دولي

إسرائيل تحرم 175 ألف موظف من رواتبهم بعد حجز مداخيل السلطة الفلسطينية

الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يعترضان على خطوة تل أبيب

 

 

لم يتلق 175 ألف موظف تابعين للسلطة الفلسطينية رواتبهم حتى يوم أمس، وذلك بعد أن حجبت إسرائيل أموال الفلسطينيين التي تجمعها من الضرائب، ردا على توقيع وثائق الانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية، وهو ما ينذر بأزمة مالية حادة إذا ما تواصل الحجز للأشهر القليلة القادمة.

ووضعت إسرائيل المسؤولين الفلسطينيين في موقف صعب، إذ لا يوجد لدى كثير منهم جواب شاف حول موعد دفع الرواتب، بعدما كان ينتظر أن تكون مدفوعة في 5 من هذا الشهر، كما جرت العادة سابقا. وفي هذا الصدد أكد الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، أمس، أنه لا يوجد موعد محدد لدفع الرواتب وكرد فعل على هذه الخطوة اشتكى الفلسطينيون إسرائيل للأمم المتحدة، وطلبوا دعما عربيا، ملمحين إلى إمكانية عدم قدرة السلطة على الصمود في ظل هذا الوضع الصعب، إذ بالكاد تستطيع الحكومة الفلسطينية تدبر أمورها مع التزام إسرائيل بتحويل عائدات الضرائب التي تصل إلى 130 مليون دولار شهريا، وهو ما يشكل نحو نصف احتياجات السلطة الشهرية وتحتاج السلطة الفلسطينية إلى نحو 170 مليون دولار لدفع رواتب الموظفين، وإلى مبلغ مماثل لتسديد الخدمات الأخرى. وتؤمن السلطة الرواتب من خلال المستحقات التي تحولها إسرائيل، ومن خلال جمع ضرائب مباشرة من الفلسطينيين، كما تتلقى مساعدات أخرى أوروبية وأميركية وعربية لتسيير شؤونها الأخرى وخلال السنة المالية الماضية، بلغ إجمالي قيمة فاتورة الرواتب نحو 1.92 مليار دولار، فيما بلغ إجمالي نفقات الحكومة الفلسطينية خلال نفس الفترة نحو 3.7 مليار دولار، أي ما نسبته 54 في المائة من الميزانية وليست هذه هي المرة الأولى التي تستخدم فيها إسرائيل هذا الأسلوب لمعاقبة الفلسطينيين، إذ سبق لها في مرات أخرى وضع السلطة على حافة الانهيار. وكنتيجة لذلك تتجه السلطة الآن إلى طلب تفعيل شبكة الأمان العربية التي كانت تعهدت بدفع 100 مليون دولار للسلطة في حال توقف إسرائيل عن تحويل المستحقات لكن هذا الأمر يحتاج إلى اجتماع عربي، ومن ثم إلى قرار بالتزام بالتسديد، وهو ما كان بطيئا جدا في المرات السابقة، وقد لا يستطيع الموظفون، الذين يعتبرون ركيزة السوق الفلسطيني، احتماله ودانت الحكومة الفلسطينية، أمس، عدم قيام الحكومة الإسرائيلية بتحويل عائدات الضرائب الفلسطينية، وقالت في بيان "هذه الأموال هي أموال فلسطينية، وهي ليست منة من إسرائيل، وإنما تقوم بجبايتها نيابة عن السلطة الوطنية، مقابل ما نسبته 3 في المائة من عوائد الضرائب، وسياسة احتجاز عائدات الضرائب الفلسطينية التي اتبعتها الحكومة الإسرائيلية مرات كثيرة، ورفض الحكومة الإسرائيلية اطلاع الجانب الفلسطيني على تفاصيل ما يتم اقتطاعه من هذه العائدات، ما هو إلا قرصنة إسرائيلية على الأموال الفلسطينية، والسلطة الوطنية ستتوجه إلى المؤسسات الدولية للمطالبة باتخاذ إجراءات ملزمة وعاجلة تجاه الحملات والممارسات الإسرائيلية العنصرية، ولإجبار إسرائيل على وقف استيلائها على مقدرات الشعب الفلسطيني وأرضه، وموارده المالية والطبيعية، ولإخضاعها إلى قواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية" ودعت الحكومة الفلسطينية الدول العربية الشقيقة إلى سرعة تحمل مسؤولياتها، وتقديم شبكة الأمان المالية التي أقرتها القمم العربية بعد قرار الحكومة الإسرائيلية احتجاز وتجميد تحويل الأموال الفلسطينية. كما دعت الدول العربية الشقيقة والدول المانحة الأخرى إلى سرعة تقديم ما التزمت به خلال مؤتمر إعادة إعمار قطاع غزة الذي عقد في القاهرة، مشددة على أن ضرورة تحمل المجتمع الدولي ومجلس الأمن الدولي ومنظمة الأمم المتحدة، بكافة هيئاتها، مسؤولياتها تجاه ما تقترفه سلطات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدراته وقدم رياض منصور، السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة، شكوى رسمية للأمم المتحدة ضد إسرائيل، يعترض فيها على القرار الإسرائيلي الذي يناقض الاتفاقيات الموقعة بين الأطراف. وفيما نتنظر السلطة ضغوطا عربية وأميركية على إسرائيل للإفراج عن الأموال، لا تنوي مقايضة المال بالمواقف السياسية من جهته، قال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات إن "حجز الأموال يعد قرصنة لن تثني القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني عن مواصلة الصمود والتمسك بالحقوق الوطنية، وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.. وحجز أموال الضرائب الفلسطينية يعني تدمير السلطة.. والسلطة الوطنية وجدت لنقل الشعب من الاحتلال إلى الاستقلال، وإذا أرادت إسرائيل الإصرار على تحويلها إلى سلطة وظيفية فلتأتي وتتحمل مسؤولية احتلالها بشكل كامل" وعارض أمس الاتحاد الأوروبي الخطوة الإسرائيلية، إذ قالت فيديريكا موغيريني، وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، إن "هذه الخطوة تتنافى مع الالتزامات إسرائيل بموجب اتفاقات أوسلو"، داعية الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني إلى الامتناع عن اتخاذ خطوات من شأنها أن تضر بجهود السلام. وجاء هذا الاعتراض بعد يوم من إعلان وزارة الخارجية الأميركية معارضتها لتجميد إسرائيل الرسوم التي تجبيها لصالح السلطة الفلسطينية، واصفة تجميد تحويل هذه الضرائب، التي تمثل نحو نصف الموازنة الفلسطينية بـ"قرار يؤجج التوترات" وكان الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين قد انتقد هو الآخر سياسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتجميد أموال الضرائب الفلسطينية، وأوضح أن قرارات نتنياهو غير منطقية، ولها مصالح حزبية، مؤكدا أنها تضر بمصالح إسرائيل القومية. وقال ريفلين إن "المستحقات الضريبية تشكل أحد المصادر التي تمكن الشعب الفلسطيني من تلبية احتياجاته". 

من نفس القسم دولي