دولي

عبد الفتاح السيسي وتصفية المقاومة في قطاع غزة

القلم الفلسطيني

 

قرار النائب العام المصري برفع قضية ضد قوات عز الدين القسّام لدى محكمة الاستئناف بهدف استصدار قرار باعتبار قوات عز الدين القسّام الجناح العسكري لحركة حماس، حركة إرهابية، يجب اعتباره، أولاً بأنه قرار صادر من أعلى هرم الدولة المصرية، أي من الرئاسة المصرية مباشرة. ومن ثم لا علاقة له باختصاصات النائب العام، أو محكمة الاستئناف، فهو قرار تتخذه القيادة السياسية. ولا علاقة للقضاء به، وهذا ما درجت عليه عالمياً كل القرارات السياسية المتعلقة بالإرهاب، وترتكز هذه القرارات على جملة عمليات عسكرية قامت بها الحركة المتهمة بالإرهاب، وهي في الغالب تكون موجهة ضدّ مدنيين. ولا يأتي دور المحاكم إلاّ لاحقاً بعد سنّ قوانين حول الإرهاب، لا تستطيع القيادة السياسية المصرية اتهام قوات عز الدين القسّام بالإرهاب، وهي التي تشكّل العمود الفقري، والقوّة الأساسية، إلى جانب سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد، للمقاومة في قطاع غزة، أو لعمليات عسكرية موجهة ضدّ الاحتلال الصهيوني أو الكيان الصهيوني الغاصب في فلسطين، لهذا إن الطرف الذي دأب على اعتبار قوات عز الدين القسّام، أو الحهاد أو غيرهما من فصائل المقاومة الفلسطينية حركات إرهابية إنما هو نتنياهو ومن سبقه من قيادات لحكومات صهيونية، وهو ما لم تجرؤ عليه قيادة عربية أو إسلامية قط. بل كان العكس دائماً وهو اعتبار فصائل المقاومة الشعبية الفلسطينية حركات تحرّر وطني تحظى بدعم الشعب والأمّة، ولهذا كان على قيادة عبد الفتاح السيسي أن تدخل إلى الموضوع باتهام المقاومة في قطاع غزة بالإرهاب من خلال القضاء المصري أو في الأدّق من خلال طرف بعينه من القضاء المصري يقبل لنفسه القيام بهذه المهمة، وذلك لأن الدعوى القضائية ستتعتمد على التلفيق، أو من غير الممكن أن تحاكم قوات عز الدين القسام بتهمة الإرهاب على عمليات عسكرية وُجهت ضدّ العدو، أو مقابل النصر الذي قدمته المقاومة في حرب تموز/آب 2014 حيث تحقق انتصار ميداني على قوات الجيش الصهيوني وقد جاء مفخرة للأمة كلها. هذا بالإضافة إلى ما أنجزته فصائل المقاومة وفي مقدمها قوات عز الدين القسّام في حربَيْ 2008/2009 و2012 أو في العمليات العسكرية في الانتفاضتين الأولى والثانية وما بينهما، ناهيك عما جرى ويجري في القدس والضفة الغربية في هذه الأيام. 

هذه الحقائق تؤكد أن السياسات المصرية الحالية وعلى مختلف الأصعدة متجهة إلى بناء استراتيجية مصرية - فلسطينية - عربية – إسلامية، ولن تقتصر على ما نشهده راهناً، وذلك إذا ما كُتِب لها أن تمضي بنجاح في تجاوز هذه المرحلة الانتقالية ذات الرمال المتحركة تحت الجميع، ولهذا يمكن أن تقرأ استراتيجية نزع سلاح المقاومة في قطاع غزة، بالرغم من أضرارها وكارثيتها وخدمتها الكيان الصهيوني، بأنها جزء من مشروع مصري - عربي يريد التهدئة مع العدو الصهيوني للتفرغ إلى إعادة بناء محور عربي يواجه المحور الإيراني - السوري - العراقي - اليمني عربياً، فمصر السيسي خرجت من عزلتها الساداتية والمباركية (إلى حدٍ ما) لتلعب دوراً عربياً لا علاقة لها بالناصرية ولا بحركة التحرّر والاستقلال والمقاومة، وإنما دور سيغرق إلى آذانه في الصراع الداخلي والصراعات العربية - العربية والعربية - الإيرانية أو التركية كذلك كما يبدو حتى الآن من دون مغادرة الساداتية على مستوى التسوية والعلاقة بالعدو الصهيوني. 


منير شفيق

من نفس القسم دولي