دولي
الدبلوماسية السعودية وانعكاساتها على حماس
القلم الفلسطيني:
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 25 فيفري 2015
تحولت الدبلوماسية السعودية منذ وفاة الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز 180 درجة خلافا لسياسة الملك الراحل، وذلك احساسا من الملك سلمان لفداحة الاضرار التي تلحقها السياسة السابقة بالمملكة وتعاظم الاخطار التي تحيق بها من كل جانب خصوصا بعد خسارتها لقطاع عريض من حلفائها التاريخيين، وطبعا خسارتها لجزء كبير من شعبيتها الدينية بخسارتها التحالف او على الأقل التعايش التاريخي مع جماعة الاخوان المسلمين السنية المعتدلة وطبقا للالتفاتة الدبلوماسية الاستراتيجية التي قام بها الملك سلمان لتدشين التحالفات الجديدة فقد رأينا كيف ان العاصمة السعودية الرياض تحولت خلال الاسابيع القليلة الماضية إلى قبلة السياسيين والقادة الخليجيين في اطار الحراك الدبلوماسي الخليجي الأقرب لترتيب البيت الداخلي وتنظيم الحديقة الامامية للملكة لا شك ان الجهود الدبلوماسية التي يبذلها الملك سلمان لإقامة تحالف سني واسع في مواجهة الهلال الشيعي الذي تقوده إيران بات لا تخطئه عين وما الانفتاح الذي تشهده العلاقات السعودية على كل من تركيا وقطر وكذلك على الإخوان المسلمين إلا ارساء لقواعد هذا التحالف القديم الجديد وفي هذا الاطار لحظنا زيارة أمير الكويت، صباح الأحمد الجابر الصباح الأحد الماضي تمثلت بعد أربع وعشرين ساعة فقط زيارة ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد آل نهيان، ثم جاء الدور على أمير قطر رجل التحالف الأقرب إلى العرش السعودي تميم بن حمد آل ثاني الذي أجرى جولة محادثات حميمية مع الملك سلمان، خصوصا وان زيارة الأمر تميم تأتي بعد أيام قليلة فقط على زيارة ولي ولي العهد السعودي، محمد بن نايف للدوحة ولقائه تميم وذلك في اطار المقاربات السياسة التي تقودها الدبلوماسية الخارجية للمملكة على الصعيد الإقليمي والدولي خصوصا بعدما نجح الملك سلمان في ترتيب البيت الداخلي للعائلة المالكة، حيث توارى اصحاب الدبلوماسية الفاشلة التي ورطت المملكة في تحالفات خطرة في ظلال الصفوف الخلفية فلا يخفى على كل ذي بصيرة ان الملك سلمان تسلم الحكم على وقع ضجيج أزمات خارجية تمثلت في تراجع حلفاء الرياض مقابل تقدم أعدائها في كل من اليمن التي استولت ايران على الحكم فيها عبر الحوثيين وتقدم قوات الجيش السوري وحلفائه على اكثر من جبهة في مواجهة المعارضة التي تدعمها المملكة إضافة إلى ذلك التحالف الايراني العراقي الامريكي غير المعلن في العراق تحت غطاء المواجهة مع الصنيعة المخابراتية «داعش» ، في الوقت الذي يبدو فيه ان الخسائر الكبيرة التي تتكبدها المملكة وحلفاؤها الخليجيين كل يوم جراء انخفاض أسعار النفط – التي تسببت بها المملكة لاستنزاف ايران وروسيا اقتصاديا - لم تشفع للملكة لدى الادارة الامريكية التي تدير تحالفاتها طبقا لمصالحها الخاصة دون التفات لمصالح المملكة وعليه بتنا نرى ان المتغيرات المتسارعة على الساحة الإقليمية والدولية فرضت على الحكم السعودي الجديد مقاربات جديدة للسياسة الخارجية تهدف في الأساس إلى حماية استقرار السعودية من الاخطار الخارجية، استمرار تأثير المملكة وحضورها على الخريطة الاقليمية العالمية كفاعل مؤثر، توسيع وتنويع الخيارات باتجاه إجراء أي تعديلات على خيارات الرياض الخارجية ومما يساعد الملك الجديد على تبني هذه الخطة التصحيحية الناجحة حتى الان هو اطلاعه على تفاصيل غالبية ملفات الحكم بحكم قربه من دوائر صنع القرار في المملكة، بحكم موقعه الذي سمح له بالمشاركة في صنع القرار طوال أربعين عاماً مضت وفي هذا الاطار فان اصلاح العلاقة مع جماعة الإخوان المسلمين، ذات التواجد والتأثير الاقليمي لا يقل اهمية عن توثيق العلاقة مع تركيا، لجهة تقوية موقف المملكة وهي تعيد ترسيم العلاقة مع إيران ومما لا شك فيه ان الحكم على فشل او نجاح الملك السعودي الجديد يرتبط ارتباطا وثيقا في نجاح المملكة في ادارة هذه الملفات الشائكة المؤشرات على تغير السياسة السعودية تمكنت جماعة الاخوان المسلمين من قراءتها في وقت مبكر خصوصا بعد الحديث عن اللقاءات التي قيل انها جمعت "سديريين" من الأسرة الحاكمة مع قيادات "إخوانية" وما رافقه في حينه من تصريحات "متفائلة" لـ"الإخوان" حيال تغيير في تعاطي الرياض مع التنظيم في عهد الملك سلمان التغيير المتوقع في علاقة المملكة مع "الإخوان" يستلزمه تغيير بالضرورة تغير في العلاقة السعودية ـ التركية، والسعودية القطرية، الأمر الذي اسلفنا أنه بدأ بالفعل وعوضا عن اتسام العلاقة السعودية التركية القطرية بالتشابك في أكثر من ملف أبرزها في سوريا ومصر، فمن المتوقع ان تتسم هذه العلاقة بالتنسيق والانسجام، وبما ان علاقة حركة المقاومة الفلسطينية الاكبر على الساحة الفلسطينية حماس بكل من تركيا وقطر تتسم بالانسجام فانه من المتوقع ان ينعكس تحسن العلاقات السعودية بكل من الاخوان المسلمين وقطر وتركيا على حركة حماس الامتداد الطبيعي والطليعي لجماعة الاخوان المسلمين وذات الخصوصية الوطنية الفلسطينية وعليه فإن حماس بانتظار الانعكاسات الايجابية عليها وعلى الواقع الفلسطيني المرير تصديقا لما صرح به القيادي في حماس محمود الزهار قبل تولي الملك سلمان لزمام الامور في الرياض حث قال " ان حماس تحرق الوقت بانتظار تغيرات اقليمية تنعكس ايجابيا على الواقع الفلسطيني المعقد" وعليه فهل قاربت مرحلة الانتظار الحمساوية على الانتهاء لجهة حدوث انفراجات على مجمل الوضع الفلسطيني ملف المصالحة الداخلية وقيادة المملكة السعودية لجهود المصالحة من جديد خصوصا بعد استنكاف نظام السيسي عن انجاز هذا الملف الهام والحيوي لصالح حليفه الرئيس عباس ملف دعم واسناد المقاومة في الساحة الفلسطينية من بوابة تدفق اموال الاعمار، وتدفق اموال الرواتب والمشاريع الحيوية لإسناد صمود الشعب... وان غدا لناظره قريب
عماد توفيق