دولي

حادثة "شارلي إيبدو" بعيون إسرائيلية

القلم الفلسطيني:

 

العاصفة الأمنية التي هبّت في العاصمة الفرنسية باريس كانت سريعة من حيث الزمن والقوّة والحسم، فمنذ بثّ تصوير مهاجمة واقتحام مقرّ الصحيفة المثيرة للجدل "شارلي إيبدو" الساخرة وحتى الإعلان عن مقتل الأخوين كواشي بالتزامن مع مقتل "كوليبالي" المحتجِز لرهان في متجر للمأكولات اليهودية، تحرّك العالم أجمع بعربه وعجمه لإدانة هذا الفعل الإجرامي والتضامن مع الجمهورية الفرنسية والصحيفة الساخرة إدانة للإرهاب وتأكيداً على حرية الصحافة والإعلام.

في خضم هذا الحدث المتسارع الذي لم تتضح معالمه وتفاصيله بعد، حتى عند العيون التي كانت تراقب الوضع عن كثب في عين المكان، حيث لا مصادر للمعلومات سوى ما يعلن عنه الأمن والدرك والمخابرات الفرنسية ضمن سياسة مدروسة في الكلمة والتوقيت والصوت والصورة وممّا يثير الانتباه والتساؤل في هذه الحادثة المتسارعة عناصرها الأساسية المحرّكة لها والتي برزت بشكل لافت على مسرح العملية بإحكام وإتقان الأول: العناصر البشرية: الأخوان كواشي فرنسيان من أصل جزائري كوليبالي فرنسي من أصل إفريقي. حياة بومدين فرنسية من أصل جزائري إذن كلّهم مسلمون من أصول غير فرنسية.

الثاني: صحيفة "شارلي إيبدو" صحيفة ساخرة دأبت على نشر صور مسيئة للرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم في أوقات سابقة، فعامل الزمن والتوقيت يثير بعض التساؤلات الثالث: متجر الأطعمة اليهودية في فانسان شرق العاصمة باريس مكان احتجاز الرهائن الذي يريده مخرجو هذه العملية، نستطيع أن نلخصه في جملة أو جملتين: "الإرهاب الإسلامي ضد حرية الصحافة وضد السامية، وهذه الكلمة الأخيرة وردت في سياق كلمة الرئيس الفرنسي بعد الإعلان عن الانتهاء من تحرير الرهان ومقتل الإرهابيين وباجتماع هذه الأركان الثلاثة يمكن أن تشكّل صورة ولو جزئية للرسم النهائي الذي يريده مخرجو هذه العملية، نستطيع أن نلخصه في جملة أو جملتين: "الإرهاب الإسلامي ضد حرية الصحافة وضد السامية، وهذه الكلمة الأخيرة وردت في سياق كلمة الرئيس الفرنسي بعد الإعلان عن الانتهاء من تحرير الرهان ومقتل الإرهابيين ومن العيون التي كانت تراقب حدث "شارلي إيبدو" بتفاصيله الدقيقة عيون الاحتلال الصهيوني، التي لم ينلها أيّ نصيب من السخرية والقدح والذم من طاقم الصحيفة سواء عبر الكلام أو الرسوم ! أضف إلى ذلك أنَّ الاحتلال الصهيوني لم يهضم ولم تعجبه المواقف الفرنسية الأخيرة في البرلمان الفرنسي والأمم المتحدة التي جاءت مع الحق الفلسطيني ولعلّ العلاقة التاريخية بين فرنسا والكيان هي التي تبعث على مزيد من الاهتمام والمتابعة، خصوصاً وقد جاءت التقارير بشأن أصول المهاجرين اليهود إلى الكيان الصهيوني في عام 2014، تؤكّد أنَّ فرنسا تحتل المرتبة الأولى من حيث المهاجرين اليهود منها، حيث بلغ عدد اليهود المهاجرين من فرنسا إلى إسرائيل سبعة آلاف، فيما كان عددهم في نهاية عام 2013 نحو 3500 مهاجر يهودي، وتوقعت هذه التقارير التقرير قدوم عشرة آلاف مهاجر يهودي من فرنسا إلى إسرائيل في العام الجاري 2015 عودة إلى حادثة "شارلي إيبدو"، لنجد أنَّ الأركان الثلاثة سابقة الذكر كانت حاضرة بقوّة منذ الوهلة الأولى في الكيان الصهيوني وقادته وإعلامه، فرئيس الوزراء الاحتلال نتنياهو استغله ليكرر مزاعمه ويلمح إلى أنَّ الفلسطينيين مجموعة إرهابيين ولا يريدون السلام واعتبر في تصريحات له عقب الهجوم أنَّ "هدف الإرهاب الإسلامي ليس التسوية ولا الحدود ولا إسرائيل" بل "الهدف الأساسي للإرهاب الإسلامي هو إبادة مجتمعاتنا ودولنا، واقتلاع حضارتنا الإنسانية التي تستند إلى الحرية وبدلا منها فرض حكم استبدادي متعصب" كما يزعم وهي السياسة ذاتها التي تبناها الإعلام الصهيوني؛ حيث سعى بشكل سافر إلى استغلال هذه الحادثة لخدمة أجندات وسياسة الاحتلال، ففي بعض الصحف العبرية وردت عناوين عنصرية من قبيل: "حرب القيم" و" الاحتلال الإسلامي" و"الفرنسيون يفقدون دولتهم" و"حرب بين البربرية والحضارة" و"11 سبتمبر الفرنسي" لا تنتهي حادثة الصحيفة الفرنسية "شارلي إيبدو" عند حدود باريس وضواحيها، فإخراج حبتكها بهذه الأركان ستبقى ماثلة للعيان ولها ما بعدها على مرّ الزمان وختام القول: عينُ الصهاينة بصيرة وأيديهم طويلة، ولا ينطبق عليهم أبداً المثل القائل: (العين بصيرة واليد قصيرة)، فهو مثل بلاشك ماركة مسجلة للعرب. 


مبروك الهاني

من نفس القسم دولي