دولي
تشابك الأيادي
القلم الفلسطيني:
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 19 جانفي 2015
لقد خلد الأدب الشكسبيري لأنه تجاوز حدود الزمان والمكان ليجد له انطباقات انسانية في كل زمان ومكان من باب تشابه أنماط التصرفات البشرية ودورات التاريخ وقلة الانزياح عن النسق التاريخي العام، والدارس لمسرحيات شكسبير سيجد انها قابلة للتفاعل مع كل عصر وكأنها ابنته، فالقياصرة المستبدون في زماننا تكاثروا عن زمانهم والتاجر اليهودي البخيل النتن ما زال بصفاته ولكنه أصبح يسيطر على سوق العالم أجمع، ومعظم الشباب يحاول ان يعيش الدور ويستنسخ من نفسه وحبيبته نسخة أكثر جنونا من روميو وجوليت من المشاهد الخالدة في مسرحية يوليوس قيصر هو مشهد التحضير والتآمر لقتل القصير الذي يختلف النقاد على كونه ظالما او ضحية! الشاهد في الامر هو كيفية التآمر لإنجاز جريمة الاغتيال الجماعي الذي اشترك فيها كل اتباع واصدقاء القيصر وعلى رأسهم برتوس الذي أصبح مثلا في خيانة الصديق وأن من مأمنه يؤتى الحذر لقد شبك المتآمرون أيديهم أول المؤامرة متعاهدين على البطش بقيصر دون رحمة من أجل ما زعموا أنه هدف نبيل لحماية قيم جمهورية روما! مع انهم كانوا يحمون أنفسهم وأهدافهم الشخصية لا غير! لقد وضعوا أيديهم سويا وتعاهدوا على انفاذ الجريمةثم يقول أحد المتآمرين واسمه كاسكا وهو أول من ضرب قيصر بخنجر في ظهره: أيتها الأيادي تحدثي عني ثم تلته مجموعة الايادي وأتمت الجريمة ولم تكتف بذلك بل اجتمعت الايادي مرة اخرى وتشابكت لتغمس نفسها في دم القيصر لتثبت مسؤوليتها عن العمل المزعوم لمصلحة الأمة وبعد مشهد التشابك الآثم والدموي صرخ جمهور الرعاع المجتمع في الساحة وهي كلها مرادفات للحرية والتحرر وتشبه إلى حد شعار الثورة الفرنسية، والعجيب كان استخدامها من هذه الفئة الجاهلة من الأتباع المشاركة بسكوتها واقرارها في الجريمة، ثم تفرقت الايادي بعد تفرق المصالح واصبحت تضرب في بعضها البعض وهو الدرس الاكبر بأن الخيانة لا تعمر ومرتعها وخيم واللعنة تلاحق مقترفيها حتى تصفيهم واحدا واحدا ليس الأدب بتجربته الانسانية منفصلا عن عالم الواقع بل هو أقرب في هذه الحالة إلى تسجيل سيرة ذاتية حصلت وستحصل لكل من قام بنفس التصرفات فعندما ترون الايادي متشابكة انظروا إلى أصحابها فبعض الايادي تتشابك في رضى الله وتكون يد الله فوق أيديهم وبعضها تتشابك مع نتنياهو، شكسبير يقول "اياك أعني واسمعي يا جارة".
د.ديمة طارق طهبوب