دولي

من يضيء غزة؟؟

القلم الفلسطيني:

 

تحدت غزة الصامدة برجالها ومقاومتها الباسلة الحصار الشديد وإغلاق المعابر، كما واجهت غزة ثلاثة حروب شرسة مع العدو الصهيوني، فقد استعصت على العدو خلال تصديها لهذه الحروب أولها الحرب الأولى عام 2008-2009م معركة الفرقان، ثم حرب حجارة السجيل عام 2012، ثم الحرب الأخيرة العام الماضي 2014م معركة العصف المأكول؛ وقد نال غزة ما نالها خلال هذه الحروب التي استخدم العدو فيها أطنانا من الألغام والمتفجرات، وراح خلالها أكثر من 3000 شهيدا، وأصيب أكثر من 20 ألف مواطن، عوضا عن المؤسسات والمدارس والطرق والبنى التحتية التي دمرت خلال هذه الحروب، مع ذلك لم ترفع غزة الراية البيضاء، ولملمت جراحها لتدب فيها الحياة من جديد، وخرجت غزة أكثر صلابة وتحد، وتواصلت عليها المؤامرات من البعيد والقريب، واشتدت فيها الأزمات الاقتصادية والمعيشية، كما استمر الحصار يضربه أطنابه في هذا البلد الصغير؛ أما العدوان الصهيوني الأخير الذي استمر لمدى 51 يوما، فقد خطط العدو أن يدمر فيها قطاع غزة كليا، ويقضي على معاني الحياة والصمود فيها، حيث شدد من ضرباته الجوية والبحرية، لكنه واجه مقاومة عنيدة واستخدمت تكتيكات واستراتيجية حربية جديدة، رغم ذلك لم يفلح العدو الصهيوني من تحقيق مآربه من الحرب على غزة وانتهت دون أية نتائج تذكر، بل حققت المقاومة الكثير من الإنجازات ونفذت عمليات نوعية خلف خطوط العدو اليوم غزة وبعد أربعة شهور من انتهاء الحرب تواجه حربا من نوع آخر تهدف إلى الإبقاء على قطاع غزة مدمرا محاصرا دون أية حلول تلوح بالأفق، لذلك استخدم العدو ورقة الاعمار كورقة ضاغطة، وتم وضع آليات خاصة لإدخال مواد الاعمار بالاتفاق مع الأمم المتحدة كما توجد رقابة على إدخال المواد للقطاع بعد الحصول على أسماء المتضررين، والموافقة على تسلميهم مواد البناء؛ والأدهى من ذلك والأمّر أن هذه المواد خاصة ( الأسمنت) لا تصلح للأعمال الخرسانية الكبيرة، وهذه في حد ذاته يخلق مشاكل كثيرة لأصحاب المنازل المتضررة، عوضا عن أن كميات الأسمنت التي تدخل من خلال المعابر الصهيونية قليلة ولا تفي بالحاجة إن قطاع غزة اليوم يعيش الكثير من الأزمات وعلى رأسها إعادة اعمار القطاع، ثم أزمة الكهرباء حيث تزداد الأمور سواءً خاصة، بعد تدمير محطة الكهرباء خلال العدوان، لتصبح مواعيد وصول التيار الكهربائي لمدن القطاع قليلة (4-8) ساعات يوميا، وبالتالي يولّد الكثير من المشاكل والأزمات للمواطنين؛ واليوم الكون يتطور ويمر بتغيرات سريعة، وغزة تبحث عن من يضيئ الكهرباء في شوارعها وأزقتها إن الهدف الرئيس في استمرار أزمات قطاع غزة هو العمل على إشغال الغزيين عن المقاومة أو التفكير في المقاومة أو مشروع التحرير، كما يهدف لكسر العزيمة والصمود الذي يحياه أهالي القطاع، وبالتالي يستطيع العدو ومن يدورون في فلكهم التفكير بهدوء بخصوص تدمير المقاومة الفلسطينية والحدّ من قدراتها العسكرية، والحدّ من تطور هذه الطاقات، خاصة بعد رصد الكيان الصهيوني تجارب إطلاق صواريخ نفذتها كتائب القسام في عرض البحر، كما تم رصد طائرات الأبابيل القسامية في سماء بلدات الكيان الصهيوني كافة السياسات الصهيونية الخرقاء في التعامل مع قطاع غزة، لن تهزم غزة ولن تكسر عزيمة أهلها، ولن تثني المقاومة الفلسطينية على السير قدما في مشروع التحرير، وتطوير أهداف واستراتيجيات العمل العسكري الفلسطيني، خاصة أن حسابات الخوض في معركة جديدة بالنسبة للعدو مختلفة هذه المرة، وسط الأزمات الكبيرة التي تعيشها بلدان الإقليم، وما لم يحققه العدو الصهيوني في معاركه العسكرية الخاسرة مع القطاع لن يحققه في المعارك الاقتصادية مع غزة، ويدرك الجميع أن العدو الصهيوني يعيش الآن أوضاعاً داخلية صعبة وعلى أعتاب مرحلة انتخابية جديدة، وهناك تنافس كبير بين الأحزاب، وتكون غزة على رأس أولويات كل غزة، وربما يَقدم رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو على معركة عسكرية مع غزة قد تكون قصيرة المدى، وذلك لكسب أصوات الناخبين، ولكن يبدو أن نتنياهو لا يعلم أن الحرب الأخيرة على القطاع وفشله في تحقيق أهدافها ستجلب له الفشل السياسي والسقوط إلى الهاوية مثله مثل من سبقه من القادة الصهاينة، فقد أسقطت الحروب على غزة كلاً من شارون وبيرس وإيهود أولمرت وبارك وأنهت تاريخهم العسكري ووجودهم السياسي أمام هذه الأوضاع الصعبة في القطاع المطلوب منا توحيد صفنا وتوحيد خطابنا الاعلامي، وإنهاء آثار الانقسام البغيض، وحل المشاكل التي تواجه القطاع الحكومي الفلسطيني وعلى رأسها الموظفين، ودمج المؤسسات الفلسطينية، من أجل المعركة القادمة، خاصة أن الدبلوماسية الفلسطينية خاضت معركة مشروع إنهاء الاحتلال الإسرائيلي ووجهت بالفيتو الأمريكي، ثم التوجه لمحكمة الجنايات الدولية وهذه تحتاج منا كفلسطينيين جهودا كبيرا من أجل تفعيل الكثير من الملفات والقضايا ضد الكيان الصهيوني والعمل على تقديم السجلات الإجرامية للقادة الصهاينة والمطالبة بمحاكمتهم وملاحقتهم في كل مدن العالم غزة تعيش الآلام والأحزان يوميا، لكنها من أكثر البلدان أمنا وهذه القيمة يفتقدها المواطن العربي في الكثير من البلدان العربية مثل سوريا والعراق واليمن.


غسان مصطفى الشامي

من نفس القسم دولي