند إسرائيل. وبحسب مجلة (نيوزويك) الأمريكيّة فإنّه في مجتمع تقل ثقافته مناقشة أشد القضايا حساسية على صفحات الجرائد وفي الشوارع، فإنّ البرنامج النووي وسياسة الغموض ربمّا يكونان آخر ما تبقى من المحرمات في المجتمع الإسرائيلي. وتابعت الصحيفة قائلةً إنّ الاستثناء الوحيد من ذلك هو كوهين الذي تقول إنّه حين يُطالب إسرائيل بالمجاهرة بامتلاك السلاح النووي ليس سلاميًا، لافتة إلى أنّه يعتقد أن الأسلحة النووية منحت إسرائيل بوليصة تأمين هي في أمس الحاجة إليها ضد وقوع صدمة هولوكوست (محرقة) ثانية جدير بالذكر أنّ كوهين يُقّر بأنّ سياسة الخداع والغموض أفادت إسرائيل إفادة كبيرة، خصوصًا السماح للولايات المتحدة أنْ تُسلّم بالواقع الإسرائيليّ دون أن تقوض علاقاتها مع العرب أوْ مساعيها لمنع الانتشار النوويّ في أيّ مكان. لكنّ كوهين يرى أنّ إسرائيل دفعت ثمنًا فادحًا من ديمقراطيتها جراء سياسة الغموض النووي، فالمؤسسات التي تشرف على الأسلحة النووية أشد سرية من الموساد (جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي) ولا يحكمها أي قانون، كما أنّ الرقابة العسكرية سحقت أي نقاش عام بشأن كل جوانب البرنامج النووي تقريبًا، على حدّ قوله. وتابع كوهين قائلاً إنّ الإسرائيليين لا يعرفون أي شيء تقريبًا عن كيفية تدشين هذا البرنامج النووي، ولا أين تخزن القنابل النووية، وما إذا كان قادتهم فكّروا قط في استعمالها، وهم يركنون إلى عدم السؤال عن ذلك أيضًا. وذكرت المجلّة الأمريكيّة أيضًا أنّ الرقيب في إسرائيل منع كتاب كوهين، الذي يعيش ويكتب في الولايات المتحدة.، لافتةً إلى أنّ الكتاب الأوّل الذي ألفه كوهين منذ عشر سنوات عن ذات الموضوع عرضه لفترة اعتقال قصيرة. ويتضمن كتاب (أسوأ سر) الكثير من التفاصيل المثيرة التي استقاها كوهين من مواد أرشيفية جمعها من مقابلات مع عناصر رئيسة في البرنامج النووي الإسرائيليّ ذات أسماء غير مألوفة في الغالب حتى بالنسبة للإسرائيليين أنفسهم. على سبيل المثال، يقول كوهين إنّ إسرائيل كان لديها خطة طوارئ قبيل اندلاع حرب 1967 لإظهار القدرة النووية لإسرائيل عن طريق تفجير جهاز في بقعة صحراوية نائية كاستعراض قوة أمام الجانب العربي كما أنه يصف تصميم واشنطن في أواخر الستينيات على انضمام إسرائيل إلى معاهدة منع الانتشار النووي ثم المهلة التي منحها إياها الرئيس الأمريكي السابق ريتشارد نيكسون وكشف أنّه في اجتماع اقتصر عليهما هما فقط في 1969، اتفقّ نيسكون ورئيسة وزراء إسرائيل غولدا مائير على شروط الغموض وهي أنّه في مقابل الموافقة الضمنية لأمريكا على امتلاك إسرائيل سلاحًا نوويًا، لن تقوم إسرائيل باختبار سلاحها النوويّ ولن تُعلن عن امتلاكها لها والآن، يشكل سعي إيران لامتلاك أسلحة نوويّة، بحسب المؤلف، أكبر تحدٍ لسياسة الغموض ويرى كوهين أنّ الحاجة إلى ردع إيران النووية لا يستلزم من إسرائيل إلا أنْ تُعلن قدراتها النووية، وأن تتحدث علانية عن الخطوط الحمراء وخيارها في الضربة الثانية، وقدرتها على شنّ هجومٍ مضادٍ من الغواصات حتى لو تعرضت لهجوم نوويّ دمر إسرائيل، حسبما ذكر في مقابلةٍ أدلى بها لصحيفة (هآرتس) الإسرائيليّة. 

ع.ع

من نفس القسم دولي