دولي

حركة المقاومة الإسلامية "حماس"... انتفاضتان وثلاث حروب

27 شمعة على طريق التحرير

 

  • بدأت بالحجر... وانتهت بالصاروخ

 

سبع وعشرون شمعة توقدها حماس، لتنير الطريق نحو تحرير فلسطين، فعلى الرغم من التحديات الجمة، والعراقيل المتراكمة، تمكنت الحركة في غضون السبعة والعشرين عاماً على انطلاقتها من غرس ثقافة ونهج المقاومة في كل جزئية من جزئيات حياة الإنسان الفلسطيني، وها هي اليوم حماس تعيد تجديد نهجها ورؤيتها تجاه القضية

 

تعود نشأة حركة "المقاومة الإسلامية" (حماس) في جذورها إلى بدايات القرن العشرين، وتُشكّل امتداداً لجماعة "الإخوان المسلمين". واستخدمت الحركة أسماء عدة، للتعبير عن المواقف السياسية للحركة تجاه القضية الفلسطينية، منها "المرابطون على أرض الإسراء" و"حركة الكفاح الإسلامي" وغيرها، قبل اعتماد اسمها الحالي وأُعلن عن تأسيس "حماس" على لسان الشيخ أحمد ياسين، بعد حادث الشاحنة الصهيونية في 6 ديسمبر 1987 ووزّعت الحركة بيانها التأسيسي في 14 ديسمبر، مع بدايات الانتفاضة الأولى (1987 ـ 1993)، ثم صدر ميثاق الحركة في اوت 1988، ولعل أبرز ما ذكره ميثاق "حماس" هو تأكيدها على "عدم أحقية اليهود في فلسطين، غير أنها لا تمانع في القبول، مؤقتاً وعلى سبيل الهدنة، بحدود 1967، من دون الاعتراف لليهود بأي حق لهم في فلسطين التاريخية وبعد أربع سنوات على تأسيسها، أبعدت سلطات الاحتلال أكثر من 400 شخص من قيادات "حماس" إلى جنوب لبنان عام 1992، وشكّلت هذه العملية منعطفاً هاماً في حضور الحركة على الصعيد الإعلامي العربي الدولي طُرح اسم حماس للمرة الأولى في مجلس الأمن حين أُبعد 400 من قيادييها إلى الحدود مع لبنان في عام 1992، فللمرة الأولى طُرح اسم "حماس" على طاولة مجلس الأمن، وذلك بعد صمود المبعدين، الذين سكنوا في خيام على الحدود اللبنانية، ورفضهم دخول لبنان حتى أجبروا إسرائيل على إعادتهم لبلادهم. وفي عام 1996 دخلت الحركة مرحلة خطيرة، ونفذت سلسلة من العمليات داخل إسرائيل، تحت مسمى "الثأر المقدّس"، ردّاً على اغتيال أحد أبرز قادتها، يحيى عياش، وبعد تلك العمليات عُقد مؤتمر شرم الشيخ، بحضور دولي كبير، وتمّ خلاله تصنيف الحركة على أنها "منظمة إرهابية"، وباتت ملاحقة مالياً وسياسياً، وأعقب ذلك حملة اعتقالات واسعة لعناصرها من قبل السلطة الفلسطينية، وتم إغلاق مكاتب الحركة في الأردن وطرد قياداتها مما أدى إلى خلخلة الحركة بشكل كبير. وتجاوزت "حماس" هذه المرحلة، وأعادت بناء نفسها مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000، التي عادت فيها إلى تكثيف عملياتها الاستشهادية داخل إسرائيل. 

