دولي
اختطاف الإسلام ويتم المسلمين
القلم الفلسطيني:
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 10 فيفري 2015
لعل من أوائل الأحاديث المشهورة التي يحفظها الشباب الملتزم هو حديث غربة الإسلام في بدايته ومنتهاه التي تتسلى وتتصبر به النفس كلما حل بالمسلمين مصيبة لا يستطيعون دفعها غير ان البعض يتعامل معه باستسلام اليائس الذي ينتظر النهاية لا بحرص العامل ان يكون من الصفوة الاخيرة التي تحمل الراية حتى النهاية ولكن الاستهداف في زمن غربة الاسلام لم يعد لأتباع الدين فقط بل أصبح لذات الدين الرباني أيضا حيث أصبح رهنا للانتقاد والتشويه ومحاولة التحريف والتغيير ونزع القدسية وكأنه ليس الدين الخاتم المنزل الذي اكتملت رسالته جامعة أفضل وأكمل ما كان للسابقين من الامم هي ليست فقط غربة الاسلام ولكن يتمه ويتم اتباعه اذ ليس لهم رأس أو هيئة أو سلطة تمثل صحيح الاسلام كما ورد في مصادره المنزلة واجماع الامة بعد تنقيته من الخلافات والانقسامات والانحيازات والآراء الشاذة، ليس للاسلام ولا للمسلمين مرجعية علمية صادقة وصافية لم تلوثها أدران الدنيا تكون لهم مرساة رشد وقاعدة تمثيل وجامعة لمواقفهم ووحدتهم لم يعد يكفي ان تقول انك مسلم او دينك الاسلام فلقد أصبح الامر بحاجة لمزيد من الشرح والتوضيح واحيانا دفع التهمة، فالاسلام الآن مدارس ومذاهب بعضها لا يشبه روح الاسلام في شيء ولا يأخذ منها سوى الاسم والاشكال! ان الكل يزعم أنه الممثل الشرعي والوحيد للاسلام وغيره سفيه او مارق او مخالف او خارج!!! والكل يبحث عن دعم شرعيته وترسيخ وجوده على قمة التمثيل الاسلامي والنطق باسمه ولو بحديث غريب مقطوع او رأي آحاد لم يلق قبولا لا من المتقدمين ولا من المتأخرين أصبح المنطق السلس والتسهيل والاحتضان الذي اجاب به الرسول صل الله عليه وسلم عن سؤال الاعرابي عن الاعمال التي تدخله الجنة، وكان الجواب عن اقامة الفرائض بصدق واخلاص، غير كاف عند البعض للقبول وللدخول في دائرة المسلمين وليس دلالة على صلاح وخير ولا تدخل المرء في عصمة الاسلام من دم ومال وعرض فعن أي اسلام نتحدث؟ فالاسلام لم يعد اسما جامعا بل أصبح اشكالا مختلفة حتى ما عاد المرء يعرف أين موقعه من الاعراب، مقبول ام مطرود، من اهل الجنة او من اهل الجحيم، فلقد تعددت الطرق والخرائط وكل صاحب طريقة يوزع كالكنيسة صكوك الجنة، من معه يدخلها ومن ضده إلى جهنم وساءت مصيرا أي اسلام نريد ومن يمثل المسلمين الان؟ هل نريد الاسلام الليبرالي المائع العلماني الذي يفصل بين الدين والدولة ويتاجر بالدين ويقولبه كيف يشاء؟ ماذا عن الدين التبريري والتخديري بوصف علي شريعتي الذي يلبس لبوس التقوى ويبرر الثالوث المشؤوم من الاستبداد والاستعمار والاستحمار فيصبح من الواجب الطاعة والصبر على الظلم والفقر والمرض في انتظار نعيم الجنة وهذا مواجهته اصعب من مواجهة الكفر الجلي فهذا لا تستطيع الوقوف بوجهه لانه يقول ايضا قال الله وقال رسوله ويتسأل ببراءة مصطنعة : أولسنا كلنا مسلمين؟ بل وتقوم على هذا دول تستمد الغلبة والتمكين من ادعائها تمثيل الاسلام والإمساك بمفاتيح المرجعية لوقوعها ضمن بقعة جغرافية مقدسة مع ان الصحابي من آل البيت سلمان الفارسي قال "ان الأرض لا تقدس أحدا إنما يقدس الرجل عمله" هل هو اسلام النسب الذي يتكئ على العائلة او الوراثة من الصالحين ليكتسب شرعيته امام الناس ثم تأتي الأفعال لتخالف تماما ما كان عليه السلف؟ هل هو الاسلام الضحية والمظلوم الذي يريد الانتصار لنفسه بكل الوسائل حتى ولو ارتكب كل الكبائر وتجاوز كل الحدود بحجة ان السيل بلغ الزبى وان العقوبة بمثلها؟ هل هو اسلام أصحاب العمائم واللحى والجلابيب الذين ساروا في ركاب الطغاة وبرروا أعمالهم وفصلوا لهم الدين والفتاوى على مقاسهم؟ هل هو الاسلام الامريكاني الذي وصفه رئيس وكالة المخابرات الأمريكية السابق "جيمس وولسي" في 2006 فقال: سنصنع لهم إسلاماً يناسبنا ثم نجعلهم يقومون بالثورات ثم يتم انقسامهم على بعض لنعرات تعصبية ومن بعدها قادمون للزحف وسوف ننتصر"؟ الاسلام والمسلمون ليسوا في غربة فقط بل في تيه وفي قفص الاتهام يحاولون فقط ان يخذلوا عن أنفسهم ويدافعوا عن دينهم بدل ان يستثمروا جهودهم في نشره وعمارة الارض برسالته، وعلماء المسلمين الصادقون في تيه ايضا دون هيئة ولا مظلة تجمعهم وتوحد رأيهم فإذا حل بالمسلمين أمر جلل لم يجدوا من يوجهوا أنظارهم اليه ويضعوا ثقتهم فيه بل وجدوا بضع آراء منثورة هنا ولا هناك لا تشكل حالة اجماع وقوة ضغط عن عمر قال: "ان الاسلام في بناء وان له انهداما وان مما يهدمه زلة عالم وجدال منافق بالقرآن وأئمة مضلين" والناظر في أحوالنا يرى اكتمال عناصر انهدام الاسلام فأين العلماء الصادقون المخلصون ليحرروا الاسلام من مختطفيه، ممن يدعون الانتساب اليه وقيادة زمامه،و يكفلون اليتامى من المسلمين الذين يبحثون عمن يسترشدون به ويمثلهم؟