دولي

من يهن يسهل الهوان عليه

القلم الفلسطيني:

 

اللهم عليك بمن أرخص دماء المسلمين في عصرنا الحديث. اللهم أزل سلطانه، واجعله عبرة لمن خلفه. فقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هدم الكعبة حجرا حجرا أهون عند الله من سفك دم مسلم بريء لقد عظم رسول الله حرم دم المسلم، وجعله أعظم حرمة من الكعبة، التي لو هدمها غاشم لا سمح الله لثارت الأمة العربية والإسلامية عن بكرة أبيها، ولتوالت تصريحات الملوك والرؤساء العرب تستنكر الجريمة، بينما يمرّ قتل المسلمين الثلاثة في كارولينا دون تظاهرة واحدة في العواصم العربية، ودون تصريح واحد يحتج على السلطات الأميركية، ولم يجرؤ ملك أو رئيس على وصف القاتل بالإرهاب، أو وصف الجريمة بالعملية الإرهابية ؟! وإنه لمن المؤسف ألّا تقيم الفصائل الفلسطينية مظاهرة استنكار للجريمة، وهي تعلم أن الأمة تعلق عليها آمالا كبيرة، وتعدها ترمومتر الشعوب العربية والإسلامية ؟ إنه من المؤسف والمؤلم لكل مسلم حيثما كان، أن تنفرد الجالية العربية والإسلامية في أميركا بالاحتجاج والتظاهر، وكأن ما وقع من قتل على خلفية دينية، وخلفية هوية، يعني هذه الجالية المغتربة، دون غيرهم من العرب والمسلمين في عواصم العالم، ولو كان المغدورون من اليهود لقامت لهم مظاهرات واحتجاجات كبيرة في كل عواصم العالم؟ ومن المؤسف والمؤلم أيضا، أن جل وسائل الإعلام الغربية والأميركية لاذت بالصمت، واتخذته وسيلة للتعتيم على الجريمة، ومحاصرة تداعياتها، حتى أضطرت الجالية المسلمة أن تقيم مظاهرة احتجاج في لندن على ال لأنها لم تقم بتغطية خبر الجريمة وخلفيتها، كما كانت تفعل حين يقتل مسلمٌ يهوديا، أو مسيحيا؟ وإنه لمن المؤسف، بل والمهين، أن تنحرف السلطات الأميركية بدوافع الجريمة، وتنقلها من خانة الكراهية للإسلام، والمسلمين، والكراهية للعرب والفلسطينيين، وتجعل دوافع القتل شجارا على موقف سيارة؟! بهذه الصفاقة، والسخرية مما هو عربي ومسلم، وتتناول وسائل الإعلام، وتقارير الشرطة الأولية القضية بعيد عن الموضوعية، بغرض طمس الحقيقة، وإخفاء دوافع الجريمة النكراء، بينما تهديدات القتل للمغدورين لها تاريخ وسوابق على خلفية دينية، وهناك من يشهدون على هذه التهديدات التاريخية التي تتحرك بدوافع الانتقام والكراهية ثم من متى يفضي الشجار على موقف سيارة في أميركية إلى جريمة قتل ثلاثة أفراد معا؟! ثم لماذا يكون القتل للفتاتين مع الرجل، وهل الفتاتان جزء من عملية الشجار ؟ لم اسمع بمثل هذه التبريرات، وتحليلات دوافع القتل إلا اليوم، في ظل حكم الرويبضة في عالمنا، وإلا في أميركا المتهمة بقتل المسلمين، ونشر الكراهية لما هو إسلامي في العالم، فأميركا لا تقاتل إلا في بلاد العرب والمسلمين؟! ولا تطبق قوانين الإرهاب خاصتها إلا على العرب والمسلمين؟ إن سجل تاريخ القتل على خلفية موقف السيارة يكاد لم يسمع عنه أحد في عشرات السنين، إلا في هذه الجريمة، الأمر الذي يؤكد أن السلطات الأمنية والشرطية في أميركا معنية بتزييف الحقيقة، وإخفاء دوافعها الدينية والعرقية لأسباب معلومة وقد لخص المتنبي هذه الحالة قديما بقوله: من يهن يسهل الهوان عليه.. ما لجرح بميت إيلام.


د. يوسف رزقة

من نفس القسم دولي