المنعطف التاريخي للحركة.. انتخابات 2006

في عام 2006 دخلت "حماس" منعطفاً جديداً، كانت له أبعاده على مستقبل الحركة، التي قررت خوض الانتخابات التشريعية، وتمكنت من الفوز فيها وشهدت مرحلة تشكيل الحكومة العاشرة، حرباً أهلية في عام 2007، بين "حماس" وحركة "فتح"، تلاه اتفاق مكة للمصالحة وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية، التي لم تدم طويلاً حتى تجددت الاشتباكات الدامية التي انتهت بسيطرة "حماس" على غزة، وإقالة الرئيس محمود عباس لحكومة المصالحة برئاسة إسماعيل هنية وقبل سيطرة "حماس" على غزة عام 2007 تمكنت في 2006 من تنفيذ عملية عسكرية داخل موقع كرم أبو سالم العسكري الإسرائيلي، وخطفت الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليت، الذي عادت وأفرجت عنه في صفقة تبادل أبرمتها مع إسرائيل برعاية مصرية في شهر أكتوبر/تشرين الأول عام 2011، تم بموجبها الإفراج عن 1027 أسيراً فلسطينياً وفي منتصف عام 2007 شكلت "حماس" حكومة جديدة برئاسة هنية، وواجهت في أواخر 2008 ومطلع عام 2009 حرباً إسرائيلية شرسة، أدت إلى استشهاد 1500 فلسطيني وجرح 5000 آخرين، وتدمير واسع في البنية التحتية للقطاع. تجاوزت حركة "حماس" مرحلة الحرب، ولجأت إلى حفر الأنفاق على حدود مصر في محاولة للتخلص من الحصار الذي فرضته عليها إسرائيل. وبعد نهاية الحرب في 22 جانفي عام 2009 وحتى عام 2011 لم تنجح كافة المحاولات لإنهاء مرحلة الانقسام الفلسطيني بين الضفة الغربية التي بات يحكمها عباس، وغزة

اغتيال الجعبري.. وقصف تل أبيب للمرة اأمولى

في 14 نوفمبر 2011، واجهت "حماس" مرحلة جديدة، بعد أن اغتالت إسرائيل نائب القائد العام لـ"كتائب القسام" أحمد الجعبري في مدينة غزة، وبدأت معركةً ثانية استمرت ثمانية أيام أدت إلى استشهاد 170 فلسطينيا وجرح 5000 آخرين، بالإضافة لتدمير واسع في المنشآت والبنية التحتية في غزة انتهت تلك الحرب، التي تمكنت "حماس" فيها للمرة الأولى، من قصف مدينتي تل أبيب، العاصمة الاقتصادية لإسرائيل، والقدس المحتلة، وذلك بتدخل تركي ومصري وقطري وأميركي. أبرمت الحركة اتفاقاً للتهدئة مع إسرائيل، بوساطة مصرية، نصّ على وقف إطلاق النار والسماح بحرية حركة الأفراد والبضائع، وإلغاء المنطقة العازلة على الحدود الشرقية لغزة، والسماح للصيادين بالعمل لمسافة ستة أميال بحرية انتهت مرحلة حرب الأيام الثمانية. 

 انقلاب مصر.. واشتداد الحصار على غزة وحماس

بعد قرابة عام ونصف العام عاد الحصار ليشتد على حركة "حماس" بعد عزل الرئيس المصري محمد مرسي، المنتمي إلى جماعة "الإخوان المسلمين"، فهدم الجيش المصري كافة الأنفاق على حدود غزة، وأغلق معبر رفح، وواجهت "حماس" أزمة مالية خانقة لم تستطع على إثرها توفير رواتب موظفيها بشكل كامل، أو المصاريف التشغيلية لحكومتها استمرت هذه المرحلة منذ منتصف عام 2013، وحتى اندلاع المواجهة من جديد مع إسرائيل في 13 جوان الماضي حين فُقد ثلاثة مستوطنين إسرائيليين في الضفة الغربية، اتهمت إسرائيل "حماس" باختطافهم وقتلهم وبدأ التصعيد العسكري الإسرائيلي ضد الحركة بعد حادثة فقدان المستوطنين الإسرائيليين، وبلغ ذروته في 6 جويلية، باغتيال الجيش الإسرائيلي لستة من عناصر "كتائب القسام" في مدينة رفح، جنوبي قطاع غزة، ليبدأ الاحتلال قصفه غزة بكثافة في اليوم التالي وردت "كتائب القسام" في اليوم التالي بقصف مواقع إسرائيلية عدة برشقات من الصواريخ، قبل أن تطلق إسرائيل مساء ذلك اليوم عملية، أطلقت عليها اسم "الجرف الصامد" هدفت إلى تدمير البنية التحتية لـ"حماس" في غزة ولم تنجح الحرب التي استمرت 51 يوماً في إنهاء الحركة، التي أبدعت في إظهار قدراتها وسجلت كفاءة عالية في التجهيز لهذه الحرب، وكانت الأنفاق الهجومية أحد أهم إبداعات "القسام"، لكن الحركة لم تتمكن من تحقيق إنجاز سياسي يوازي إنجازاتها العسكرية، نتيجة الوضع الإقليمي الذي لم يكن في صالحها هذه المرة امتدت جذورها عميقا عبر تاريخ الدعوة الإسلامية الخالدة منذ انطلاقتها، ولم تكن منفصلة في أفكارها وانتمائها عن أمتها وهويتها الإسلامية، حتى باتت راسخة بدعوة الإمام الشهيد حسن البنا اشتد عود الكتلة الإسلامية، الذراع الطلابي لحركة حماس، بدعوة الإمام الشهيد أحمد ياسين لتصير كتلة إسلامية الهوية، حماسية الفكر، إخوانية المنهج لم يكن موعد انطلاقة الكتلة الإسلامية في فلسطين قبل انطلاقة حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بعشر سنوات تقريبا مجرد صدفة، لكن رجالها كانوا يستعدون لولادة المارد الذي سيبعث الأمل من جديد لتحرير فلسطين منذ انطلاقتها في منتصف الثمانينيات، سعت الكتلة الإسلامية إلى إعداد الرجال والقادة الذين حملوا على أكتافهم عرش الحماس الشامخ في كل أنحاء فلسطين، ليكون قادة الحركة الطلابية والكتلة الإسلامية؛ هم قادة الحركة ومجاهدوها في كل ميادين العمل والجهاد

