دولي

الجنرال يادلين: قدرة إسرائيل الردعية تتلاشى تدريجيا

قال إن قوة حماس تتعاظم بصفة غير طبيعية

العرض العسكري الأخير لكتائب القسام كشف عن أسلحة جديدة

 

ما زالت مراكز الأبحاث الإستراتيجيّة في إسرائيل تُحاول سبر غور ظاهرة حماس والمُقاومة الفلسطينيّة في قطاع غزّة، فيما يُواصل صنّاع القرار في تل أبيب العمل على إيجاد حلٍّ لهذه المُشكلة، التي باتت تُشكّل تهديدًا إستراتيجيًّا للدولة العبريّة، بسبب تطوير حماس لقدراتها الصاروخيّة، والتي أذهلت أركان دولة الاحتلال في العرض العسكريّ الذي أجرته الحركة في ذكرى انطلاقها في غزّة.

وقد برزت ملامح للتوجهات الإسرائيلية للتعامل مع ملف قطاع غزة من خلال الدعوات إلى تعزيز الردع بطرق مختلفة، كرفع الحصار ومعاملة غزة كدولة تديرها حماس، أو توجيه ضربات قاسية لحماس وتدعيم السلطة في رام الله، مع تجنب العودة لاحتلال القطاع، ومكافحة تهريب الأسلحة إليه، وضرورة حفاظ إسرائيل على قدرتها في احتواء المواجهات العسكرية التي تبادر إليها في جبهة واحدة. ففي الاتجاه الأول دعا الجنرال في الاحتياط، غيورا آيلاند، الرئيس الأسبق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، إلى التعامل مع قطاع غزة على أنه دولة تحت سيطرة حركة حماس، ورفع الحصار البحري عنه مقابل وقف إطلاق نار طويل الأمد، وأن هذا الاتفاق ينبغي أن يكون بضمانات مصرية بالمحافظة على الهدوء ومنع دخول الأسلحة، وأن يسمح للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بإرسال بواخر ترافقها قوات شرطة من بلادها إلى ميناء غزة، ومما يهدف إليه هذا التصور ضمان أن يكون لدى حماس ما تخسره إذا تم خرق وقف إطلاق النار، على حدّ قوله من ناحيته رأى الجنرال في الاحتياط عاموس يدلين، الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، أنّه نظرًا إلى أنّ سلوك حماس في غزة يشبه سلوك الدولة فإنّه يتعين على إسرائيل أن تستغل ذلك لمطالبة الحركة بتحمل مسئولياتها، على حدّ قوله. إلّا أن يادلين، الذي نشر بحثًا جديدًا عن حماس ونشره على موقع مركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ، التابع لجامعة تل أبيب، والذي يرأسه، يدعو إلى أسلوب معاكس لتحقيق ذلك من خلال أنْ تشمل الإستراتيجية الإسرائيليّة تقديم ما أسماها بالجزرة إلى العناصر المعتدلة في السلطة الفلسطينية من أجل تعزيز مكانتهم، وتوجيه ضربات قاسية جدًا ضدّ مَنْ نعتها بالعناصر الإرهابية المتطرفة الفلسطينية بهدف إضعافها علاوة على ذلك، اقترح يادلين أنْ تعلن إسرائيل أن إطلاق صواريخ باتجاه تل أبيب هو (خط أحمر)، مع تجنب العودة عن قرار الانفصال عن غزة، الذي شكّل عملية إستراتيجية مهمة خدمت أمن دولة إسرائيل، بحسب رأيه، إضافة إلى ضرورة إجراء بحث في إسرائيل حول مدى تأثير عمليات عسكرية ونتائجها على انتخابات مستقبلية في السلطة الفلسطينية واحتمالات المصالحة الفلسطينية واقترح الجنرال يادلين اعتماد ثلاث استراتيجيات مركزية لمنع تعاظم قوة المنظمات، وفي مقدمتها حماس، منع دخول أسلحة إلى القطاع بواسطة اجتياح بريّ، ومهاجمة طرق نقل الأسلحة بدءً من إيران وحتى غزة، وإيداع هذه المهمة بيد جهة خارجية مثل الأمم المتحدة، على حدّ قوله. بموازاة ذلك، ددعا رئيس مركز أبحاث الأمن القوميّ إسرائيل إلى البحث في حجم استخدام القبة الحديدية على ضوء تكلفتها الكبيرة (50 ألف دولار كلفة إطلاق كل صاروخ) مقابل صواريخ تكلفتها ضئيلة نسبيًا، مضيفًا أنّ إسرائيل تنجح منذ انتهاء حرب العام 1973 في احتواء المواجهات العسكرية التي بادرت إليها في جبهة واحدة، وهذا إنجاز استراتيجيّ بالغ الأهمية، لكن لا يجوز بأيّ حالٍ من الأحوال النظر إليه على أنّه أمر مفروغ منه علاوة على ذلك، أوضح الجنرال يادلين أنّ مصالح إستراتيجية واتصالات صحيحة مع دول مجاورة، وعمليات محدودة النطاق، وردع قوي تجاه منظمات “إرهابية” مثل حزب الله، منحت الجيش الإسرائيليّ حرية العمل في جبهة واحدة، على حدّ قوله وتجدر الإشارة إلى أنّ إسرائيل معنية في المدى المتوسط بالضفة الغربية أكثر من عنايتها بغزة، فإذا ضمنت إسرائيل تهدئة طويلة المدى في غزة، فإنها ستستثمر ذلك في الضفة الغربية بمزيد من الاستيطان، واستثمار استمرار الانقسام الفلسطيني، لإضعاف طرفي الخلاف الفلسطيني والحصول على المزيد من التنازلات من قبل السلطة الفلسطينية، لاسيما في مواضيع اللاجئين والحدود والقدس. ويُستشف من بحث الجنرال يادلين أنّه اتضح لإسرائيل أن قدرتها على الردع كانت تتلاشى مع ظهور أسلحة أكثر تطورًا في قطاع غزة، ومع ارتفاع عدد الصواريخ المنطلقة منها، على حدّ تعبيره. 

ع.ع / ي.ب

من نفس القسم دولي