دولي
بعد القرار المصري.. الملفات الفلسطينية تبحث عن راعٍ
خبراء يؤكدون أن دور القاهرة في القضية الفلسطينية قد انتهى
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 03 مارس 2015
- تحيّز مصر أصبح واضحا للطرف الإسرائيلي
بعد القرار الذي أصدرته محكمة القاهرة للأمورالمستعجلة باعتبار حركة حماس منظمة "إرهابية" تدخل الرعاية المصرية شبه الحصرية لعديد الملفات الفلسطينية الداخلية وذات العلاقة بالكيان الصهيوني، موتا سريريا بعد جمود استمر أشهراً عدة، وسط ترقب لتطورات يمكن أن تنهي هذه الرعاية التي شهدت ربيعها في عهد الرئيس المصري محمد مرسي.
ويرى الدكتور يوسف رزقة المستشار السياسي لرئيس الوزراء السابق إسماعيل هنية، أن الذي يحدد مصير الرعاية المصرية للملف الفلسطيني هو النظام المصري نفسه، من خلال موقفه من قرار المحكمة "المستهجن" وقال رزقة :"إذا أرادت السلطة التنفيذية في مصر تنفيذ قرار المحكمة واعتبرته قراراً ملزماً فسيكون له تأثيرات واضحة على الرعاية المصرية لملفات المصالحة"، لافتاً إلى أن مصر ستجد نفسها مقيدة بقرار المحكمة وشدد على أن الموقف لا تحدده حماس إنما النظام المصري، متسائلاً عما إذا كان قرار المحكمة شكلياً أم للتنفيذ؟ وكانت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة أصدرت قرارها باعتبار "حماس" منظمة إرهابية" بناء على دعوى رفعها محامي مصري، فيما لم يصدر موقف مصري رسمي بتبني هذا القرار، فيما تستمر وسائل إعلام مصرية محسوبة على النظام العسكري الحاكم في التحريض ضد غزة والمقاومة فيها حركة "حماس" أظهرت غضباً من القرار المصري وبدت أكثر وضوحاً هذه المرة، وأعلنت رسمياً في بيان مقتضب على لسان الناطق باسمها الدكتور سامي أبو زهري بأن الحكم القضائي المصري "يعزل دور النظام المصري عن التدخل في الملفات الفلسطينية خاصة في قطاع غزة ويجعله لا يصلح وسيطاً في هذه الملفات في حال بقاء مثل هذا القرار" الموقف الصادر في البيان تناغم مع التصريحات ذات اللهجة القوية التي تحدث فيها قادة الحركة خلال مسيرات الغضب التي جابت القطاع خلال اليومين الماضيين لتعكس حالة الغضب من القرار المصري، وما سبقه وتخلله من تحريض إعلامي مستمر، رغم المواقف المتكررة والمعلنة من حماس وفصائل المقاومة بغزة عن عدم التدخل في الشأن المصري الداخلي وإدانة كل أعمال العنف فيها سواء مست الجيش المصري أو المدنيين ويقر الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون بأن "هناك حالة غضب متسعة في دوائر جماهيرية وشبابية ومفاصل لدى حماس من حجم التحريض الاعلامي الذي يظن الجميع أنه إعلام موجه وغير عفوي، كما أن هناك غضب واستفزاز حمساوي من الأحكام القضائية المتوالية، والتي يعتبرونها انحراف عن الدور الطبيعي لمصر، حيث المكان الصحيح هو اعتبار اسرائيل إرهابية" وأضاف المدهون في تصريحات لـ"المركز الفلسطيني للإعلام"، واضح أن حماس تشعر بالغضب مما يجري من الإعلام والقضاء المصري من تحريف التاريخ والجغرافيا والسياسة وأن كل هذا يصب في صالح الاحتلال الصهيوني" ومع كل هذا الغضب، يرى المدهون أن حركة "حماس" تشعر بالحيرة في كيفية التعامل مع الطرف المصري "لأنه منذ عزل الرئيس مرسي لم يعد هناك سياسة واضحة من قبل المنظومة المصرية"، لافتاً إلى وجود "اضطراب واضح في التعامل مع القضية الفلسطينية" وقال المدهون: "حماس تتعامل مع مجموعة متناقضات مصرية، فالسياسة المصرية تقاطع حماس، فيما أجهزتها الأمنية تتواصل معها، فيما الجهاز الإعلامي يحرض عليها، والقضاء يعتبرها إرهابية، فالسؤال الآن عند حماس مع أي جزء تتعامل" يذكر أن حركة "حماس" أعلنت غير مرة أن حلقة التواصل مع النظام المصري عبر بوابة المخابرات لا تزال مستمرة ولم تشهد قطيعة رغم السخونة التي تشهدها علاقة الجانبين كما يتبدى في الإعلام ومخرجات القضاء وعما إذا كان بالإمكان تحويل تلويح حماس باستبدال الراعي المصري يمكن أن يتحول إلى حقيقة، يرى الخبراء أن ذلك غير مستبعد وأن الحركة لن تعدم البدائل في ظل هذا الموقف المصري الذي يضع عراقيل فعلية أمام ممارسة أي دور ورغم أن رزقة يرى أنه المبكر الحديث عن بدائل، إلاّ أنه يرى أن ملف المصالحة يمكن أن يمضي فلسطينياً فلسطينياً "لو توفرت الإرادة وصحّت النوايا"، مدللاً على ذلك باتفاق الشاطئ باعتباره "ثمرة جهد فلسطيني داخلي" وبشأن الرعاية لملفات العلاقة مع الاحتلال كالتهدئة والأسرى، لم يخف رزقه الاستياء من الوساطة المصرية خلال الحرب الأخيرة، لافتاً إلى أن وسائل الإعلام العبرية تحدثت بشكل واضح أن موقف النظام المصري وقف إلى جانب الاحتلال وأضاف "رغم أنه من المبكر الحديث عن خيارات إلا أن هناك أمور كثيرة يمكن تحقيقها دون وساطة مصر" ويستبعد المدهون أن تقوم حماس باتخاذ مواقف حاسمة اتجاه العلاقة مع مصر؛ رغم المرارة من المواقف المصرية الأخيرة؛ عازياً ذلك لأسباب عدة أهمها "استبداد الجغرافيا" وأضاف "حماس تريد أن تفوت شماتة الاحتلال والخصوم، وهي تعتقد أن الباب لم يوصد في العلاقة مع المصريين" ويذهب رزقة إلى أن النظام المصري هو الخاسر من هذه المواقف، عاداً موقف محكمة القاهرة بأنه "ضار بتاريخ مصر؛ لأنه يتنكر لتاريخها ويمشي عكسه" وشدد على أن هذا الموقف "بمثابة تنكر لتاريخ مصر من عبد الناصر وحتى التاريخ الحديث حيث كانت مصر داعمة لحركات التحرر الوطني وتساندها وتقف ضد الاحتلال الصهيوني، بينما نجدها اليوم تعادي حركة التحرر الفلسطينية وتقف سنداً للكيان الصهيوني" وتبقى الأيام القادمة بما تحمله من مواقف مصرية هي الكفيلة بتحديد مستقبل رعايتها للملف الفلسطيني.
ع.ع