حماس تجدد الوعي الجهادي لطلبة الجامعات

رغم اقتصار نشاطاتها على المجالات الطلابية داخل الجامعات، إلا أنه ومع انطلاق حركة حماس، تجدد الوعي الجهادي لدى طلبة الجامعات الفلسطينية، وأضافت الانطلاقة عام 1987 جوا حماسيا هاما مساندا لدور الكتلة الإسلامية الدعوي والنقابي في الجامعات يقول القيادي في حركة حماس حسام بدران -الذي كان ناشطا في الكتلة الإسلامية أثناء انطلاقة الحركة في جامعة النجاح- "لاشك أنَّ شريحة الطلاب هي من أكثر الفئات تأثيرا في الثورات والمقاومة وأضاف: "لقد عملت حماس بصورة مركز على هذه الفئة ولسنوات طويلة، واستطاعت أن توجد جيلا من الشباب الثوري المتسلح بالعقيدة الواعي بالمرحلة المستعد للتضحية القادر على الإبداع والابتكار" وبهذا الإعداد الفكري والإيماني والجهادي لأبنائها، استطاعت الكتلة الإسلامية تخريج كوكبة من القادة المجاهدين الذين تركوا بصماتهم في تاريخ جهاد الشعب الفلسطيني نحو حريته ويضيف بدران: "خرجت الجامعة الغالبية العظمى من قيادة الحركة وكوادرها على المستوى السياسي والعسكري والجماهيري، وهؤلاء هم من قادوا الانتفاضتين وكانوا في الصفوف الأولى في مواجهة المحتل"

تاريخ جديد بعد "حماس"

لا شك أن انطلاقة حركة حماس في عيون الفلسطينيين كانت بداية لتاريخ جديد وانطلاقة ميمونة خاصة في عيون أبناء الكتلة الإسلامية الذين كانوا ينتظرون تلك اللحظة بفارغ الصبر لما قدمته أيديهم وليحصدوا زرعهم المبارك في أرض جهادهم يقول عدنان أبو تبانة -أحد قيادات الكتلة الاسلامية سابقا-: "جاء إلينا الشهيد إسماعيل أبو شنب وقال لي اقرأ. قلت : ماذا أقرأ ؟ أخرج من جيبه ورقة فإذا به بيان الانطلاقة الأول، كان قادما من هناك، من أرض غزة، كان حينها مدرسا في كلية الهندسة في جامعة النجاح" يتابع: "قرأت البيان، قلت من هم؟ ح، م، س؟ قال لي: هؤلاء من كنتم تنتظرون منذ النكبة، اليوم يبدأ تاريخ جديد، ويبدأ عهد جديد، إنهم إخوانكم الذين انطلقوا في غزة وحان وقت الانطلاق في الضفة، احزموا الأمتعة، واذهبوا إلى مدنكم وقراكم، وأشعلوها ثورة، وأعلنوها انتفاضة". 

مراد.ب

من نفس القسم دولي